تصفية القطاع العام في مصر وسياسات الإفلاس

الثلاثاء 19 يناير 2021 09:34 ص

تصفية القطاع العام في مصر وسياسات الإفلاس المعلنة

تندرج قرارات تصفية القطاع العام في سياسات الخضوع لبرامج صندوق النقد الدولي لاستدرار مزيد من القروض وتتذرع ببرامج التعديل الهيكلي.

تصفية القطاع العام ليست سوى مظهر لسياسات الإفلاس والعجز وتخريب الاقتصاد ورعاية الفساد على حساب قوت الشعب ومنجزاته وتاريخه الوطني.

اتخذ نظام السيسي قرار تصفية شركة الحديد والصلب بما يطوي صفحة مضيئة من تاريخ التصنيع المصري ويشرد 7300عامل.

*     *     *

بعد مرور 67 عاماً على إطلاقها كواحدة من أبرز مشاريع الصناعة الوطنية المصرية، والتي اكتسبت أيضاً بعداً عربياً ضمن سياسات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، اتخذ نظام السيسي قرار تصفية «شركة حلوان للحديد والصلب» بما يطوي صفحة مضيئة من تاريخ التصنيع المصري، ويشرد قرابة 7300 عامل.

ومن المثير للحزن، ويفسر غضب ملايين المصريين، أن هذا القرار لم ينهض على موجبات اقتصادية أو صناعية أو استثمارية سليمة، بالنظر إلى أن الشركة تمتلك من الأصول ما يكفل رفع مستوى أدائها وإنتاجيتها، فضلاً عن مسارعة آلاف المصريين إلى إبداء الاستعداد للمشاركة في اكتتاب خاص بقيمة 100 جنيه للسهم ينتشل الشركة من أي متاعب مالية يمكن أن تواجهها.

وفي موافقتها على التصفية، والتقسيم إلى شركة حديد وصلب وشركة مناجم ومحاجر، كانت الجمعية العمومية قد بررت قرارها بالرغبة في زيادة استغلال الخام المصري ورفع قيمته الاقتصادية وفصل نشاط المناجم والمحاجر.

وهذه جميعها ذرائع واهية لإخفاء السبب الحقيقي والأبرز، المتمثل في اتجاه نظام السيسي نحو خصخصة شركات القطاع العام، الكبرى منها والصغرى أيضاً، تلبية لاشتراطات صندوق النقد الدولي من جهة أولى.

وكذلك تمكين شركات الجيش من الاستيلاء على تعهدات كبرى وإقامة مشاريع استعراضية واهية تفتح أكثر فأكثر أبواب الفساد والإثراء غير المشروع أمام رجال النظام.

وتشير المعلومات المتوفرة حتى الساعة إلى أن وزارة قطاع الأعمال في مصر اعتزمت تصفية 29 شركة حكومية بدأت ببعضها فعلياً في العام الماضي 2020 وتنوي استكمالها خلال العام الحالي 2021.

كذلك يجري التخطيط لدمج أكثر من 30 شركة قابضة في قطاع النسيج والملابس والقطن، وشركات التشييد والبناء، والنقل البري والبحري، والصناعات الكيميائية، والأدوية، والتأمين، والسياحة.

كابوس التصفية يخيم على عشرات الشركات في القطاع العام المصري، تنتظر مصيراً مأساوياً لما شهدته من قبل شركة النصر للمراجل البخارية، وشركة طنطا للكتان، وسواها من مصانع يضعها نظام السيسي تحت سطوة قانون الخصخصة رقم 203 والذي يحيل غالبية جهات القطاع العام إلى شركات قابضة تمنح جمعياتها حق بيع أصولها.

هنالك في المقابل رفض شعبي واسع النطاق ولا يقتصر على عمال الشركات ذاتها، وخاصة «شركة حلوان للحديد والصلب» ذات القيمة الرمزية الخاصة بل يمتد ليشمل شرائح مختلفة من المواطنين، ولا ينعكس في وقفات الاحتجاج والتظاهرات التي ينظمها العاملون في شركات القطاع العام بل يشارك فيه عدد من النشطاء والمحامين الذين قرروا رفع دعاوى أمام القضاء ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير قطاع الأعمال لوقف تنفيذ القرار الصادر بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية.

وكذلك بسبب امتناع هؤلاء عن السماح بطرح الشركة أمام اكتتاب أعربت غالبية المواطنين المصريين عن رغبة واضحة في الإقبال عليه بغرض الحفاظ على القطاع العام وشركاته ذات القيمة التاريخية والوطنية.

والثابت بالطبع أن قرارات تصفية شركات القطاع العام إنما تندرج في سياسات عامة قوامها الخضوع لبرامج صندوق النقد الدولي لاستدراج المزيد من القروض تحت شعارات زائفة تتذرع ببرامج التعديل الهيكلي، لكنها في حقيقتها ليست سوى مظاهر متعاقبة لسياسات الإفلاس والعجز وتخريب الاقتصاد ورعاية الفساد، على حساب قوت الشعب ومنجزاته وتاريخه الوطني.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر، القطاع العام، شركة الحديد والصلب، صندوق النقد الدولي، التعديل الهيكلي، سياسات الإفلاس والعجز،  نظام السيسي،

للعام الخامس على التوالي.. انخفاض عدد العاملين في القطاع العام المصري

جراء أزمات داخلية وخارجية.. الإفلاس يهدد 5 دول عربية