من المسؤول عما يحصل في السودان؟

الاثنين 25 يناير 2021 08:43 ص

من المسؤول عما يحصل في السودان؟

لعب البرهان وحميدتي دورا في التطبيع مع إسرائيل ويتحمّلان الدور الأكبر في أي فشل اقتصادي أو سياسيّ يحصل في السودان.

خطابا البرهان وحميدتي مضللان لأنهما ينكران المسؤولية عن تردي الأوضاع الحالية من الركنين الأساسيين بالمنظومة العسكرية ـ السياسية الحاكمة.

تراجع الأوضاع الأمنية، والتدهور الاقتصادي الاجتماعي لا يمكن حلّهما بإعادة نظام الطغيان العسكري الذي جرّبه السودان عقودا.

بل بدعم المسار الانتقالي وتعزيز الديمقراطية وتمكين الحكومة المدنية وأي اتجاه آخر سيعيد دورة الفساد والطغيان ويقذف بالسودان في هاوية مجددا.

*     *     *

تظاهر مئات السودانيين في مدينتي الخرطوم وأمدرمان أمس الأحد حاملين الأعلام الوطنية وصور قتلى ومفقودين، مطالبين بـ«القصاص لشهداء ثورة 19 كانون الأول/ ديسمبر 2018» ومنددين بتردي الأوضاع الاقتصادية، وترددت خلال الاحتجاجات شعارات الحرية والعدالة والقصاص.

وقدّر ائتلاف «قوى إعلان الحرية والتغيير» الذي قاد الحراك الشعبي، عدد قتلى عملية فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، التي جرت في 3 حزيران/يونيو بـ128 شخصا، وقد حمّل الائتلاف مسؤولية المجزرة بواسطة قوات «الدعم السريع» التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي.

وكان حميدتي قد ألقى خطبة مؤخرا في ميدان تخريج دفعة جديدة من قوات الصاعقة التابعة له، هاجم فيها الحكومة الانتقالية القائمة، واعتبر أن البلاد منهارة سياسيا وأمنيا واجتماعيا واقتصاديا وتعمها الفوضى، وأن الوضع الاقتصادي تدهور بصورة مزرية.

وقد ازداد التضخم وارتفعت الأسعار حتى استحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم، وهو ما اعتبره معلقون سودانيون عديدون إعلان حرب على المكون المدني في الحكومة، أو بيان انقلاب عسكري.

تزامن الخطاب العسكري مع اشتعال الحدود بين السودان وإثيوبيا، وإصابة جنود بانفجار قوي في معسكر للجيش على حدود ولايتي القضارف وسنار.

ثم انفجرت أحداث عنف قبلي في دارفور مما خلفت مئات القتلى والجرحى، وقالت الحكومة إن «الأوضاع في غرب دارفور هي الأسوأ منذ العام 2003» وأخفق مجلس الأمن بعدها في الاتفاق على بيان مشترك حول تلك الأحداث.

سبق خطاب حميدتي، الذي هو نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، تصريح لعبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس، وكان مقصوده أكثر وضوحا حتى من خطاب حميدتي، فالبرهان حمّل الحكومة الانتقالية مسؤولية الفشل «في تحقيق طموح الجماهير» مشيرا إلى أن «معاناة المواطنين زادت».

الرجلان هما أكبر شخصيتين قياديتين ضمن النظام القائم، وقد استخدما مكانهما المحصّن داخل هذا النظام لمنع بعض إجراءات الحكومة، فيما يخص منعها من التحكم بأموال شركات الجيش، كما لعبا دورا في مسألة التطبيع مع إسرائيل، وهما يتحمّلان بالتالي الدور الأكبر في أي فشل اقتصادي أو سياسيّ يحصل في السودان.

خطابا البرهان وحميدتي مضللان لأنهما يحملان إنكارا للمسؤولية عن تردي الأوضاع الحالية من الركنين الأساسيين في المنظومة العسكرية ـ السياسية الحاكمة.

وهما خطيران، لأنهما يفصحان بوضوح عن رغبة المكوّن العسكري المتواصلة في التخلص من نتائج ثورة 19 كانون الأول/ديسمبر 2018، التي انتفضت على نظام حسن عمر البشير، والانقضاض على الحكومة الانتقالية، وعلى ممثليها المدنيين، وهو جذر ما حصل خلال مذبحة فض الاعتصام.

لقد ساهم وجود المكوّن المدني، الذي قاد الحراك الشعبي، ضمن مجلس السيادة والحكومة الانتقالية في تطبيع وضع السودان مع المجتمع الدولي، وإخراجه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وتمكّن من تفكيك عقد سياسية موروثة، ومنها العلاقات مع المعارضة المسلحة، وهي خطوات مهمّة لتأمين سيرورة سياسية تبدّل ديناميّة الاستبداد السابقة، ما يساعد في تعزيز أسس التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكنّ هذه الحكومة بقيت مقيّدة، ومحدودة الصلاحيات.

تراجع الأوضاع الأمنية، والتدهور الاقتصادي والاجتماعي، لا يمكن، بالتأكيد، حلّهما، بإعادة نظام الطغيان العسكري الذي جرّبه السودان على مدى عقود، بل بدعم المسار الانتقالي، وتعزيز الديمقراطية، وتمكين الحكومة المدنية، وأي اتجاه آخر سيعيد دورة الفساد والطغيان، ويقذف بالسودان في لجة الهاوية من جديد.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، البرهان، حميدتي،  الحراك الشعبي، مجلس السيادة، التدهور الاقتصادي الاجتماعي، الأوضاع الأمنية، العسكر، المسار الانتقالي، الديمقراطية، الفساد، الطغيان،