الانتخابات الفلسطينية.. بداية جديدة أم شرعنة للوضع القائم؟

الأحد 31 يناير 2021 01:56 ص

كانت رسالة من رئيس حركة "حماس" الفلسطينية "إسماعيل هنية" كافية لإطلاق مرسوم رئاسي طال انتظاره من قبل رئيس السلطة "محمود عباس" هذا الشهر يحدد جدولاً زمنياً للانتخابات.

وبعد شهور من المفاوضات والاجتماعات بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين، "فتح" و"حماس"، ستُجرى انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في 22 مايو/أيار، ثم تليها انتخابات رئاسية في 31 يوليو/تموز وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني في 31 أغسطس/آب.

وقبل رسالة "هنية". كانت "حماس" متمسكة بإجراء الانتخابات الثلاثة في وقت واحد.

وشرح الناطق باسمها "حازم قاسم" تغيير موقف "حماس" بقوله إنه "رغم رغبتها في إجراء انتخابات متزامنة، إلا أنها وافقت على جدول عباس من أجل الوحدة".

وتابع "قاسم" أن هناك العديد من القضايا التي يجب حلها من الآن وحتى بداية الانتخابات.

لكن بالتأكيد، كان يجب حل القضايا الرئيسية قبل الموافقة على الانتخابات.

ولقي المرسوم ترحيباً من قبل العديد من الفلسطينيين الذين حرموا من الديمقراطية منذ انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة في عام 2006.

كما رحبت به معظم الفصائل الفلسطينية باعتباره وسيلة أساسية لاستعادة شرعية الهيئات الثلاث.

لكن برزت مجموعة من الإشكالات إحداها هي الطريقة التي صدر بها المرسوم، باستخدام شعار دولة فلسطين.

وبينما اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقب غير عضو في عام 2012، لم تعترف بها إسرائيل ولا الأعضاء الرئيسيون في المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة.

لذلك فإن استخدام هذا الشعار في المرسوم يثير تساؤلات.

وبالطبع فإن منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل المعترف به دولياً للفلسطينيين، تعتبر فوق الدولة والسلطة الفلسطينية.

تم الطعن في شرعية المرسوم الانتخابي من قبل بعض الخبراء القانونيين لكن المشكلة الرئيسية تكمن في العملية ذاتها، حيث أن إجراء انتخابات المجلس التشريعي أولاً، يشير إلى أن الهدف هو إضفاء الشرعية على السلطة الفلسطينية والوضع الراهن الذي أوجدته اتفاقيات أوسلو، بدلاً من الشروع في إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.

وقد تبدو الحجة القائلة بضرورة إضفاء شرعية جديدة على مؤسسات السلطة الفلسطينية سليمة وضرورية، حيث أجريت الانتخابات الأخيرة قبل 15 عامًا وحل "عباس" المجلس التشريعي في عام 2018.

لكن هذا لا ينبغي أن يتفوق على الأسئلة الأكثر أهمية التي تواجه الفلسطينيين وقضيتهم.

ويعتبر إجراء انتخابات المجلس التشريعي أولاً بمثابة وضع العربة أمام الحصان.

لقد صُممت أدوار السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي والرئاسة لتعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، تاركة ملايين الفلسطينيين في مناطق 1948 ومخيمات اللاجئين والشتات خارج المعادلة.

بينما يعتبر المجلس الوطني الفلسطيني هو الذي يمثل جميع الفلسطينيين.

وبموجب المرسوم، من المقرر إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وهو أعلى هيئة تمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في المرحلة الأخيرة.

لم يتم الإعلان عن العدد الإجمالي للمقاعد ولكن يُعتقد أنه 350 مقابل 700 عضو تقريبا في الوقت الحالي.

ومن بين 350 عضو، سيشارك 132 من أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين في مايو/أيار في المجلس الوطني.

ويوفر المرسوم معلومات قليلة جدًا حول كيفية إعادة بناء المجلس، باستثناء أن ذلك سيتم وفقًا للقانون الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي ينص على أن "يتم انتخاب أعضاء المجلس الوطني من قبل الشعب الفلسطيني بالاقتراع المباشر، وفقا لنظام تضعه اللجنة التنفيذية لهذا الغرض".

((3)

ويثير ذلك سلسلة من الأسئلة العملية، بما في ذلك كيف سيصوت الفلسطينيون خارج الأراضي المحتلة؟ وسيتطلب هذا قدرًا كبيرًا من العمل، والذي من غير المرجح أن يكتمل بحلول 31 أغسطس/آب.

كما أن هناك سؤلا رئيسيا آخر وهو كيف سيشارك الفلسطينيون في الدول العربية وخاصة الأردن؟

دعا "عباس" في مرسومه لجنة الانتخابات للتحضير لانتخابات المجلس التشريعي، لكن ليس لانتخابات المجلس الوطني.

فمن سيتولى هذه المهمة الصعبة للغاية، وهل لديهم كل ما يحتاجون إليه؟

وفي غضون ذلك، فإن هناك خللا آخر في انتخابات يوليو/تموز الرئاسية، فبينما سيكون التصويت لـ"رئيس دولة فلسطين"، فإن التصويت سيكون متاحا فقط للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، ويمنع ذلك الفلسطينيين في الشتات من اختيار رئيس دولتهم.

ولم يذكر المرسوم رئيس السلطة الفلسطينية.

ويترأس "عباس" حاليًا كلا من السلطة الفلسطينية ودولة فلسطين، بينما يرأس أيضًا منظمة التحرير الفلسطينية وفتح.

لذلك فإذا قرر "عباس" الترشح للانتخابات كرئيس، فسيحتفظ بكل هذه الأدوار.

ولكن ماذا لو فاز شخص آخر في الانتخابات؟

هناك خطورة كبيرة بصرف النظر عن الشكوك حول إمكانية عقد الانتخابات فعليا، بسبب تعقيد العمليات المطلوبة والتدخل الإسرائيلي المفترض على الأقل في القدس الشرقية المحتلة، فقد كان هناك القليل من النقاش حول انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، وكان التركيز الكامل على انتخابات المجلس التشريعي.

وكان من المنطقي أن تأتي انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني أولاً.

تقف القضية الفلسطينية على مفترق طرق، فاقمها فرض الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" العديد من بنود "صفقة القرن" والموجة الأخيرة لاتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.

وبسبب هذه الظروف فإن الحاجة تشتد إلى انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني الجديد والممثل للجميع والذي سينظر في خيارات النضال من أجل التحرير في المستقبل.

وسيتحقق ذلك من خلال انتخاب قيادة جديدة تنظر فيما إذا كانت السلطة الفلسطينية ضرورية، أو ما إذا كانت تتطلب إصلاحًا من حيث دستورها وطريقة مساءلتها.

ويجب أن نتجنب إضفاء الشرعية على الوضع الراهن والعودة إلى التعاون الأمني ​​مع إسرائيل والمفاوضات غير المثمرة التي تتوسط فيها الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي "جو بايدن".

هل ستنهي الانتخابات، في حال إجرائها، الانقسامات التي أربكت الفلسطينيين لأكثر من عقد، أم ستؤدي إلى تفاقمها؟

إذا أخرجت إسرائيل الانتخابات عن مسارها، يمكن لـ"عباس" أن يقول إنه قام بدوره لكن تل أبيب خرجت عن مسارها، ويمكن أن يستمر الوضع الراهن لسنوات عديدة أخرى، مع كل الضرر الذي سيلحقه ذلك بالقضية الفلسطينية.

المصدر | كامل حواش/ ميدل ايست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الفلسطينية محمود عباس اسماعيل هنية المجلس الوطني الفلسطيني المجلس التشريعي

هنية يبحث مع ملادينوف مسار الانتخابات الفلسطينية

تفاصيل رسالة هنية لعباس بشأن المصالحة وإجراء الانتخابات الفلسطينية

أمين سر فتح: الانتخابات الفلسطينية ستجرى في القدس رغما عن إسرائيل