الدولار القوي يغيّر المعادلة

الأحد 31 يناير 2021 09:10 ص

الدولار القوي يغيّر المعادلة

انتعاش الدولار المفاجئ حيّر المستثمرين لأن هذا الارتداد لا يتناسب مع توقعات المحللين التي تنبأت باتجاه هبوطي للعملة.

ساهمت لقاحات كوفيد-19 في إحداث انتعاش عالمي والتخفيف من الضغوط على الأنظمة المالية بشكل كبير.

أدت كل التكهنات المالية لتعهد مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بالإبقاء على أسعار الفائدة قرب الصفر حتى 2023.

بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس قلقاً بشأن ارتفاع عوائد السندات مما يقوض أي تكهنات متعلقة بتبني الاحتياطي سقفاً صارماً لمستويات هذه العوائد.

التضخم المتفشي بأمريكا و«انخفاض قيمة الدولار» يشكلان عامل تغيير تاريخي للعبة لكننا ما زلنا بعيدين عن ذلك بينما نشهد تذبذباً بأسواق أسعار الفائدة.

*     *     *

رغم ارتفاع معظم أطياف التداول الجماعي في الأسابيع الأولى من العام، إلا أن هنالك أمراً ما حيّر المستثمرين العالميين، ألا وهو الانتعاش المفاجئ للدولار الأمريكي. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن هذا الارتداد لا يتناسب مع توقعات المحللين التي تتنبأ باتجاه هبوطي للعملة.

وساهمت لقاحات كوفيد-19 في إحداث انتعاش عالمي والتخفيف من الضغوط على الأنظمة المالية بشكل كبير، كما يبدو أن المخاطر السياسية حول الانتخابات الأمريكية قد مرت، مع مواصلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي التفوق على المصارف المركزية الأخرى في شراء السندات وزيادة الميزانية العمومية.

ووجد مديرو الصناديق العالمية في استطلاع أجراه بنك أوف أمريكا الشهر الماضي أن «بيع الدولار على المكشوف»، هو ثاني أكثر التداولات ازدحاماً في العالم، بعد أسهم التكنولوجيا الأمريكية.

كما أبرمت صناديق التحوط في نهاية أول أسبوع من يناير الجاري أكبر صفقة بيع على المكشوف للدولار منذ أربعة أشهر تقريباً.

إلا أن مزيجاً من هذه الأحداث، إضافة إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، التي تغذيها رهانات التحفيز المالي المتزايدة مع فوز الديمقراطيين بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا، دفع المحللين إلى إعادة التفكير.

وتخلى كل من «مورغان ستانلي» و«دويتشه بنك» عن توقعاتهما الأخيرة حيال ضعف الدولار على المدى القريب، حيث أشارا إلى أنهما يتخذان الآن موقفاً محايداً، حتى لو وصف «دويتشه» التغيير بأنه «تكتيكي» إلى حد كبير.

ومع ذلك، رأى المستثمرون تحولاً مع الإعلان عن نتائج انتخابات مجلس الشيوخ، حيث تشير التوقعات المتعلقة بالسياسات المالية الجديدة إلى تخفيف الضغط عن الاحتياطي الفيدرالي.

وقال ديفيد بيج، رئيس الأبحاث في شركة «أكسا انفستمنت مانجرز»: «إن احتمال وضع المزيد من السياسات المالية وتقليل التحفيز النقدي يجب أن يدعم الدولار الأمريكي».

ورغم أن مؤشر الدولار، الذي تجاهل فعلياً عوائد سندات الخزانة الأمريكية التي ارتفعت بشكل مطّرد منذ أغسطس، ارتفع بنسبة 1.5% هذا الأسبوع، مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 25 نقطة أساس إلى أكثر من 1% منذ بداية مارس الماضي.

وبارك نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي ريتشارد كلاريدا هذه الخطوة يوم الجمعة بالقول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس قلقاً بشأن ارتفاع عوائد السندات، مما يقوض أي تكهنات متعلقة بتبني الاحتياطي سقفاً صارماً لمستويات هذه العوائد.

وبعد كل شيء، وفي حال أضاف اكتساح الديمقراطيين مجلس الشيوخ حافزاً مالياً، جنباً إلى جنب مع سياسات الاحتياطي الفيدرالي المتساهلة مع التضخم، فسيكون ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك مناسباً بما يكفي لدفع الأسهم والسلع بالاتجاه الصعودي، مما سيؤدي أيضاً إلى تراجع الدولار.

ومع ارتفاع العوائد الاسمية للسندات، تحركت توقعات تضخم السوق بدرجة أقل لأن العوائد الحقيقية للسندات، أو المحمية من التضخم، ارتفعت أيضاً. وتجاوزت توقعات التضخم لمدة 10 سنوات في تلك المجموعة 2% لأول مرة منذ عامين، إلا أنها استقرت فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي بنحو 2.10%. ولا تزال تلك المعدلات ضمن المستويات التي شهدناها على مدار السنوات العشر الماضية.

في غضون ذلك، أدت كل التكهنات المالية إلى تعهد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على أسعار الفائدة بالقرب من الصفر، حتى عام 2023.

ومع وصول المعدلات الاسمية إلى الصفر، كان انخفاض العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات إلى أقل من سالب 1% محركاً قوياً لخفض قيمة الدولار العام الماضي. وفي حال وضع الاحتياطي الفيدرالي سقفاً للعائدات الاسمية، كان ذلك سيؤدي إلى تراجع العوائد إلى المنطقة السلبية، والذي من شأنه تخفيض قيمة الدولار.

ويبقى الاتجاه الجديد للدولار حاسماً للظروف المالية العالمية في عالم لا يزال يعتمد بشدة على البنوك أو يقترض بالدولار، وحيث لا تزال الطاقة والسلع والكثير من التجارة مقومة بالدولار.

ومن الواضح أن التضخم المتفشي في الولايات المتحدة و«انخفاض قيمة الدولار» يشكلان عامل تغيير تاريخي للعبة، لكننا ما زلنا بعيدين جداً عن ذلك، في وقت نشهد فيه تذبذباً في أسواق أسعار الفائدة.

* مايك دولان محرر الأسواق المالية في «رويترز»

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

سندات، الاحتياطي الفيدرالي، انتعاش مفاجئ، الدولار، التضخم، صناديق التحوط، لقاحات، كوفيد-19،

الدولار قرب أعلى مستوى في شهرين بفضل التعافي الأمريكي