استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمات النظام العالمي في حوارات دافوس

الاثنين 1 فبراير 2021 09:41 ص

أزمات النظام العالمي في حوارات دافوس

دعا بوتين لنظام دولي جديد بمؤسسات متخصصة ملائمة لتحقيق أربعة مطالب ضرورية لانتشال اقتصاد عالمي منهار.

خلل عالمي ولدته أفكار نيوليبرالية سادت العالم بعد نهاية الحرب الباردة وتبنت منطق التبادل الحر غير المقيد وللفاعلية الإنتاجية الحرة.

اختيار مقولةَ «إعادة الضبط الكبرى» شعاراً لدورة منتدى دافوس هذه السنة في سياق استراتيجيات المواجهة العالمية لجائحة فيروس كورونا!

طالب ماكرون بنمط جديد من الرأسمالية الاجتماعية المسؤولة مقابل سياسيات نيوليبرالية سادت العالم في العقود الأربعة الأخيرة.

الخلل الأكبر في السياسات الدولية الحالية من عدم ضبط الوسائل التقنية الحاملة لدينامية العولمة باختزالها في مكاسب اقتصادية إنتاجية دون نظر لآثارها الاجتماعية.

*     *     *

في خطابه أمام منتدى دافوس المنعقد افتراضياً هذه الأيام، ذهب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التحذير من أن العالم سائر راهناً حول «حرب الكل ضد الكل»، معتبراً أن وضعية المنظومة الدولية تشبه إلى حدٍّ بعيد عالم ما بين الحربين، ولم يعد بإمكان المؤسسات الدولية القائمة ضبط التحديات النوعية التي يواجهها السلم العالمي والوضع الاقتصادي الكوني.

ولقد رأى بوتين أن المأزق الرئيس الذي يعانيه النظام العالمي هو انهيار الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن نمط الرأسمالية السائدة التي تقوم على تراكم الثروة، مع تفاقم التفاوت الاجتماعي.

ولم يعد بالمتاح مواجهة التحديات الحالية بالسياسات التقليدية، مثل القروض الميسرة الممنوحة للأفراد والشركات من أجل دفع الإنتاجية وتنمية الاستهلاك وسوق العمل.

ولقد خلُص بوتين إلى أن المطلوب هو إبداع نظام دولي جديد بمؤسسات متخصصة ملائمة لتحقيق المطالب الأربع الضرورية لانتشال الاقتصاد العالمي المنهار، وهي:

- خلق فرص جديدة للعمل بمكافآت مجزية،

- توفير المساكن الضرورية للفئات المشردة والمهمشة،

- تطوير الطب الوقائي والاستشفائي،

- توفير الخدمة التعليمية النوعية للشباب.

ومع أن لهجة بوتين بدت حادةً نوعاً ما، إلا أنها عكست بقوة أجواء الحوار السياسي بين قيادات العالم المتقدم حول أزمة النظام الدولي الحالي في أبعاده الاستراتيجية والاقتصادية.

ليس من محض المصادفة أن يختار المشرف على منتدى دافوس، الاقتصادي الألماني المعروف كلاوس شواب، مقولةَ «إعادة الضبط الكبرى» great reset شعاراً للدورة الجديدة للمنتدى التي التأمت هذه السنة في سياق استراتيجيات المواجهة العالمية لجائحة فيروس كورونا المستجد التي كشفت عن الثغرات الخطيرة في تركيبة وسياسات النظام الدولي القائم.

ومن أبرز هذه الثغرات، إخفاق إجراءات التحكم في الديناميكية المالية للاقتصاد المعولم، وتفاقم الفوارق الطبقية أفقياً وعمودياً، أي داخل المجتمع الواحد وما بين الفئات المندمجة في الثورة التقنية الجديدة واقتصادياتها والفئات المحرومة من الطفرة الحالية.

لقد خلُص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نقده لأزمات الاقتصاد العالمي إلى المطالبة بنمط جديد من «الرأسمالية الاجتماعية المسؤولة» في مقابل السياسيات النيوليبرالية التي سادت العالم في العقود الثلاثة الأخيرة،.

ودعا إلى استبدال «إجماع واشنطن» الذي انجر عنه النظام المالي ما بعد الحرب العالمية الثانية بإجماع جديد أطلق عليه «إجماع باريس» باستلهام تجربة الدفاع عن المناخ البيئي النظيف في وضع اقتصاد يراعي حاجيات الإنسان الحيوية ويقف دون التفاوت والغبن والإقصاء.

وإذا كان الرئيس الروسي بوتين قد حمل الشبكات الإلكترونية العملاقة مسؤولية الفوضى المرعبة التي يعانيها العالم الآن، معتبِراً أنها أصبحت تنافس الأمم وتهددها في سيادتها، فإن العديد من الأصوات الوازنة في الغرب الليبرالي خلُصت إلى النتيجة نفسها، معتبرةً أن الخلل الأكبر في السياسات الدولية الحالية هو عدم ضبط الوسائل التقنية الحاملة لديناميكية العولمة باختزالها في مكاسبها الاقتصادية الإنتاجية دون النظر إلى آثارها وانعكاساتها الاجتماعية.

إن هذا الخلل هو وليد الأفكار النيوليبرالية التي سادت العالم بعد نهاية الحرب الباردة، من حيث تبنيها لمنطق التبادل الحر غير المقيد وللفاعلية الإنتاجية الحرة، دون اعتبار للجوانب الإنسانية والاجتماعية من العملية التنموية التي تقتضي التمييز بين طبيعة الرأسمال المادي ومستويات الرأسمال الأخرى الرمزية والبشرية.

ومع أن المؤسسات المالية الدولية تبنت منذ بداية الألفية الجديدة مقولةَ التنمية الإنسانية في محدداتها الحقوقية ومنظورها المعياري والاجتماعي، إلا أنها لم تسعَ إلى وضع قواعد الضبط الضرورية للنظام الاقتصادي المعولم المنفلت من حدود وإجراءات التسيير السيادي للدولة القومية التي ما تزال الإطار الأوحد للمشاركة الديمقراطية المنظمة.

ما بينته جائحة كوفيد-19 هو أن كبريات دول العالم وجدت نفسَها في حالة عجز كلي عن احتواء الآثار المدمرة للجائحة وفق قواعد الشراكة الدولية التي لم تواكب تحولات الاندماج التقني والاقتصادي الكوني، في الوقت الذي لم تعد السياسات الصحية والاجتماعية القومية مهيأة للتعامل مع حالات الأوبئة العابرة للحدود.

ومن هنا لا يكون من المجدي الرجوع إلى المنطق السيادي التقليدي لحماية الأفراد والمجتمعات عبر أساليب الحماية والانكفاء. فقد أثبتت التجربة الأخيرة أن إجراءات التدخل العاجل والحجر المؤقت باهظة التكلفة ومحدودة ومؤقتة الأثر.

كما أن الجدل الواسع الذي واكب في أيامنا ما أطلق عليه بعض الباحثين الاستراتيجيين «جيوبولوتيك اللقاح»، أظهر للعيان زيف وهم الخلاص الانتقائي الذي تبنته الدول الكبرى للإفلات من الجائحة دون الاهتمام بالأمم الفقيرة المتروكة لمصيرها البائس.

* د. السيد ولد أباه أكاديمي وكاتب موريتاني

المصدر | الاتحاد

  كلمات مفتاحية

النظام العالمي، أزمة، دافوس، كوفيد-19، جيوبولوتيك اللقاح، الرأسمالية الاجتماعية، النيوليبرالية، إجماع واشنطن، النظام المالي، إجماع باريس، الحرب الباردة، إعادة الضبط الكبرى،

بلينكن: بعض التصرفات الأمريكية قوضت النظام العالمي

بسبب أوميكرون.. إرجاء دافوس 2022 إلى أوائل الصيف