حمدوك الثاني: هل سينجح الساسة حيث تعثر التكنوقراط؟

الأربعاء 10 فبراير 2021 08:32 ص

حمدوك الثاني: هل سينجح الساسة حيث تعثر التكنوقراط؟

ماذا لو طالب وزير الزراعة وليس وزير الدفاع بتعديل القانون العسكري الخاص بقوات الدعم السريع؟

أو إذا طالب وزير الصناعة، وليس وزير العدل، بفتح كامل ملفات مجزرة فض اعتصام القيادة العامة؟

ما الذي يضمن أن يتفوق الساسة على التكنوقراط، في ملاقاة مطامح الشارع الشعبي السوداني وتلبية حاجاته الماسة، أولاً وأخيراً؟

هل تحمل المقاربة الجديدة عناصر تكفي لحث المراقبين والشارع الشعبي على الاستبشار بفضائل واضحة للحكومة المقبلة؟

كيف تعترض لجنة التسمية في المجلس السيادي على وزير مقترح لأنه لم يجتز «الفحص الأمني» رغم أنه كان وزيرا في الحكومة السابقة؟

*     *     *

بعد تأخير استغرق أربعة شهور وانطوى على خلافات داخل الائتلاف الحاكم والقوى السياسية والمسارات المختلفة حول تسمية ممثليها، وإنذار من الجناح العسكري في السلطة بإعلان حكومة طوارئ، خرج رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بتشكيلة وزارية من 26 حقيبة فأضاف بذلك 8 حقائب جديدة على التشكيلة السابقة التي كانت الأولى بعد انتفاضة شعبية أطاحت بسلطة عمر البشير أواخر 2018.

وأول ما يسترعي الانتباه هو التغيير الجذري الذي أدخله حمدوك، ومن ورائه الائتلاف الحاكم في السودان، على المقاربة السابقة التي كانت قد اعتمدت توزير التكنوقراط وليس الساسة، فانقلبت الآية اليوم وذهبت حقائب إلى ممثلين عن «حزب الأمة» و«حزب المؤتمر» كما سجل منح حقيبة المالية والتخطيط الاقتصادي إلى زعيم «حركة العدالة والمساواة».

وإذا كانت مظاهر الغليان الشعبي واتساع نطاق الاحتجاجات على الأحوال المعيشية وأوضاع الاقتصاد وانهيار العملة الوطنية والمطالبة بإسقاط الحكومة مؤشرات صريحة على فشل خيارات حكومة حمدوك الانتقالية الأولى صيف 2019، فإنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت المقاربة الجديدة هذه تحمل من العناصر ما يكفي لحث المراقبين، والشارع الشعبي السوداني أولاً، على الاستبشار بفضائل واضحة مقبلة.

وعلى سبيل المثال الأول، كيف يمكن لوزيرة الخارجية في التشكيلة الجديدة أن تتولى ملف التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وهي شخصياً، على شاكلة سياسة الحزب الذي تمثله، مناهضة تماماً للتطبيع؟

وهل يعني اختيار هذه الوزيرة بالذات أن ملف التطبيع سوف يكون في عهدة الجناح العسكري في السلطة بصفة حصرية، وإذا صحّ ذلك فهل تقبل به دولة الاحتلال أو الولايات المتحدة راعية مشروع التطبيع ورفع السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب؟

وفي المثال الثاني، كيف تمكن حمدوك من تسمية 25 وزيراً لمختلف الحقائب، ثم علّق تسمية وزير لحقيبة التربية والتعليم، أو بالأحرى أرجأ التسمية بسبب خلاف حول الاسم بين المكونات السياسية، واعتراض بعض أعضاء لجنة التسمية في المجلس السيادي على وزير مقترح لأنه لم يجتز «الفحص الأمني» رغم أنه كان شاغل الحقيبة في الحكومة السابقة؟

يسترعي الانتباه ثانياً أن حمدوك أوكل إلى الحكومة الجديدة معالجة خمسة ملفات، شائكة بالفعل وجديرة بأن تكون على جدول أعمال أي وزير مهما كان اختصاص وزارته، لأنها تشمل الوضع الاقتصادي وعملية السلام وعلاقات السودان الخارجية والعدالة وإصلاح مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.

لكن حمدوك استقر في الآن ذاته على اعتماد برنامج للحكومة بعد إعلان تشكيلها، مشترطاً موافقة كل وزير على البرنامج قبل أن يباشر عمله، الأمر الذي يعني أن تثبيته يمكن أن يصبح لاغياً تلقائياً إذا اعترض على هذا البند او ذاك من البرنامج الحكومي.

ماذا يحدث مثلاً إذا طالب وزير الزراعة، وليس وزير الدفاع بالضرورة، بتعديل القانون العسكري الخاص بقوات الدعم السريع؟ أو إذا طالب وزير الصناعة، وليس وزير العدل، بفتح كامل ملفات مجزرة فض اعتصام القيادة العامة؟

وباختصار، ما الذي يضمن أن يتفوق الساسة على التكنوقراط، في ملاقاة مطامح الشارع الشعبي السوداني وتلبية حاجاته الماسة، أولاً وأخيراً؟

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، حمدوك، الساسة، التكنوقراط، الشارع الشعبي، مجزرة، اعتصام القيادة العامة، التطبيع، إسرائيل،