استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انتخابات أميركا بين الشأنين الخاص والعام

الخميس 11 فبراير 2021 11:24 ص

انتخابات أميركا بين الشأنين الخاص والعام

صمدت ديمقراطية أميركا أمام أكبر تحدياتها رغم رفض ترامب الإقرار بهزيمته وزلازل سياسية سببها في السياسة الأميركية.  

بالاقتراب قدر الإمكان من أنصار ترامب واجهت واقع مختلف عما تعرفه وتتعامل خلاله مع النخبة السياسة والإعلامية بواشنطن العاصمة.

*     *     *

قبل أربع سنوات، وفي خضم تغطية الانتخابات الرئاسية لعام 2016، اقتربت من حادثتين تمازج فيها الشأن الأميركي العام بالشأن الشخصي والعائلي، وامتدت أثارهما وتبعاتها وصول لاقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب لمبنى الكابيتول في محاولة لعرقة تصديق الكونغرس لنتائج انتخابات 2020.

بداية، أسكن في أقصى شمال "شمال غرب" العاصمة واشنطن، وهي منطقة تصوت بنسبة 90% للمرشح الديمقراطي بعيدا عن اسمه أو برنامجه، وجذبت هذه المنطقة السكنية الهادئة اهتمام وسائل الإعلام الأميركية والعالمية عام 2016.

فقد استضاف مطعم "ماغيانو Maggiano  ويبعد عن بيتي أقل من 80 مترا فاعليات احتفالا كبيرا احتفاء بانتصار ترامب بالرئاسة ووصوله للبيت الأبيض.

منظمو الحفل كانوا مجموعة من دعاة تفوق العرق الأبيض. ولم يعلم المطعم مسبقا بهوية منظمي الحفل الذي حضره ما يقرب من 200 شخص دفعوا 10 آلاف دولار كتكلفة اجمالية.

وأدت تغريدات المحتفلين على موقع تويتر، والتي تضمنت صورهم ومقاطع فيديو تضمنت استدعاء عبارات وإشارات نازية تنادى بسمو العرق الأبيض إلى ردود أفعال غاضبة.

وفور نشر هذه التغريدات تجمع العشرات من جيراني أمام المطعم احتجاجا على وجود هؤلاء العنصريين في هذا المطعم الشهير والذي يعد جزءا لا يتجزأ من تاريخ الحي. ومنعا لوقوع أي صدامات، قامت الشرطة بتأمين خروج المحتفلين بعد انتهاء الحفل وباعدت بينهم وبين المحتجين من سكان المنطقة.

الحدث الثاني وقع على بعد ستمائة متر من منزلي حيث يقع "كوميت" Comet وهو مطعم بيتزا عائلي شهير أكثر ما يميزه هو وجود ثلاث طاولات للعب البينج بونج داخله. وتقوم فلسفة المطعم على إضافة جو من البهجة في المكان وتشجيع الزبائن وأطفالهم على لعب البينج بونج قبل أو بعد تناولهم الطعام وذلك دون أي تكلفة إضافية.

وفي خضم الحملة الانتخابية لانتخابات 2016، انتشرت أخبارا كاذبة على الإنترنت لتدعى وجود شبكة سرية يديرها جون بوديستا، مدير حملة كلينتون الانتخابية لاستغلال الأطفال جنسيا واغتصابهم في غرف سرية داخل مطعم كوميت.

وما كان من مواطن يسكن في ولاية نورث كارولينا إلا أن يأخذ على عاتقه مهمه الكشف عن هذه الشبكة الشريرة. وجاء الرجل ويدعى إدجار ماديسون ويلش بعدما قطع مسافة تزيد عن خمسمائة كيلو متر للتحقق بنفسه ولتحرير هؤلاء الأطفال.

والرجل أب لطفلين وشعر بواجب اجتماعي لإنقاذ أطفال في سن أولاده. وأحضر الرجل معه بندقيته النصف آلية، واقتحم المطعم مطالبا بالكشف عن الغرف السرية التي يحتجز بها الأطفال الضحايا وتحريرهم.

وبالطبع لم يعثر الرجل على شيء، ولم يؤذِ أحدا، هو فقط أطلق طلقة تحذيرية كانت كفيلة بإثارة الهلع وخروج رواد المطعم والعاملين به للخارج.

وألقت الشرطة القبض على الرجل الذي لم يقاومهم، بل حاول إقناعهم بالبحث معه عن الغرف السرية التي ربما توجد تحت الأرض. وعُرفت الحالة باسم "بيتزاغيت" في إشارة للفضيحة التي كان ضحيتها رجل برئ صدق فقط ما نشره أحد المواقع الإخبارية المؤيدة لترامب.

وبعد الحادثة بأيام، ذهبت وعائلتي لمطعمنا المفضل، ولم تكن الزيارة مثل سابقتها، فأول من استقبلنا على الباب الخارجي كان شرطيا مسلحا ابتسم في وجوهنا قبل أن يرحب بنا، وتأكدت في هذه اللحظات أننا نحيا في مجتمع أميركي نجح الرئيس السابق دونالد ترامب في دفعه إلى حافة الجنون.

خلال صيف 2020، وقبل اشتعال الحملات الانتخابية في مراحلها النهائية، سافرت في عطلة إلى قرى وشواطئ ولاية كارولينا الجنوبية، وهي أحد أكثر الولايات دعما للرئيس السابق ترامب.

وقررت الاقتراب قدر الإمكان من أنصار ترامب، وإذ بي أواجه بواقع مختلف عما تعرفه وتتعامل مع النخبة السياسة والإعلامية بواشنطن العاصمة. والبداية كانت مع انتشار علم غريب يضعه الكثير من المواطنين فوق سياراتهم وأمام منازلهم.

وبسؤال أحد المواطنين، ممن رفعوا هذا العلم الغريب فوق سياراتهم، عن العلم، رد بالقول "هذا علم إظهار الدعم للشرطة ورجالها الأبطال، وهو رد على كل ما يتعرضون له من انتقادات".

وأثناء تواجدي في مدينة ميرتيل بيتش الساحلية في الأسبوع الأخير من شهر مايو، أقمت لمدة أسبوع داخل أحد معسكرات البيوت المتنقلة (كرفانات) والتي تضاعف اللجوء إليها مع فرض قيود على السفر والطيران، وحيث انتشرت أعلام حملة إعادة انتخاب الرئيس ترامب.

واعتبر كثيرون ممن تحدثت إليهم أن "هؤلاء ممن يقيمون ويعملون في مدن ليبرالية يسارية مثل واشنطن ونيويورك لا يمكنهم فهم أو تقدير ما يقوم به ترامب لخدمة الشعب الأميركي".

وأدركت خلال هذه الرحلة إلى الجنوب الأميركي حجم التحديات التي نحن بصددها أمام انتخابات فريدة لن يقبل نتائجها أنصار الرئيس ترامب بعدما تم توفير كل ما يدعم شكوكم في نزاهة الانتخابات من خلال آلاف المواقع وملايين المساهمات في صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقبل ذلك كله رئيس تعهد خلال حملته الانتخابية بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات إذا خسرها.

صمدت ديمقراطية أميركا أمام أكبر تحدياتها والمتمثلة في رفض رئيس في السلطة الإقرار بهزيمته، ورغم ما سببه ترامب من زلازل سياسية في السياسة الأميركية، انتصرت المؤسسات أما رئيس لم يقتنع أن منصبه هو وظيفة مؤقتة تنتهي في تمام الساعة 12:00 ظهر يوم 20 يناير، وليس له أن يبقى بعد دقيقة واحدة رئيسا بعد ذلك الوقت، وهو ما كان.

* محمد المنشاوي باحث وكاتب في الشؤون الأميركية من واشنطن

المصدر | الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

ديمقراطية، أميركا، ترامب، زلازل سياسية، السياسة الأميركية،