مقاطع الشيخة لطيفة تفسد فرحة الإمارات بالوصول للكوكب الأحمر

الجمعة 19 فبراير 2021 01:10 م

في 16 فبراير/شباط الجاري، بثت "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) مقاطع فيديو سجلتها سرا الشيخة "لطيفة"، ابنة حاكم دبي الملياردير "محمد بن راشد".

وتبدو هذه المقاطع كأنها لإحدى الرهائن؛ إذ تعرض لقطات مقربة متوترة تم تصويرها داخل غرفة مظلمة.

وكانت "لطيفة" حاولت الفرار من دبي مرتين، متهمة والدها بارتكاب انتهاكات بحقها، لكنه نفى صحة هذه المزاعم.

وانتهى هروبها الثاني، عام 2018، بالقبض عليها من يخت في المحيط الهندي، وهي الآن تزعم أنها رهن الإقامة الجبرية، فيما تسميه "حبسا انفراديا" دون رعاية طبية.

وقال "مجلس حقوق الإنسان"، أعلى هيئة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إنه سيثير قضيتها مع الإمارات.

وقد طغت مقاطع الفيديو تلك على ما كان من المفترض أن يكون لحظة انتصار للإمارات في 9 فبراير؛ عندما نجح "مسبار الأمل"، بعد رحلة استمرت 7 أشهر قطع خلالها مسافة 493 مليون كم، في الدخول إلى مداره حول كوكب المريخ.

وجعلت هذه الخطوة وكالة الفضاء الإماراتية الجهة الخامسة عالميا التي تصل إلى الكوكب الأحمر والأولى عربيا، وبعد شهرين من تصحيح المسار ومعايرة الأجهزة، سيبدأ المسبار في دراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، ومن المقرر له أن يبث الدفعة الأولى من البيانات في سبتمبر/أيلول المقبل.

وبهذه المناسبة، تمت إضاءة برج خليفة في دبي، أطول برج في العالم، باللون الأحمر، وأظهرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي حاكمي أبوظبي ودبي وهما يتجولان جنبا إلى جنب، مع صورة للمريخ في الخلفية، ومكوك فضاء ينطلق من فوق أكتافهما. والمكوك، بالطبع، بات جزءا من الهندسة الأمريكية البائدة في مجال الفضاء.

وكذلك، لم يكن تحقيق مهمة "مسبار الأمل" مسعىً عربيًا خالصا؛ فأقل من نصف فريقه المكون من 450 شخصا إماراتيون، والباقي من الجامعات الأمريكية، وتم تجميع المسبار في ولاية كولورادو الأمريكية، وإطلاقه إلى الفضاء على متن صاروخ ياباني.

وغالبا يكون العلم عملا جماعيا؛ فقد اعتمد رواد الفضاء الأمريكيون على الصواريخ الروسية للوصول إلى الفضاء بعد تقاعد المكوك.

ويقول الإماراتيون إنهم تعلموا مهارات جديدة من شأنها أن تساعد في بناء صناعة فضاء محلية. إذ يقول "عمران شرف"، مدير مشروع "مسبار الأمل": "بعد 5 أو 10 سنوات من الآن، أود أن أرى الشركات الإماراتية والمهندسين الإماراتيين يبنون مكونات برامج الفضاء، ليس فقط للإمارات، ولكن أيضا للخارج".

وحتى في المساعي العلمية، لا تكون السياسة بعيدة. فبدلا من التحذير من الحوادث أو الضباب، كما هي العادة، كانت اللافتات على الطرق السريعة في دبي تعلن باللغة العربية: "مبروك للعرب، وصل مسبار الأمل إلى المريخ".

وليست الإمارات، في حقية الأمر، أول دولة عربية تحاول تصدير أيديولوجية عبر المنطقة، إذ سعت مصر في القرن العشرين لنشر القومية العربية، وكانت السعودية نموذجا لنهج متشدد من الإسلام.

ومع ذلك، فإنه في حين أن مصر والسعودية قادة طبيعيون في المنطقة؛ فالأولى أكبر الدول العربية سكانيا، والثانية راعية أقدس الأماكن الإسلامية، فإن الإمارات لديها مليون مواطن فقط، وستحتفل بعيد إنشائها الخمسين في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتطرح الإمارات نفسها كدولة ما بعد الإيدولوجيا، وهو النوع الذي من شأنه أن يجعلها تنظم احتفالا وطنيا بإطلاق مركبة فضائية. هذه هي الأيديولوجية الخاصة بها، والتي يتردد صداها في الدول العربية الأقل فاعلية.

في لبنان، على سبيل المثال، لاحظ البعض التناقض بين ما تقوم به الإمارات وبلدهم، فبينما نجح "مسبار الأمل" في مهمته، دمر انفجار هائل بيروت، وأمضى السياسيون أشهرا في الجدل حول مناصب وزارية بدولة مفلسة، بينما تحدث عرب آخرون مازحين عن مشروعات بنية تحتية متواضعة في بلدانهم استغرق العمل عليها حتى الآن أكثر من 6 أشهر.

ويصف "شرف" مهمة المريخ بأنها تمثل تحديا للدول العربية الأخرى، إذ وجه رسالة لها قائلا: "إذا تمكنت الإمارات من الوصول إلى المريخ في أقل من 50 عاما، فيمكنك أنت فعل أكثر من ذلك بالنظر إلى تاريخك".

ربما تكون رسالة "شرف" مقنعة، لكن الإمارات لديها أيضا ما يجب العمل عليه لتحسينه، في مجالات حقوق الإنسان والحريات، كما تظهر قصة الشيخة "لطيفة".

المصدر | ذي إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات مسبار الأمل المريخ الشيخة لطيفة محمد بن راشد

مكتب حقوق الإنسان الأممي يطلب مزيدا من المعلومات عن وضع الشيخة لطيفة

ذا إندبندنت: مأساة الشيخة لطيفة ليست الوحيدة بالإمارات

أول رد رسمي إماراتي حول احتجاز ابنة حاكم دبي

إن بي سي: فيديوهات الشيخة لطيفة تبرز انتهاكات حقوق الإنسان بالإمارات

كيف استخدم بن راشد شبكات الهاتف المحمول لتحديد مكان الشيخة لطيفة؟