واشنطن بوست: القمع لم يحم مصر تاريخيا فلماذا نسمح باستمراره الآن؟

الأربعاء 24 فبراير 2021 07:53 م

سلط الروائي الدبلوماسي المصري السابق، "عزالدين شكري فشير"، الضوء على الممارسات القمعية للنظام المصري بقيادة "عبدالفتاح السيسي" بحق المعارضين من جميع الطيف السياسي، محذرا في الوقت ذاته من عواقب كارثية جراء تلك الممارسات التي ثبت أنها لم تحم المصريين عبر التاريخ.

واستشهد "فشير" في مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بما جري من ممارسات قمعية واضطهاد في عهد الرئيس الأسبق "جمال عبدالناصر"، الذي حول البلاد إلى جمهورية خوف.

وأشار إلى أن المسؤولين الأمنيين في عهد "عبدالناصر" كان يبررون ممارساتهم الوحشية ضد المعتقلين والمعارضين بالإشارة إلى التهديدات الداخلية والخارجية التي تريد وقف مسيرة مصر نحو الإمام.

وعقب الكاتب أن قمع نظام "عبدالناصر" للمعارضين لم يحم مصر والنظام، فعندما وجهت إسرائيل ضربة قاصمة للجيش المصري في حرب 1967 كانت السجون مليئة بالمعتقلين السياسيين.

تحطيم المصريين

ووفقا للكاتب فرغم سجن الإخوان المسلمين الذين اتهمهم رأس النظام بالتآمر عليه ومحاولة قتله، كان هناك جيل جديد من الإسلاميين يملأ حرم الجامعات، وهم الذين شكلوا لاحقا "الجهاد الإسلامي"، وتنظيم "القاعدة".

وقال "فشير" إن جيل ما بعد "عبدالناصر" والكاتب واحد منهم نشأوا يتساءلون عن الكيفية التي تسبب فيها "ناصر" وأنصاره من التقدميين بكل هذا الألم والوحشية على المصريين.

وأضاف: "علموا المواطنين أن يطأطئوا رؤوسهم وألا يرفعوها أبدا طالما عاشوا في جمهورية الخوف".

وتابع كيف كانوا (نظام عبدالناصر ورموزه) يفكرون بأن المجتمع سيتقدم للإمام عندما كان جزءا منهم، وهم الأذكياء والمستقلون في السجن وتم تحطيمهم.

وذكر الدبلوماسي المصري أن نحو 40 عاما مضت وظهر جيل جديد أكد حقوقه في ميدان التحرير عام 2011 لكن الجيش المصري لاحقهم.

60 ألف معتقل سياسي

وأشار الكاتب إلى أن نظام "عبدالفتاح السيسي" يعتقل في الوقت الحالي ما يقرب 60 ألف معتقل سياسي، في سجون جمهورية الخوف العسكرية.

وينكر نظام "عبدالفتاح السيسي" أن يكون نظامه قد احتجز أي معتقل سياسي، لكن منظمات حقوق الإنسان توصلت إلى هذا التقدير بناء على بيانات الحكومة حول الاعتقال والأحكام الصادرة من المحاكم على مدى الـ8 أعوام السابقة.

ويبلغ مجمل السجناء في مصر 114 ألف سجين حسب الناطقين باسم وزارة الداخلية، وحجم المعتقلين السياسيين يصل إلى النصف من نزلاء السجون، وهي نسبة مذهلة.

وعقب: "الأكثر صدمة هو عدد المعتقلين في مرحلة ما قبل المحاكمة يبلغ حوالي 30 ألف سجين".

وأشار إلى أن السلطات المصرية وسعت وأساءت استخدام مرحلة ما قبل المحاكمة لكي تحبس من لا تستطيع إدانتهم لسنوات طويلة.

وفي بعض الحالات النادرة عندما تصدر محكمة قرارا بالإفراج عن سجناء، تقوم الشرطة باعتقالهم وبتهم جديدة فيما يطلق عليها "سياسة الباب المتحرك".

واستشهد الكاتب باعتقال ناشطين مثل "إسراء عبدالفتاح " الممنوعة من السفر، وأيضا الناشط "حسام مؤنس" الذي أدار حملة المرشح الرئاسي السابق "حمدين الصباحي" ضد "السيسي".

وأضاف أن هناك أيضا في معتقلات "السيسي"، الناشط والبرلماني السابق "زياد العليمي"، والصحفية "سلافة مجدي" وزوجها "حسام"، بجانب عشرات الالف من المعتقلين الذين يمثلون كافة ألوان الطيف السياسي من الإسلاميين إلى العلمانيين والشيوعيين.

لماذا نسمح باستمرار القمع؟

وأوضح الكاتب أن نظام "السيسي"، وعلى غرار "عبدالناصر" يوجه اتهامات للمعتقلين بمساعدة جماعة الإخوان، بجانب اتهامات زائفة أخرى مثل نشر أخبار كاذبة على منصات التواصل الاجتماعي.

واعتبر الكاتب أن المعتقلين السياسيين لا يمثلون تهديدا على الدولة وبقاؤهم في السجن هي وحشية غير مبررة.

وذكر الكاتب أن السجن يدمر الناس، والسجن القائم على تهم زائفة أسوأ، ولا يمكن لمصر التقدم للأمام طالما كان هناك آلاف من المواطنين المحطمين والذين يعيشون في خوف.

ولفت الكاتب إلى أن "نجيب محفوظ" الحاصل على جائزة نوبل في الأدب انتظر حتى وفاة "عبدالناصر" لينشر رواية "الكرنك" التي وثقت قمع نظامه وانتهاكات للحالمين بتحسين أوضاعهم، فيما انتظرت مصر وفاته لتدرك حجم الصدمة المدمرة التي تركها اضطهاده.

 وعقب: "نحن لسنا بحاجة للانتظار، ونعرف ما يحدث في السجون المصرية في عهد السيسي ونعرف الأثر الكارثي الذي سيتركه هذا على مستقبل مصر، فلماذا نسمح باستمرار هذا؟".

وأضاف: "ربما أعمى قادة مصر العسكريون الخوف والسلطة ويجب على من يساعدوهم أن تكون لديهم رؤية أوضح".

وذكر أنه من غير المنطقي "أن نتوقع من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والإمارات العربية المتحدة التي تقدم لقادة مصر العسكريين المال والسلاح والدعم السياسي أن تقدم لهم نصيحة جيدة".

المصدر | الخليج الجديد+متابعات

  كلمات مفتاحية

انتهاكات نظام السيسي سجون السيسي اعتقال السياسيين

جيوبوليتكال: لماذا لا ينتفض المصريون ضد حكامهم المستبدين؟