الاندفاع الإيراني يعدّل الموقف الأمريكي من السعودية؟

الخميس 4 مارس 2021 07:38 ص

الاندفاع الإيراني يعدّل الموقف الأمريكي من السعودية؟

اندفاع عسكري لميليشيات وأطراف مرتبطة بإيران على مجمل المنطقة العربية.

تصلّب سياسي إيراني واضح برفض متشدد للطلب الأوروبي لاستئناف المحادثات مع واشنطن منع التصعيد الأمريكي ضد السعودية.

أدى اندفاع إيران لدعم غير مقصود لخصمها السعودية وقلب رغبة أمريكا في تقدّم سريع نحو إيران لموازنة اضطرارية بين مخاطر إيران ودعوات عقاب السعودية.

*     *     *

تعدّدت التحليلات لموقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من السعودية، وذلك بعد نشر تقرير المخابرات الأمريكية الذي يتهم الأمير محمد بن سلمان عمليا بالموافقة على اغتيال الصحافي جمال خاشقجي.

وذلك بعد أن وضّحت المتحدثة باسم «البيت الأبيض» جين ساكي، الأحد الماضي، أن ولي العهد السعودي لن يستهدف بعقوبات مباشرة، وأن واشنطن ستترك «مساحة مشتركة للتفاهم مع المملكة».

بعد أحاديثه الانتخابية التي تحدثت عن تحويل المملكة إلى «دولة منبوذة» أمسك بايدن العصا من منتصفها، بين دعاة محاسبة السعودية المتحمسين، وبينهم مشرعون ديمقراطيون ما زالوا يحاولون إصدار مشاريع في الكونغرس لمحاسبة ولي العهد.

فقد أصدر قرارات بوقف تسليح الرياض وأبو ظبي في حربهما داخل اليمن، كما قام بتخفيض رمزي للعلاقة مع السعودية عبر الحديث مباشرة مع الملك سلمان بن عبد العزيز.

بعض التحليلات نسبت وقوف هذه القرارات عند هذا الحدّ (مقارنة بما كان قادة ديمقراطيون، ومنظمات وناشطون، يطمحون له) إلى تأثير مستشارين له ذكرت تقارير أنهم قريبون من الإمارات العربية المتحدة، وأن هؤلاء تمكنوا من ضبط مواقف إدارة بايدن ونجحوا في وقف التصعيد ضد ولي العهد السعودي.

غير أن عنصرين مترابطين ساهما، على الأغلب، في منع التصعيد الأمريكي ضد السعودية، تجسد الأول في تصلّب سياسي إيراني واضح، تجلى برفض متشدد للطلب الأوروبي لاستئناف المحادثات مع واشنطن، وتمثل الثاني في اندفاع عسكري لميليشيات وأطراف مرتبطة بطهران، على مجمل المنطقة العربية.

فبعد اتخاذ إدارة بايدن لقرار وقف تسليح المملكة في اليمن، قام «أنصار الله» من جماعة الحوثي، بانتهاز الفرصة وتوسيع جبهات القتال، والتركيز على مدينة مأرب، بحيث يصبح الشمال اليمني بمجمله تحت سيطرتهم.

كما قامت مسيّرات لميليشيات عراقية بعملية فريدة من نوعها عبر استهداف «اليمامة» القصر الذي يحتوي ديوان الملك السعودي وولي عهده، كما قاموا بعملية أخرى غير مسبوقة باستهداف قاعدة عسكرية أمريكية قرب أربيل.

وكانت آخر العمليات استهداف قاعدة «عين الأسد» الشهيرة، التي كانت قد استهدفت بقصف صاروخي كبير بعيد مقتل الجنرال قاسم سليماني بداية عام 2020، كما أن ميليشياتهم تابعت تعزيزاتها وتحركاتها بين العراق وسوريا، وجرت عملية اغتيال لناشط وكاتب معاد لـ«حزب الله» في لبنان.

ما كان ممكنا، في ظل الاندفاع العسكري والسياسي الإيراني ألا تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بأخذ رد فعل «متناسب» مما أدى إلى عملية عسكريّة أمريكية قوية ضد ميليشيات «الحشد الشعبي» على الحدود السورية العراقية، وهو أمر لم يوقف عمليا التصعيد الإيراني.

ضمن هذا المنظور للأحداث، لم يكن ممكنا لأمريكا أن تقوم بدعم «المجهود الحربي» الإيراني عبر مزيد من القرارات ضد السعودية، وهو، على الأغلب، ما يفسّر وقوف إدارة بايدن في المنتصف بين الرغبة في العودة للاتفاق النووي مع إيران، وبين التصريحات الساخنة السابقة حول معاقبة السعودية وولي عهدها.

قام اندفاع طهران، بهذا المعنى، بدعم غير مقصود لخصمها الشديد المتمثل في المملكة العربية السعودية، وقلبت الرغبة الأمريكية في تقدّم سريع باتجاه إيران، إلى موازنة اضطرارية بين مخاطر طهران ودعوات عقاب الرياض.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إيران، أمريكا، السعودية، اندفاع، بن سلمان، اغتيال، جمال خاشقجي، ميليشيات، الحشد الشعبي،