وثيقة مسربة تكشف مطالب سعودية بإعادة هيكلة الجامعة العربية

الجمعة 5 مارس 2021 06:04 م

جدل كبير أثارته وثيقة مسربة نشرتها صحيفة "اليوم السابع" المصرية، تكشف عن مطالبات السعودية بإعادة النظر في مرتبات العاملين في جامعة الدول العربية .

وتعقيبا على هذه الوثيقة، نشر وزير الدولة السعودي لشؤون الدول الأفريقية، "أحمد عبدالعزيز قطان"، مجموعة تغريدات تشوبها نبرة حادة، تهاجم الجامعة العربية، وتناقش مطالبات بإعادة النظر في أهميتها وميزانيتها. 

في وقت لاحق، حذف "قطان" تغريداته العشرين، دون أن يوضح سبب ذلك، في حين منحت الجامعة العربية، ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، "درع العمل التنموي العربي"، الذي تهديه لتكريم الشخصيات القيادية والريادية.

وقال الأمين العام للجامعة، "أحمد أبو الغيط"، إن "بن سلمان رجل حكيم يعمل من أجل أمته". 

لكن هذا لا يعني أن الخلاف انتهى، بزوال أثره من منصة "تويتر".

"منظمة دون أنياب"

ووفقا للوثيقة التي يبدو أنها جزء من مخاطبات سعودية أوسع للجامعة العربية، فإن الوفد السعودي لدى الجامعة طالب بثلاث نقاط أساسية، اقتصرت على الجانب المادي.

والمطلب الأول هو "أن يقتصر التعاقد على الشروط العامة وإلغاء جميع الأحكام الخاصة بالعلاوات والترقيات ومكافأة نهاية الخدمة؛ لتعارضها مع الطبيعة المؤقتة للعقد"، بينما ينص المطلب الثاني على "تخفيض أعداد المتعاقدين في الجامعة، في غضون أربع سنوات، وحصول كل دولة من الدول الأعضاء على نسبة من الوظائف حسب نسبة مساهمتها في الميزانية (...)، وتحديد سقف أعلى وأدنى للرواتب وإعداد لائحة لهم".

وأما المطلب الثالث فينص على "إنهاء جميع العقود الممولة من حسابات المجالس الوزارية المتخصصة، وعدم التعاقد مستقبلا مع هذه الحسابات، والاكتفاء بموظفي الإدارات المتخصصة في الأمانة العامة (...)".

وقال "قطان"، من جهته، وهو السفير السعودي السابق لدى القاهرة، المندوب السعودي الدائم لجامعة الدول العربية السابق، إنه لم يرغب بالحديث عن جامعة الدول العربية، لولا تسريب المذكرة الرسمية التي رفعتها السعودية للجامعة من قبل صحيفة "اليوم السابع".

ووصف "قطان"، الجامعة العربية بأنها "منظمة دون أنياب"، مضيفا أنها بحاجة إلى أن تصبح ذات "قوة ومكانة"، وأن تحاول العمل على تحقيق هذا الهدف مهما كلفها من مال.

كذلك، طالب قطان بـ "تعديل الميثاق الذي وضع عام 1945 ولم يعدل من وقتها (...)، وتعيين نائب للأمين العام، وهو أمر يرفضه الأمين العام الحالي لأسباب غير منطقية"، إضافة إلى "إلغاء قرار المكافأة الخاصة بمعالي الأمين العام، وقد خصصنا له مرة 5 ملايين دولار ثم 2 مليون دولار، بخلاف المكافأة النظامية التي تقدر بـ 300 ألف دولار عن كل 5 سنوات".

وجاء في تغريدات "قطان" أيضا: "من يصدق أننا خلال الـ 15 سنة الماضية استنزفنا أكثر من مليار ونصف المليار دولار على ميزانية الجامعة ومنظماتها"، في إشارة لما تقدمه السعودية من دعم للجامعة العربية، علاوة على "إعادة النظر في هيكل رواتب الموظفين"، ومطالب أخرى هي ذاتها التي جاءت في الوثيقة المسربة.

وتعقيبا على هذا الجدل، رأى المستشار بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية، "عمرو الشوبكي"، أن "المبدأ يعطي السعودية وأي دولة أخرى الحق في المطالبة بإصلاحات داخلية في الجامعة العربية"، مردفا: "لكن المطالبات السعودية قد تحمل أيضا رسالة مهذبة تمثل تحفظا على إعادة تعيين أحمد أبو الغيط أمينا عاما للجامعة لدورة جديدة".

وزاد: "نظرا لوجود علاقات استراتيجية قوية بين مصر والسعودية، ربما جاءت صيغة التحفظ بهذا الشكل، خاصة وأن التجديد للأمين العام جاء بالإجماع؛ وبالتالي حظي القرار على موافقة سعودية".

وقال "الشوبكي" لموقع "الحرة"، إن فكرة إصلاح الجامعة العربية مطروحة سابقا، والأمين العام الأسبق "عمرو موسى" تبنى هذه الفكرة وحقق جزء من إصلاح هذه المؤسسة.

وغلب على المطالبات التي ساقها المندوب السابق للسعودية في الجامعة العربية، في تغريداته المحذوفة، الإصلاحات المتعلقة بالجانب المادي.

لكن "الشوبكي" يرى أن "التغريدات، وإن كانت صادرة من مسؤول قريب من دوائر صنع القرار في السعودية، إلا أنها لا تعامل معاملة البيانات الرسمية"، مشددا على أهمية النظر إلى جوهر القضية وهي تحقيق "رؤية متكاملة لإصلاح الجامعة العربية".

ومع ذلك، لم يستبعد المحلل السياسي المصري أن تكون مطالبات الرياض تهدف إلى خفض دعم المملكة للجامعة العربية، موضحا أن "السعودية ركن أساسي ودولة مؤثرة في الجامعة العربية، وساهمت بأفكار تجاوزت الماديات".

ولا يشير موقع الجامعة العربية الرسمي، التي تأسست عام 1945، إلى ميزانية الجامعة أو مصادر تمويلها ولا حتى إسهامات كل دولة فيها.

ومنذ تأسيس الجامعة، سيطرت مصر على منصب الأمين العام الذي يعين بالتصويت من قبل الدول الأعضاء، باستثناء الفترة التي نقل فيها مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، في أعقاب توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل.

"فساد فاحت رائحته"
في المقابل، وصفت الكاتبة السعودية، "وفاء الرشيد"، تقرير "اليوم السابع" بشأن الجامعة العربية بـ "الفساد الذي فاحت رائحته".

وفي عمودها بصحيفة "الوطن" السعودية، والذي يحمل عنوان "مطلوب هيئة فساد لجامعة الدول العربية"، تطرقت "الرشيد" لرواتب موظفي الجامعة التي تقول إنها تصل لـ  14 ألف دولار (ما يزيد عن 200 ألف جنيه مصري) في "دولة (...) راتب رئيس الجمهورية لا يتعدى 45000 ألف جنية بالشهر".

وأشارت إلى أن بعثات الجامعة العربية في الخارج "لا تقوم بأي دور لافت يخدم قضايا المواطن العربي، ويستنزفون ثلثي ميزانية الجامعة".

بدوره، جدد الباحث والمحلل السياسي السعودي، "مبارك آل عاتي"، المطالب التي ساقها "قطان" في تغريداته المحذوفة بعد وصفه للجامعة بأنها "منظمة بلا أنياب".

وقال "آل عاتي" لموقع "الحرة" إن "السعودية من الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية قبل 8 عقود، انطلاقا من إيمانها بأهمية دعم وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات والمتغيرات (...)، وهي من أكبر الدول الداعمة والممولة لميزانيات الجامعة منذ قيامها حتى اليوم".

وأضاف أن بلاده "لا تزال تؤمن بدورها، بيتا يلم العرب ويوحد العمل العربي المشترك، لكن مقارنة الجامعة مع نظيراتها من المنظمات يلمس ويدرك أن هذه المنظمة لم تتقدم ولم تتغير".

واستشهد "آل عاتي" بميثاق جامعة الدول العربية الذي أقر عام 1945، والذي "ما يزال يعمل به حتى اليوم دون تغيير رغم تغير العالم وتعاظم قضاياه"، مردفا: "لذلك تواصل السعودية تأكيداتها ومطالباتها بتطوير بيت العرب لتتلاءم مع التحديات والتهديدات التي لم تنقطع عن الأراضي العربية، بل أنها تزداد خطورة بالفعل".

وقال إن "المطالبة بتطوير الجامعة يتجاوز تعديل الميثاق الذي وضع عام 1945 إلى وجوب تعيين نائب للأمين العام وهو ما كان موجودا سابقا"، بالإضافة إلى "مراجعة النظام الداخلي والنظام الأساسي للموظفين نظرا لأنها أُقرت في السبعينات ولا تتوافق مع الأوضاع الراهنة".

وأشار المحلل السعودي إلى أن موارد الجامعة العربية "قد تفوق ميزانية الاتحاد الأفريقي الذي تجاوزها كثيرا في أداءه ونشاطه وفاعليته"، مشيرا إلى أهمية مراجعة دستور المنظمة ونظامها وأهدافها ولجانها بما يتواكب مع متطلبات المرحلة ويزيد من فعالياتها، على حد قول "آل عاتي".

ورأى "آل عاتي" أيضا أهمية "إلغاء المكافأة الخاصة بالأمين العام، وإعادة النظر في هيكل رواتب الموظفين، وإجراء تقييم لأداء المنظمات العربية والنظر في توافقها مع متطلبات العمل العربي المشترك"، فضلا عن "تحديد فترة عمل رؤساء البعثات بـ 4 سنوات، وإنهاء خدمات من تجاوزت أعمارهم 65 عاما لإتاحة الفرصة لغيرهم لتولي هذه المناصب".

المصدر | الخليج الجديد + الحرة

  كلمات مفتاحية

السعودية جامعة الدول العربية إعادة هيكلة الجامعة العربية إصلاح الجامعة العربية

عمرو موسى يكشف أسرارا جديدة عن الجامعة العربية