حقوق المرأة: مفارقات الديمقراطية والدكتاتورية

الاثنين 8 مارس 2021 07:12 ص

حقوق المرأة: مفارقات الديمقراطية والدكتاتورية

يتراجع تمثيل المرأة بشكل حثيث في مجتمعات تسيطر عليها حكومات الاستبداد والاحتلال والعنصرية.

هناك حاليا قرابة 20 دولة في العالم تتولى فيها المرأة منصب رئيس الوزراء وهو أمر يرتفع، بتزايد مستويات الديمقراطية.

تعكس أحوال المرأة العربيّة أحوال مجتمعات تعاني كما حال الفلسطينيات تحت احتلال إسرائيل وأغلب العربيات في ظل أنظمة الاستبداد العربيّة.

ارتباط جدلي بين الاستبداد والإساءة لحقوق المرأة بمشروع قانون أحوال شخصية اعتبره قانونيون وناشطون يلغي «الأهلية القانونية للمرأة» و«يعيد مصر مئتي عام للوراء».

*     *     *

حفلت قائمة إنجازات النساء في العالم خلال السنوات الأخيرة بتصاعد وطيد لشخصيات وظواهر نسائية مؤثّرة ولافتة، ويمكن وضع فوز كامالا هاريس، الديمقراطية من أصل هندي، بمنصب نائبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بعد فشل المرشحة هيلاري كلينتون في الفوز قبل 4 سنوات أمام دونالد ترامب.

كما يمثّل وصول نساء مثل رشيدة طليب الأمريكية من أصل فلسطيني وإلهان عمر، الأمريكية من أصل صومالي، إلى الكونغرس الأمريكي، أمثلة يمكن إضافتها إلى أمثلة أخرى في العالم.

من هذه الأمثلة هناك أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية التي سترحل طوعا عن منصبها بعد وجودها في أحد المناصب الأعلى لواحدة من كبريات الدول في العالم.

وهناك جاسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا والتي تعتبر أصغر رئيسة حكومة في العالم، وشيخة حسينة واجد، رئيسة وزراء بنغلادش الحالية (التي تابعت إرث نظيرتها الأسبق خالدة ضياء)، وأون سان سو تشي، رئيسة حكومة ميانمار التي انقلب عليها الجيش مؤخرا، وهناك حاليا قرابة 20 دولة في العالم تتولى نساء منصب رئيس الحكومة فيها.

هناك قائمة تاريخية طويلة تضم كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، التي كانت رئيسة للأرجنتين، وبراتيبا باتيل، التي كانت رئيسة للهند (وهي تذكر طبعا بأنديرا غاندي، التي كانت رئيسة حكومة الهند لحقبة طويلة)، وميشال باشليه، التي كانت رئيسة تشيلي، وإيلين جونسون سيرليف، أول رئيسة لليبيريا (والأولى في أفريقيا)، وغلوريا أرويو الفلبينية، وتاريا هالونن الفنلندية، وماري ماكليز الإيرلندية التي خلفت رئيسة أخرى هي ماري روبنسون، من دون أن ننسى بناظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان التي اغتيلت عام 2007.

تشير هذه الأمثلة إلى تزايد ملحوظ في انتخاب المرأة سياسيا لتتولى مناصب رؤساء دول وحكومات، فهناك حاليا قرابة 20 دولة في العالم تتولى فيها نساء منصب رئيس الوزراء، وهو أمر يرتفع، بالتأكيد، مع تزايد مستويات الديمقراطية وتوسيع احتمال مشاركة الجمهور العام في الصعود السياسي والاجتماعي، ويتراجع، بشكل حثيث، في المجتمعات التي تسيطر عليها حكومات الاستبداد والاحتلال والعنصرية.

لا يمنع صعود تمثيل المرأة سياسيا مع توسّع الديمقراطية من مفارقات مهمّة، فهاريس الممثلة للأقلّيات العرقية بادرت مؤخرا إلى إعلان موقف مناهض للديمقراطية وللأخلاق السياسية التي دفعت بها إلى الصعود، حين اتخذت موقفا حادّا مناصرا لإسرائيل في خصوص إنجاز امرأة أخرى، هي بنسودا فاتو، المدعية في المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنت بدء إجراءات محاكمة مسؤولين إسرائيليين على جرائم حرب ضد الفلسطينيين.

كذلك كان أمرا مشينا وغير أخلاقيّ من الناحية السياسية قيام أون سان سو تشي، رئيسة حكومة ميانمار، بدعم وتغطية جرائم الحرب والإبادة وعمليات الاغتصاب ضد مئات النساء والفتيات، ذنبهن أنهن من أقلّية الروهينجا المسلمة، وهو ما ساهم في رأي عام لدى مسلمين كثر يعتبر أن سو تشي قد جنت على نفسها حين وافقت على اضطهاد الآخرين، وهي الحائزة على جائزة نوبل للسلام.

إحدى مفارقات الديمقراطية أيضا، أن الحزب الحاكم في اليابان، وهي من أحدث المجتمعات البشرية وأغناها في العالم، كان يميّز بشكل جندري بائس ضد النساء، حيث كانت المرأة ممنوعة من حضور اجتماعاته الرئيسية حتى منتصف الشهر الماضي، وهو أمر يقول الكثير عن أحوال المرأة في اليابان.

من نافل القول إن أحوال النساء العربيّات تعكس بشكل كبير أحوال مجتمعاتهن التي تعاني، في مجملها، كما هو حال الفلسطينيات في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وحال أغلب العربيات في ظل أنظمة الاستبداد العربيّة.

وكان آخر أشكال هذا الارتباط الجدلي بين الاستبداد والإساءة لحقوق المرأة مشروع قانون الأحوال الشخصية فيه بنود اعتبرها قانونيون وناشطون «تلغي الأهلية القانونية للمرأة»، وأنه «يعيد مصر مئتي عام للوراء».

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

حقوق المرأة، الديمقراطية، الدكتاتورية، الأهلية القانونية، مصر، أنظمة الاستبداد، الأحوال الشخصية، احتلال، إسرائيل، فلسطين،