تونس وليبيا: المسار الشاق نحو الديمقراطية

الجمعة 19 مارس 2021 08:02 ص

تونس وليبيا: المسار الشاق نحو الديمقراطية

يسعى الليبيون بعد عشر سنوات من النزاع للمضيّ في خيار الديمقراطية ومأسسته وجعله خيارهم السياسيّ المقبل.

تعاملت دول عربية مع ليبيا باستعلاء الأقوياء (الأغنياء) ورأتها غنيمة يسهل نهبها أو حقل للمكاسب العسكرية ومد النفوذ الإقليمي!

تجاوز ليبيا خطرين كبيرين: تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي سيطر على سرت ومناطق أخرى ومحاولة الجنرال حفتر فرض دكتاتورية عسكرية.

استطاعت تونس بمؤسساتها الثورية الناشئة عن الحراك الديمقراطيّ من موازنة الدفّة مع مؤسسات تقليدية من جيش وأمن وقضاء ونقابات رغم العواصف.

*     *     *

تحفل زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى ليبيا بالعديد من الإشارات الرمزيّة المهمة، فأول زيارة لمسؤول عربيّ كبير إلى طرابلس تشير، بداية، إلى خيار الديمقراطية الذي شق طريقه، ليس من دون مصاعب، في تونس، فيما يسعى الليبيون، بعد عشر سنوات من النزاع إلى المضيّ فيه والعمل على مأسسته وجعله خيارهم السياسيّ المقبل.

تكشف الزيارة أيضا عن رغبة تونس بتقديم نموذج يدعم التجربة الغضّة في طرابلس، وذلك كبديل عن تعامل بعض الدول العربية الأخرى مع ليبيا باستعلاء الأقوياء (أو الأغنياء) والنظر إليها على أنها غنيمة يسهل نهبها، أو حقل للمكاسب العسكرية ومد النفوذ الإقليمي، أو جغرافيا مفتوحة يمكن السيطرة عليها!

وذلك باستئجار شخصية قابلة لأن تكون مطواعة للخارج ومتوحشة مع مواطنيها الليبيين، وذلك عبر إمدادها بالطائرات والدبابات والمدافع وتمويل شبكات اللوبي الغربيّ وشعارات «مكافحة الإرهاب».

تتابع زيارة سعيّد السير على خطى نظيره الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، الذي زار طرابلس عام 2012 بعد الثورة، بهدف نسج الخيوط بين الثورتين وتبادل الدعم والتجارب.

وهو الأمر الذي انقطع لاحقا مع تعثّر المسار الديمقراطي في ليبيا، متأثرا بنزاعات النخب السياسية، وكذلك تنازع التنظيمات المسلّحة التي شاركت في تحرير البلاد من سيطرة نظام معمر القذافي، وهو ما أضعف مؤسسات الدولة الجديدة الناشئة، الحكومية والبرلمانية والعسكرية، وفتح الطريق للتدخّلات الخارجية المعادية للثورة.

استطاعت تونس، عبر مؤسساتها الثورية الناشئة عن الحراك الديمقراطيّ، من رئاسة وحكومة وبرلمان، من موازنة الدفّة مع المؤسسات التقليدية من جيش وأمن وقضاء واتحادات نقابية، رغم العواصف التي هبّت، من اغتيالات لرموز سياسية وصعود لأشكال التطرّف المسلّح.

أما ليبيا فعصفت بها الأنواء وخصوصا مع توقف المسار الديمقراطي في مصر، الجارة الأكبر تأثيرا في ليبيا، أو مناطقها الشرقية على الأقل، عام 2013، وهو أمر لم تستطع تونس، التي كانت تخوض بدورها إشكاليات سياسية وأمنية واقتصادية، أن توازنه، عبر لعب دور يوازن النزوع الدكتاتوري الإقليمي، بدعم ديمقراطي تونسي.

ما كان لليبيا أن تصل إلى هذه الحكومة الجديدة، الناتجة عن عمليّة تفاوض طويلة، من دون صمود المجلس الرئاسي وحكومة «الائتلاف» السابقة، والتي تمكنت من تجاوز خطرين كبيرين: تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي سيطر على سرت ومناطق ليبية أخرى، ومحاولة الجنرال خليفة حفتر فرض دكتاتورية عسكرية على البلاد.

يحمل اللقاء المستعاد للثورتين الليبية والتونسية معاني تتجاوز البلدين الجارين، ويذكر مجددا أن الطريق للخروج من النفق العربي الذي يجمع بين الدكتاتورية والفساد والبطش ما زال ممكنا، وأن الثمن المهول الذي دفعته الشعوب العربية الأخرى للحصول على الحرية لم يذهب هدرا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس، ليبيا، الديمقراطية، حفتر، زيارة قيس سعيد، مصر،

المشيشي يشدد من طرابلس على تعزيز التعاون الاقتصادي