صحيفة: إيرادات «الدولة الإسلامية» من النفط تتصاعد وخيارات تجفيف ماليتها غير عملية

السبت 17 أكتوبر 2015 07:10 ص

أكدت صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية أن دخل «الدولة الإسلامية» من النفط يبلغ 500 مليون دولار سنويا، ولكن هناك تقديرات غير رسمية تفيد بأن الرقم الحقيقي، هو الضعفين على الأقل، لأن هذه الدولة تسيطر على أكثر من 13 بئرا نفطيا في منطقة دير الزور شرق سورية، وعلى أكبر محطة للغاز قرب الرقة، وتتحكم بإمدادات الكهرباء، وتملك العديد من المصافي شبه البدائية التي يباع انتاجها من البنزين والمازوت إلى مشترين من دول الجوار، بما في ذلك كردستان العراق، وتركيا واماكن اخرى في العراق، علاوة على شركات تابعة  للنظام السوري.

هناك مصادر دخل أخرى لهذه «الدولة» مثل عوائد الضرائب، وبيع الآثار، والفدى التي تحصل عليها من جراء الافراج عن المخطوفين الاجانب، ولكن هناك مصدر خفي، وغير معلن، يتمثل في الملايين التي تصل بصورة غير مباشرة من شخصيات خليجية وعراقية واسلامية، تتعاطف مع هذه الدولة.

السؤال الذي يطرح نفسه يدور حول عدم قيام الطائرات الامريكية التي تشن غارات ليل نهار على مواقع هذه الدولة، وترصد دبيب النمل في معظم، ان لم يكن جميع المناطق التي تسيطر عليها، بتدمير هذه الآبار النفطية، والشاحنات التي تنقل انتاجها؟

السؤال المحير بالفعل، وهناك من يؤكد أن بعض الآبار تعرضت للقصف بالفعل، ومن قبل طائرات حربية عربية، ولكن هناك مخاوف لدى التحالف عبرت عنها الصحيفة البريطانية، تتلخص في خوف التحالف من قتل مهندسيين، وعمال، وسائقين مدنيين يعملون في هذه الحقول النفطية ومصافيها.

التحالف ينظر في العديد من الخيارات لخنق «الدولة الإسلامية» اقتصاديا وتجفيف منابعها المالية على غرار ما فعل مع تنظيم القاعدة، ومن بين هذه الخيارات اغراق اسواق المنطقة المجاورة بكميات كبيرة من النفط الرخيص ومشتقاته، خاصة في شمال العراق، لتقليص وارادات التنظيم المالية، ولكن هذا الخيار يبدو ساذجا، لان تأثير مثل هذه الخطوة سيكون محدودا.

سيطرة «الدولة الإسلامية» على مدينة بيجي التي توجد فيها أكبر مصفاة على الاراضي العراقية، وتغطي حوالي ستين في المئة من احتياجات العراق من المحروقات، وفر لها عوائد مالية هائلة اضافية، وهذا ما يفسر الحشودات الحالية من قبل القوات العراقية، المدعومة أمريكيا، الرامية إلى استعادة السيطرة على هذه المدينة ومصافيها.

وحتى لو افترضنا أن دخل «الدولة الإسلامية» من النفط في حدود نصف مليار دولار سنويا، فإنه مبلغ كبير، إذا وضعنا في اعتبارنا أن هذه «الدولة الإسلامية» لا تملك قصورا، ومقرات فخمة، على غرار الدول المحيطة بها، وقادتها يجتمعون في اماكن سرية لتجنب قصفهم من قبل طائرات التحالف.

إنتاج «الدولة الإسلامية» من النفط لا يزيد عن ستين الف برميل يوميا، يجري تكريرها في آلاف المصافي التقليدية، ولا نعتقد ان هذا العدد من البراميل يؤهلها للانضمام الى منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، ولكنه ربما يؤهلها للانضمام الى منظمة «أوابك» العربية، ذات الشروط الاكثر مرونة، هذا إذا قبلت قيادة «الدولة الإسلامية» بمثل هذه الخطوة الافتراضية، لكن لا أحد يعلم عما سيحمله المستقبل من مفاجآت، فمعظم حقول النفط العراقية الشمالية تتمركز في منطقة كركوك التي لا تبعد إلا بضعة كيلومترات عن مدينة الموصل، واحتمال السيطرة عليها ليس مستبعدا في ظل تدهور أوضاع إقليم كردستان العراقي، وتفجر الصراع بين قطبيه التقليديين، أي قبيلتي البرازاني والطالباني.

لا نبالغ إذا قلنا إن «الدولة الإسلامية» رغم دمويتها وتوحشها، والقصف الجوي المستمر لمقاتليها من كل الجهات والقوى الاقليمية والدولية، تبدو اكثر استقرارا امنيا واقتصاديا من دول اخرى في الجوار، وربما هذا ما يفسر تقلص اعداد طالبي الهجرة من “مواطنيها”، بالمقارنة مع اجزاء اخرى من العراق وسورية، سواء تلك التي تسيطر عليها قوات الحكومتين، او المعارضة المسلحة.

إذا أردت أن تعرف مدى أهمية وخطورة أي دولة أو تنظيم، فعليك أن تنظر إلى أعدائه، وعندما يكون أعداء هذه الدولة الذين ينخرطون في حرب ضدها، مباشرة أو غير مباشرة، يزيدون عن مئة دولة، من بينها قوتان عظميتان عالميتان، وعدة قوى متوسطة أوروبية وإقليمية، فإن القضاء عليها، مثلما يعلن هؤلاء لن يكون بالعملية السهلة، ونحن لا نتحدث هنا عن التكاليف الباهظة والمدد الزمنية.

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية نفط الدولة الإسلامية إيرادات النفط الرقة شرق سوريا