استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

سوريا والتصعيد الأمريكي الروسي

الجمعة 26 مارس 2021 08:46 ص

سوريا والتصعيد الأمريكي الروسي

كيف سينعكس التصعيد الأمريكي من جانب بايدن ضد شخص بوتين على مستقبل تسوية الأزمة السورية؟

ما مستقبل تسوية الأزمات الإقليمية في ظل مناخ «صراعي» على قيادة النظام العالمي وخاصة الأزمة السورية؟

لن يمر التصعيد دون ردود فعل روسية لكن يبقى السؤال مهماً عن كيفية رد روسيا على محاولات واشنطن إفشالها في سوريا!

تفاقم التصعيد بين القوى الكبرى يؤدي لتزايد حدة الاستقطابات الإقليمية بين الحلفاء الإقليميين للقوى المتصارعة على قمة النظام العالمي.

يخلق التصعيد هامش حرية حركة لأطراف إقليمية لتحصل على أقصى مكاسب اعتقاداً منها أن الحليف الدولي يحتاج إليها ومستعد لتقديم تنازلات.

هل سيغري التصعيد البيت الأبيض بتعديل سياساته (المحدودة والسلبية) في سوريا إلى سياسة أخرى أكثر هجومية لتعكير صفو المشروع الروسي في سوريا؟

أم تنصرف الولايات المتحدة عن الانغماس في الصراعات والأزمات «الشرق أوسطية» كي تتفرغ لما تعتبره صراعاً كونياً مع روسيا والصين؟

*     *     *

يطرح التصعيد الأمريكي الجديد ضد روسيا، تساؤلات مهمة تخرج عن النطاق النظري للتحليل. فعلى مستوى التحليل النظري يهتم الخبراء والمتخصصون عادة بدراسة التأثيرات الإيجابية والسلبية للتطورات التي تحدث في قمة النظام العالمي على سياسات الأقاليم وأحداثها.

ودائماً تبقى نتائج تلك الدراسات في حدود الافتراض دون الحسم.

فإذا كانت بعض تلك الدراسات ترى أن تفاقم التصعيد بين القوى القائدة للنظام العالمي، يؤدي من ناحية إلى تزايد حدة الاستقطابات الإقليمية بين الحلفاء الإقليميين للقوى المتصارعة على قمة النظام العالمي، على نحو ما حدث في سنوات الحرب الباردة..

فإنه يمكن أن يؤدي من ناحية أخرى، إلى خلق هامش من حرية الحركة للأطراف الإقليمية كي تحصل من حلفائها على أقصى ما يمكن من المكاسب، اعتقاداً منها أن الحليف الدولي بقدر ما يحتاج إليها، بقدر ما يكون مستعداً لتقديم تنازلات.

لكن، إلى أي حد يمكن أن يحدث هذا في الأزمة السورية؟ وكيف سينعكس التصعيد الأمريكي خاصة من جانب الرئيس جو بايدن ضد شخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على مستقبل تسوية الأزمة السورية؟

هل سيغري البيت الأبيض بتعديل سياساته (المحدودة والسلبية) في سوريا، إلى سياسة أخرى أكثر هجومية لتعكير صفو المشروع الروسي في سوريا؟ أم يمكن أن يحدث العكس؛ أي أن تنصرف الولايات المتحدة عن الانغماس في الصراعات والأزمات «الشرق أوسطية» كي تتفرغ لما تعتبره صراعاً كونياً مع روسيا والصين.

فقد خرج الرئيس الأمريكي عن كل الأصول وقواعد الأعراف الدبلوماسية عندما اتهم الرئيس الروسي في حديث تلفزيوني بأنه «قاتل» و«بلا قلب»، وبأنه «سيدفع ثمناً باهظاً مقابل تدخل بلاده في الانتخابات الأمريكية». وحين سأل المذيع بايدن: «إذن أنت تعرف فلاديمير بوتين.. هل تعتقد أنه قاتل؟» أجاب بايدن «نعم». وأضاف: «سترى أن بوتين سيدفع الثمن».

وإذا كان الرئيس الروسي التزم بضبط النفس أمام الكاميرات في رده على الهجوم غير المسبوق للرئيس الأمريكي، فإن الواقع قد لا يكون كذلك. فقد جاء رد بوتين هادئاً على وصفه بـ«الوقح»، وقال في حديث تلفزيوني هو الآخر: «الكلام صفة المتكلم أو كل إناء ينضح بما فيه، وأتمنى لك الصحة والعافية» ليس هذا فقط؛ بل وجه الدعوة للرئيس الأمريكي للظهور معه في مناظرة تلفزيونية على الهواء مباشرة «يجري بثها في مختلف أنحاء العالم».

هذا التصعيد في العداء بين واشنطن وموسكو يترافق مع تصعيد أمريكي ضد الصين، يتوازى معه تصعيد أوروبي ضد روسيا والصين، ما يؤشر إلى أن «حرباً باردة» جديدة بدأت تلوح في الأفق يمكن احتواؤها، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن مستقبل تسوية الأزمات الإقليمية في ظل هذا المناخ «الصراعي» على قيادة النظام العالمي، وعلى الأخص الأزمة السورية؟

المرحلة الانتقالية لإدارة بايدن التي سبقت التصعيد الساخن ضد روسيا، كشفت أن سوريا ليست أولوية للإدارة الجديدة التي أبدت اهتماماً بإجراء مراجعة للسياسة الأمريكية تجاه سوريا، بقيادة مسؤول الشرق الأوسط الجديد في مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريت ماغورك.

كما كشفت أن هذه الإدارة تدعم البقاء الأمريكي شرقي سوريا، دون تعريض هذا الوجود لتقلبات الرئيس السابق دونالد ترامب الذي جعل الوجود الأمريكي في سوريا مؤرجحاً «بين البقاء واللا بقاء»، وأن الأولوية الأمريكية في سوريا ستبقى محصورة في دعم الحلفاء الأكراد في قوات سوريا الديمقراطية، والحرب ضد «داعش»، مع الاهتمام بالجانب الإنساني.

والعزوف عن المشاركة في أي دعم قد يصل إلى نظام الرئيس السوري ضمن إطار «مؤتمر المانحين» لسوريا، حيث قرر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلغاء خطابه في هذا المؤتمر الذي سيعقد في بروكسل الثلاثاء المقبل (30/3/2021)، وبدلاً من ذلك قرر بلينكن الدعوة إلى مؤتمر للتحالف الدولي ضد «داعش» في اليوم ذاته، مع عدم الإخلال بتنفيذ «قانون قيصر» على دمشق.

هذا الموقف يمكن وصفه بأنه كان في حدود «عرقلة» الدور الروسي، وعدم تمكين موسكو من جني ثمار تدخلها العسكري في سوريا، لكن من المرجح أن يجري التصعيد ضد روسيا في سوريا، بما يتوازن مع التصعيد الأمريكي العام ضد روسيا.

والبيان الصادر عن وزير خارجية الولايات المتحدة في الذكرى العاشرة لتفجر الأزمة السورية، بمشاركة وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، أكد حرص هذه الأطراف على التشكيك في شرعية النظام السوري ورفض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإحباط خطة موسكو لتنشيط حركة الإعمار في سوريا.

هذا التصعيد الأمريكي لن يمر دون ردود فعل روسية حتماً، لكن يبقى السؤال مهماً عن كيف سترد روسيا على محاولات واشنطن إفشالها في سوريا.

* د. محمد السعيد إدريس باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

روسيا، أمريكا، تصعيد، سوريا، بايدن، بوتين، الصين،