استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل يُشيّع حزب «العمل» الإسرائيلي إلى مزبلة التاريخ؟

الأحد 28 مارس 2021 07:24 ص

هل يُشيّع حزب «العمل» الإسرائيلي إلى مزبلة التاريخ؟

حزب العمل الإسرائيلي يسير حثيثاً نحو الانقراض رغم الجهود المضنية التي تبذلها زعيمة الحزب الحالية ميراف ميخائيلي.

انشق باراك عن «العمل» بذريعة أنّ الحزب الأمّ «انزلق إلى أقصى اليسار» وأخذ يعتنق «آراء ما بعد حداثية وما بعد صهيونية»!

يصحّ كثيرا الافتراض بأنّ الحزب الذي أسس إسرائيل وشن معظم حروبها يشهد مراحل أخيرة من تشييعه إلى اندثار ماحق ختامي أي إلى مزبلة التاريخ!

أحجم الإسرائيليون عن منح نتنياهو أغلبية كافية بانتخابات الكنيست الأخيرة لكن أعادوا تنصيبه زعيماً أوحد لليمين وبعض يمين ديني ويمين مصنّف إرهابياً بقانون إسرائيل ذاته!

*     *     *

في مطلع هذا العام كان إيهود باراك، الجنرال المتقاعد وآخر رئيس حكومة إسرائيلي عن حزب «العمل»، قد تلقى رسالة حملت تواقيع ثمانية، من أصل 13 عضواً، في إدارة الحزب؛ ناشدوه فيها أن يرشح نفسه لقيادة الحزب، وأن يكون على رأسه في انتخابات 23 آذار (مارس).

يومذاك اعتذر باراك عن المهمة، ليس لأنّ الحزب كان يسير حثيثاً نحو الانقراض (وهذا هو السبب الفعلي، رغم الجهود المضنية التي تبذلها زعيمة «العمل» الحالية ميراف ميخائيلي)؛ بل، كما أعلن، لأنّ أحزاب «يسار الوسط» ليست مستعدة للتوحد.

وإذْ أثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة صحة تقديرات باراك لجهة أحوال تلك الأحزاب، ورصيدها الجماهيري قبل حصاد مقاعدها في الكنيست، فإنّ الخلاصة الأصدق حول ما أبداه من «غنج» في تسلّم القيادة هو حال الحضيض التي هبط إليها الحزب.

هذا مؤسس دولة الاحتلال كما يُقال عادة، الذي أفرز رؤساء حكومات من عيار دافيد بن غوريون وغولدا مائير وإسحق رابين، وحكم من 1948 وحتى 1977، ثمّ من 1992 وحتى 1996، واشترك مع «الليكود» خلال 1991 و2001؛ وهذا هو الحزب الذي وقّع اتفاقيات أوسلو، وعاقبه المتشددون اليهود باغتيال زعيمه رابين.

ولكنّ رصيده في الكنيست لا يتجاوز… ستة مقاعد!

يصحّ كثيراً، والحال هذه، وعلى أكثر من نحو في الواقع، الافتراض بأنّ الحزب يشهد المراحل الأخيرة من تشييعه إلى اندثار ماحق ختامي، أي إلى مزبلة التاريخ ذاتها التي سبق أن شيّعت إليها كتلة «مابام» في صفوف ما يُسمى بـ«يسار» الصهيونية، أو شيّعت الـ«هاغانا» والـ«إرغون» و«شتيرن» في الفريق الإرهابي اليميني.

وهذا استنتاج لا يقول به خصوم «العمل» أو أعداء الصهيونية إجمالاً، فقط؛ بل كان موضوع تكهنات المعلقين الإسرائيليين على اختلاف مشاربهم، حيث كانت استطلاعات الرأي الإسرائيلي تجهد قبل الانتخابات الأخيرة لاعتصار أيّ سيناريو يتيح للحزب أن يبلغ نسبة الحسم التي تتيح له دخول الكنيست أصلاً.

ولم يكن مدهشاً أنّ الرجل الذي اعتذر عن قيادة «العمل» مجدداً، كان هو ذاته الذي لم يغادر السياسة تماماً، بل واظب على الإيحاء بأنه قادم لا محالة، ذات يوم، ذات أزمة، ذات حكومة، ذات كنيست عالق.

أكثر من هذا، ذهب في قدح رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، الذي بات المزمن الأطول عمراً بين رؤساء حكومات الاحتلال أجمعين، إلى درجة تشبيه مصيره بما لقيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: إنهما «توأم سيامي»!

وكلاهما يعاني من نرجسية مرضية شديدة، ولن يتأخر الإسرائيليون في طرد نتنياهو من السلطة تماماً كمافعل الأمريكيون مع ترامب.

والحال أنّ الإسرائيليين خيّبوا آمال باراك، وإذا كانوا أحجموا عن منح نتنياهو أغلبية كافية في انتخابات الكنيست الرابعة هذه، فإنهم في الآن ذاته أعادوا التأكيد على تنصيبه زعيماً أوحد لليمين، وبعض اليمين المتدين، واليمين المصنّف إرهابياً في القانون الإسرائيلي ذاته!

وذلك بافتراض أنه لن يشقّ المزيد من صفوف العرب، ويُغلق الدائرة التي كانت شبه مستحيلة بين بعض الإسلام السياسي الفلسطيني والكثير من الإرهاب الصهيوني.

ويبقى أنّ عشر سنوات فقط انقضت على انشقاق باراك عن «العمل»، وتشكيل حزب جديد باسم «عتسمؤوت»، بذريعة أنّ الحزب الأمّ «انزلق إلى أقصى اليسار»، وأخذ يعتنق «آراء ما بعد حداثية وما بعد صهيونية».

فهل كان باراك يتحدّث عن كيان على الأرض، حيث الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري والاقتداء بالنازية؛ أم عن كيان في سماءات الاستيهام، حيث الصهيونية صافية متجمدة عند برهة من المحال أن تعقبها أحقاب ما بعد صهيونية، فكيف بأخرى ما بعد حداثية؟

لا إجابة يمكن أن تكون مهمة أصلاً، فمشروع حزب باراك ولد ميتاً، ومثله محاولات نفخ الروح في الحزب الأمّ الذي يندثر وينقرض ويُشيّع.

* صبحي حديدي كاتب صحفي سوري مقيم بباريس.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل، حزب العمل الإسرائيلي، الاحتلال، الفصل العنصري، باراك، اليمين، نتنياهو، ترامب،