الكوارث تضرب مصر.. حداد ووعود ولجان والفاعل مجهول

الأحد 28 مارس 2021 12:19 م

"المصائب لا تأتي فرادى".. مثل ينطبق على الواقع المصري، الذي شهد جملة من الكوارث والحوادث، خلال الأيام الأخيرة، مخلفة المئات من الضحايا، ومكبدة الخزانة المصرية، خسائر مالية فادحة.

من اختناق قناة السويس، إلى حادث قطارين مروع، ومن انهيار عقار سكني، إلى حريق بمحطة قطارات، ومول شهير، ومن انقلاب سيارة محملة بمياه نار، إلى حريق برج الدائري، تتوالى الكوارث على الشعب المصري، خلال مارس/آذار الجاري.

ووفق الأرقام الرسمية؛ فإن حصيلة الضحايا من القتلى والمصابين بالمئات، خلال الشهر الجاري، فضلا عن تزايد معاناة المواطنين في قطاعات مختلفة جراء استمرار تداعيات أزمة تفشي وباء "كورونا"، وتضرر صورة البلاد خارجيا، في وقت تستعد فيه للانتقال إلى عاصمة إدارية جديدة تقول السلطات إنها ستبهر العالم.

دماء تسيل

في 5 مارس/آذار الجاري، كان الطريق الصحراوي الشرقي، على موعد مع حادث تصادم مروع على طريق الكريمات، أسفر عن مصرع 18 شخصا، بينهم 10 من عائلة واحدة.

وفي 9 من الشهر ذاته، لقى 4 أشخاص مصرعهم، وأصيب 14 آخرون، في انقلاب سيارة محملة بمياه نار بنطاق مركز طامية بالفيوم بالقرب من طريق أسيوط الغربي، وسط تقارير عن ذوبان جثث، واختفاء معالم أخرى.

وفي 12 من الشهر ذاته، أقدمت السلطات المصرية على تفجير مبنى عقار فيصل الدائري المحترق، والمكون من 14 طابقا في كل طابق 9 شقق، أي نحو 108 شقق بخلاف المخزن والمحال الموجودة في الدور الأرضي.

لكن الكارثة الأكبر التي هزت الشارع المصري، كانت اصطدام قطاري سوهاج (جنوبي البلاد)، الجمعة الماضي، مما أدى إلى مقتل 32 شخصا وإصابة 165، وفق حصيلة رسمية عادت وزارة الصحة وعدلتها إلى 19 قتيلا و189 جريحا.

وفي اليوم التالي، انهيار عقار مكون من بدروم وأرضي و9 طوابق، بمنطقة جسر السويس، شمال شرقي القاهرة، أدى إلى مصرع 24، وسط توقعات بارتفاع عدد الضحايا بعد إزالة ركام الحطام، وانتشال المفقودين.

كذلك انهارت بعض أجزاء الأعمدة والسقالات المعدة لتجهيز وصلة جديدة لجسر قيد الإنشاء، في منطقة الهرم بالجيزة جنوبي القاهرة، إضافة إلى حريق بمول شهير بمنطقة رشدي شرقي الأسكندرية (شمال)، دون حدوث إصابات، كما اندلع حريق كبير في بعض المحال التجارية المجاورة لمحطة قطار "سكة حديد الزقازيق" بمحافظة الشرقية (دلتا النيل).

ودوليا تشعر القيادة المصرية بحرج كبير، جراء تعطل مرفق قناة السويس، نتيجة أزمة السفينة الجانحة لليوم السادس على التوالي، وتعطل مرور أكثر من 300 سفينة في المجري الملاحي الحيوي، وسط توقعات بأزمة في إمدادات النفط والمواد الأخرى.

اعتذارات ووعود

كان الشارع المصري يأمل مع تكرار تلك الكوارث، أن يجدر سلسلة قرارات حازمة بإقالة المسؤولين عن ذلك، أو إحالات لمحاكمات جنائية عادلة، أو تقديم استجوابات برلمانية عاجلة، أو خطة حقيقية لتجنب تكرار مثل تلك المآسي، لكن أحلامه ذهبت أدراج الرياح.

وتقتصر ردود الفعل على عزاء رئاسي، وتعهد بمحاسبة المسؤول عن التقصير والإهمال، وتوجه حكومي لإعلان الحداد، ودفع تعويضات لأسر الضحايا، واعتذار وتنصل من المسؤولية أبداه وزير النقل الفريق "كامل الوزير"، ملمحا إلى إغلاق المرفق لحين تطويره، أو الصبر والتحمل بعض الشيء، قائلا: "استحملونا لحد ما نخلص التطوير، علشان نوديكم أشغالكم وما نقفلش السكة الحديد".

لكن الأنكى من ذلك، ترويج الإعلام المصري لإصابة البلاد بلعنة الفراعنة؛ على خلفية قرب تحرك موكب المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير، إلى المتحف القومي للحضارة في منطقة الأهرامات بالجيزة؛ كمحاولة لرفع الحرج عن نظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، وتصوير تلك الكوارث على أنها "لعنة فرعونية".

وعلى مدار الأيام الماضية، ضجت مواقع التواصل بوسوم مؤيدة لـ"السيسي" ووزيره، تقف ورائها لجان إلكترونية، منها "#واثقين_في_السيسي"، و"#ادعم_كامل_الوزير"، إضافة إلى الظهور الإعلامي المكثف لوزير النقل وحديثه عن خطط تطوير السكك الحديد، بكلفة تصل إلى 225 مليار جنيه.

حداد ولجان

بالتزامن مع حالة الحداد المعلنة في الإعلام المصري، كان المشهد الأبرز في التعامل مع تلك الكوارث، هو القرار الحكومي الأزلي الذي يعقب أغلب الكوارث، ويقضي بـ"تشكيل لجنة".

ففي واقعة عقار الدائري المحترق، جرى تشكيل 3 لجان، الأولى من النقل لمعاينة العقار والتحقق من وجود تعدي على حرم الطريق من عدمه، والثانية من المختصين بالإدارة المركزية للسلامة والصحة المهنية بوزارة القوى العاملة، بشأن وجود مخزن أحذية أسفل العقار، والثالثة لجنة من الأساتذة المتخصصين بكلية الهندسة بجامعة القاهرة لفحص العقار وتحديد مصيره.

وتكرر الأمر في كارثة قطاري سوهاج، بإعلان النائب العام المصري، تشكيل لجنة خماسية من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية، وأحد أعضاء هيئة الرقابة الإدارية لفحص القطارين وبيان مدى صلاحيتهما، وصلاحية أجهزة التشغيل والسلامة الخاصة فيهما.

وعلى المنوال ذاته، تقرر تشكيل لجنة من هيئة قناة السويس لفتح تحقيق في حادث جنوح السفينة "إيفر جيفن"، لمعرفة أسباب وقوعه وحالة السفينة بالكامل وما نتج عن عملية الشحوط.

كذلك شكلت محافظة القاهرة، لجنة هندسية لفحص العقارات المجاورة للعقار المنهار بمنطقة جسر السويس لبيان مدى تأثرها من الانهيار.

وقبل ذلك، جرى تشكيل لجنة هندسية لفحص السيارات المتسببة والمتضررة فى حادث طريق الكريمات، لبيان أسباب وقوع الحادث بشكل تفصيلى، وعما إذا كان هناك تجاوز من السائق أو عدم صلاحية السيارة للعمل.

ويتندر المصريون على ذلك، بالقول"عاوز تدفن موضوع شكل له لجنة، ولجنة من لجنة، وهكذا دواليك حتى باب القبر"، وهو ما ينتهي إلى تكرار نفس الكوارث، وربما بطريقة مشابهة، وخلال أوقات متقاربة، دون محاكمة أحد أو إقالة مسؤول.

ويثير من حنق المصريين، توجه موارد الدولة نحو استكمال مشروعات استعراضية مثل أكبر برج، وأكبر أوبرا، وأكبر حديقة، وأطول سارية علم، وأكبر مسجد، وأكبر كنيسة، دون النظر إلى استمرار مسلسل إزهاق الأرواح الذي بات ضيفا ثقيلا على المشهد المصري.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطاري سوهاج عقار الدائري المحترق انهيار عقار جسر السويس قناة السويس عبدالفتاح السيسي مصر

اتهمتها بالتقاعس والتقصير.. النيابة المصرية تدين الحكومة في واقعة حريق عقار الدائري