استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمة لبنان ولعبة الصلاحيات

السبت 3 أبريل 2021 08:02 ص

أزمة لبنان ولعبة الصلاحيات

مفتاح حلّ الأزمات المركّبة التي يعيشها اللبناني تكمن في تشكيل الحكومة مما يحتاج لتوافق أو اتفاق سياسي وهذا لم يتوفّر بعد.

الأفق السياسي بحالة انسداد بل أخذ منحىً تصاعدياً مع الخلاف الحادث بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة.

بات انسداد أفق الحلّ السياسي مرتبطاً بالحلول المنتظرة للوضع الإقليمي أي أنّ حلّ أزمة لبنان ينتظر إقامة أو إنشاء نظام إقليمي جديد.

بات اللبنانيون محكومين بالانتظار والصبر على أزمات معقّدة تكويهم وتجوعهم بعد أن أخذتهم تلك الطبقة السياسية أسرى محاور ومعادلات إقليمية ودولية.

*     *     *

مضت قرابة ثمانية أشهر على انفجار مرفأ بيروت، وحوالي خمسة أشهر على تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة "مهمّة" من أصحاب اختصاص، وفقاً لمبادرة طرحها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على القوى السياسية اللبنانية في أثناء زيارته بيروت بعيد انفجار المرفأ مباشرة.

غير أنّ شيئاً لم يحصل ولم يتغيّر، فالأفق السياسي على حاله من الانسداد، بل أخذ منحىً تصاعدياً مع الخلاف الحادث بين رئيس الجمهورية، ميشال عون، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة، سعد الحريري.

والأزمة الاقتصادية والمعيشية إلى مزيد من التعقيد، في ظل انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية الأخرى، سيّما الدولار الأميركي، حيث بلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازية في بيروت 15 ألف ليرة لبنانية.

والأزمة الاجتماعية أيضاً إلى مزيد من التعقيد، في ظل تفشّي جائحة كورونا من ناحية، وفشل الحلول التي طرحتها الحكومة لمواجهتها من ناحية ثانية، والوضع المعيشي الذي فتك بالأسر اللبنانية من ناحية ثالثة.

بات الجميع في لبنان وفي الخارج يدرك أنّ مفتاح حلّ الأزمات المركّبة التي يعيشها اللبناني تكمن في تشكيل الحكومة، وهذه تحتاج إلى توافق أو اتفاق سياسي، وهذا لم يتوفّر بعد.

والتوافق أو الاتفاق السياسي، أو بصورة أدقّ الخلاف السياسي الذي يسدّ الأفق أمام الحلول يظهر على هيئة خلافٍ على الصلاحيات، خصوصاً بين الرئيس عون والمكلف الحريري.

وقد تجاوز عون النصوص الدستورية الناظمة لعملية تشكيل الحكومة، عندما طالب الحريري بتقديم تشكيلة حكومية على هواه وطلبه، أو الاعتذار، علماً أنّ كلاً من الرئيسين منتخبٌ من المجلس النيابي وفق آلية منصوص عليها في الدستور، وهنا يكمن الانتهاك الفاضح الأول للنص الدستوري من رئيس الجمهورية.

هذا إضافة إلى إرساله (عون) أنموذجاً إلى الرئيس المكلّف، يتضمّن كيفية تشكيل الحكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والمذاهب والقوى السياسية، تاركاً للرئيس المكلّف "وضع الاسم المناسب في المكان المناسب" طبعاً بعد التشاور معه.

وهذا أيضاً مخالف للدستور الذي أعطى حق تشكيل الحكومة حصراً للرئيس المكلّف. وفي مقابل ما حاول رئيس الجمهورية، ميشال عون، فرضه وتكريسه عرفاً دستورياً، رفض الرئيس المكلّف هذه الطروحات، وكشف أنّه تقدّم بتشكيلة حكومية قبل حوالي مائة يوم إلى رئيس الجمهورية الذي لم يأخذ بها ولم يرفضها.

بل وضعها في الدُرج، واتهمه بأنّه يريد التحكّم بالحكومة بشكل كامل من خلال المطالبة بثلث أعضائها، وهذا مرفوض من كل اللبنانيين لأيّة جهة سياسية.

.. إنها، إذن، لعبة أو حرب صلاحيات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، غير أنّ هناك من يذهب إلى القول، تصريحاً أو تلميحاً، إلى أنّ المسألة ليست في الصلاحيات، إنّما بما هو أعمق من ذلك.

تكمن بـ"لعبة الأمم" في لبنان التي تريد أن تبقيه ساحةً لتصفية الحسابات وتبادل الرسائل والضغط والضغط المقابل. وقد أشار إلى ذلك البطريرك الماروني، بشارة الراعي، في إحدى عظاته، عندما قال إنّ المسألة لو تعلّقت باللبنانيين لأمكن تشكيل حكومة خلال 24 ساعة، غير أنّ مصالح خارجية تعطّلها.

يذهب فريق من اللبنانيين ممّن يناصب إيران العداء إلى اتهامها بأنّها تعرقل تشكيل الحكومة بالضغط عبر حليفها في لبنان، حزب الله، على رئيس الجمهورية عون، بانتظار أن تبدأ المفاوضات الإيرانية الأميركية حول الملف النووي.

ويستندون في هذا الاتهام إلى تصاريح ومواقف شخصيات وقادة إيرانيين، جديدها قول مستشار رئيس مجلس الشورى الإيراني، عبد الله هيان، إنّ المعادلة في لبنان تستند، أو يجب أن تستند، إلى ثلاثية الجيش والمقاومة والحكومة القوية.

في مقابل ذلك، يتهم الفريق الذي يتحالف مع إيران الولايات المتحدة، بشكل أساسي، ومن خلفها أو بعدها العربية السعودية، بعرقلة تشكيل الحكومة، والضغط على الرئيس المكلف لرفض تشكيل حكومة "تكنو سياسية" بغرض الهيمنة على قرارها، فضلاً عن شروط أخرى مطلوبة، تتصل إمّا بترسيم الحدود البحرية لصالح إسرائيل، أو بمسألة سلاح حزب الله.

والحقيقة التي لم تعد خافية على أحد من اللبنانيين أنّ انسداد أفق الحلّ السياسي بات مرتبطاً بالحلول المنتظرة للوضع الإقليمي. بمعنى آخر، إنّ حلّ أزمة لبنان ينتظر إقامة أو إنشاء نظام إقليمي جديد وفق معايير جديدة وشكل جديد.

لكن الصعوبة أنّ هذا النظام بات محكوماً أيضاً إمّا بتوافق أطراف فاعلة كثيرة في الإقليم، لأنه غير محصور بطرفين فحسب، أو بانتصار إرادة وقوة طرف على الآخرين، وهذا بحاجة إلى وقت ليس قليلاً.

ومن هنا، بات اللبنانيون محكومين بالانتظار والصبر على هذه الأزمات المعقّدة التي تكويهم وتجعلهم يتضوّرون جوعاً، بعد أن أخذتهم تلك الطبقة السياسية أسرى المحاور والمعادلات الإقليمية والدولية.

* وائل نجم كاتب صحفي لبناني

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

لبنان، أزمة، الإقليم، حزب الله، الحل السياسي، سعد الحريري، إيمانويل ماكرون، الصلاحيات، لعبة الأمم، ميشال عون،