استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اقتصاديات الإيمان

الثلاثاء 6 أبريل 2021 07:35 ص

اقتصاديات الإيمان

يأتي كتاب "إقتصاديات الإيمان" في ظل غياب الإجماع العلماني حول النموذج التنموي الأمثل و"الممارسات الدولية الفضلى".

تزايد اهتمام علماء الاقتصاد بالغرب بدور الأخلاق والثقة والدين والإيمان و"القطاع الثالث" في علاج إخفاق السوق والتدخل الحكومي معاً.

مطلوب خيارات استراتيجية تُكمّل القانون والمصالح الذاتية "المستنيرة" وتساند مؤسسات الحكومة والسوق الحرة في تحقيق التنمية والتقدم البشري.

*     *     *

بعد وفاة الاشتراكية وبعد تعدد مؤشرات احتضار الرأسمالية، وبعد إخفاق السلطوية والليبرالية في العالم العربي في الألفية الثالثة، تزايد الإهتمام العالمي بخيارات بديلة "ثالثة" أكثر كفاءة وعدالة واستدامة.

خيارات استراتيجية تُكمّل القانون والمصالح الذاتية "المستنيرة"، وتساند مؤسسات الحكومة والسوق الحرة في تحقيق التنمية والتقدم البشري.

وفي هذا الإطار، تزايد اهتمام علم الإقتصاد الغربي بدور الأخلاق والثقة بالآخرين والدين والإيمان و"القطاع الثالث" في علاج إخفاق السوق والتدخل الحكومي معاً.

يأتي كتاب "اقتصاديات الإيمان" لمؤلفه الأستاذ د. عبد الرزاق بني هاني، ومراجعة كاتب السطور، من ضمن المؤلفات العربية المحدودة في هذا المجال.

الكتاب (168 صفحة من القطع الصغير) نشر في عام 2017 أي بعد الأزمة المالية والإقتصادية العالمية 2008 وتداعياتها الكارثية، لكن بروز الركود العالمي الأعمق جرّاء وباء كورونا 2020 قد ضاعف من أهمية الكتاب وموضوعه العام.

وللعلم الأستاذ الدكتور عبد الرزاق بني هاني هو أستاذ الإقتصاد في جامعة اليرموك، ورئيس جامعة جرش سابقاً، وللمؤلف العديد من المقالات والمؤلفات الاقتصادية غير التقليدية من أمثال كتابنا الحالي.

الكتاب جاء في 11 فصلاً موجزاً، بدأ فصله الأول بقصة آدم وزوجته في الجنة، موئل البشرية قبل الخطيئة، حيث الموارد لانهائية وكافة الرغبات مُشبعة عدا شجرة واحدة!

وفي حين تناول الفصل الثاني المشروع الاقتصادي في عمارة الأرض في ظل الندرة والشهوة، فقد ناقش الفصل الثالث والرابع والخامس مواضيع إقتصادية مرتبطة هي: الشيوعية والرأسمالية على أرض الواقع، ونظام السوق والأسعار الأعمى، والدورة التجارية وأشكال الطاقة بما فيها الطاقة المعنوية.

الفصل السادس والثامن خُصصا لمعالجة موضوعي: المشروع الاجتماعي مع التركيز على التعليم والحرية والمشروع السياسي (اقتصاديات الحكمة وأهمية الوحدة). وأنهى الكتاب بخلاصة حول الطريق الآمن وهو طريق الإيمان والإسلام المتكامل، مع تنويه مؤلف الكتاب الى ضرورة عدم التطرف.

ويأتي كتاب "إقتصاديات الإيمان" في ظل غياب الإجماع العلماني حول النموذج التنموي الأمثل و"الممارسات الدولية الفضلى". 

فمع الألفية الثالثة، أصبح هنالك قناعة أكيدة بصعوبة التوصل الى "وصفة" تنموية جاهزة وتفصيلية تنطبق على كافة الدول، والى "مقاس واحد" للاصلاح المؤسسي يناسب مختلف الاقتصادات، النامية منها والصناعية، والصغيرة والكبيرة، والوفيرة في الموارد الطبيعية والغنية بالموارد البشرية الى غير ذلك من سمات اخرى عديدة تميز كل اقتصاد على حدة.

هذا يشمل ما يُعرف بـ"اجماع واشنطن" وبرامج التصحيح الاقتصادي برعاية صندوق النقد والبنك الدوليين.

وبعيداً عن سراب "نهاية التاريخ" و"الليبرالية الجديدة" وشعوذتهما، أكد المفكر المعروف فوكوياما في كتابيه "التصدع العظيم" (1999) و "الثقة" (1995) على "رأس المال الاجتماعي"، حيث للأخلاق أهمية لا تقل عن القانون، وللثقة بين الناس أولوية على المدخرات المعطلة، وللفضائل الاجتماعية دور أساسي في ازدهار الاقتصاد.

علماء سياسة بارزون مثل روبرت دال (منظّر التعددية الأبرز) وأنتوني داونز، واقتصاديون أعلام مثل كينيث بولدنغ وجيمس بيوكانان وعلماء اجتماع مثل أميتاي إتزيوني، الى جانب فلاسفة كبار مثل كارل بوبر، يؤيدون رأي فوكوياما بأهمية القيم الأخلاقية المشتركة.

ومن المزايا الجاذبة للكتاب قيد المراجعة استقاؤه من تخصصات عدة، مثل نظرية الفوضى ونظرية السلع العامة واقتصاديات الموارد والبيئة.

كما أكد الكتاب على نوعية المؤسسات في تحقيق التنمية، بشقيها المؤسسات الرسمية (التشريعات والهيئات العامة) وغير الرسمية (القيم والأخلاق والعادات).

كما شدد الكتاب على أهمية المصلحين (الذين يُشكلون اثنان بالألف من أفراد المجتمع حسب الكتاب) في حماية المجتمع وتطويره.

فالإيمان وصدق التعامل يُخفضا كلفة المعاملات في كل تبادل أو نشاط إقتصادي، صغيراً كان أم كبيراً، مما يشكل الحلقة الأقوى للنمو والإنتعاش الاقتصادي. وهو ما يمكن أن يمثل عنصر "البركة" في الاقتصاد الإسلامي.

* د. جمال الحمصي باحث في الاجتماع والاقتصاد الإسلامي.

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

اقتصاديات الإيمان، عبد الرزاق بني هاني، الاقتصاد، الدين، الأخلاق، السوق، الليبرالية الجديدة، الاشتراكية، الرأسمالية، السلطوية، العالم العربي، البركة،