استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ماذا تحتاج حتى تكون ممانعا؟

الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 03:10 ص

الموضوع بسيط، كل ما تحتاج إليه هو أن تتذكر أمراً واحداً، هو أنك في كل مواقفك السياسية، إنما تقف دوماً مع القضية الفلسطينية وضد الصهاينة ومن ورائهم من عملاء وإمبرياليين. عليك أن تتذكر هذا على حساب النسيان التام لكل ما سواه.

فأنت، كي تكون متسقاً مع نفسك عليك أن تنسى أن مواقفك هذه تعني دعم نظام مثل نظام الأسد، نظام اجتمعت فيه كل رذائل ومساوئ الأنظمة العربيّة. نظام مستبد، يقتل مواطنيه إن طالبوا بالحرية.

نظام استثمر التمايزات الطائفية التي خلفها الاستعمار الفرنسي، ليمتن من نفسه ويضمن بقاءه، ومثلما كان الانتداب يجند الجنود من طوائف محددة ليحمي نفسه، قام هو بعمل مماثل لحماية نفسه.

هو نظام يمثل استمراراً للاستعمار أكثر من كونه رفضاً له.

ليس هذا فقط، عليك أن تنسى أنه نظام عميل! فأنت في تذكرك المستمر بأنك تواجه العملاء والإمبريالية تنسى أن هذا النظام مستعد للتعاون مع الشيطان نفسه من أجل البقاء. فبعد الميليشيات الطائفية من العراق ولبنان وأفغانستان وغيرها من بلدان العالم، جاءه الدعم الإيراني، ثم ذلك أعقبه الروسي، وهو قد أبدى ترحيباً بكل «عدوان» على أراضيه - بحسب لسان وزير خارجيته - لا يكون النظام هدفاً له.

إن لم يكن التعاون مع الأجنبي والسماح له بانتهاك سيادة البلد عمالة، فليس هناك عملاء. لكن لأن هذا الأمر يعكّر صفو منطقية موقفك، تختار نسيانه حلاً. عليك أن تنسى أيضاً أن ثورة حدثت في سورية، أن تخفي ذكراها وتاريخها بـ«كليشات» جاهزة: (مجموعات مسلحة)، (عملاء)، (إرهابيين)… من دون أن تفكّر لحظة بمعاني هذه الكلمات، بالمعايير التي يمكن من خلالها أن نصف بها شخصاً ما، وبأنها قد تنطبق على من تتناسى أنك تدافع عنه.

خذ الإرهاب مثلاً، ماذا يعني؟ قتل المدنيين؟ من أكثر من قتل مدنيين في سورية؟ أليس هو النظام؟ لماذا لا يكون إرهابياً؟ تحتاج إلى أن تحوّل «الإرهاب» إلى هويّة، كي تستطيع نفيه عن النظام.

إضافة إلى كل هذا، عزيزي الممانع، عليك أن تنسى ماذا تعني كلمة «مقاومة».

عليك أن تنسى أنها مجموعة أعمال وليست هوية. ياسر عرفات كان مقاوماً، لكنه بعد «أوسلو» كفّ عن ذلك. فهو «مقاوم» طالما أنه يقوم بأفعال وأعمال تهدف إلى طرد المحتل من الأرض ونصرة القضية الفلسطينية. وهذا المعنى لا ينطبق على دعم بقاء نظام مستبد في سوريا.

قد يكون لديك ألف مبرر لتبرير هذا الدعم، لكن «المقاومة» ليست واحداً منها، إلا إذا كنت تعتبر «المقاومة» هوية أو اسم علم، مثلما أن كوريا الشمالية تسمي نفسها بـ«الديمقراطية»، والنظام الذي يرث فيه الابن الحكم عن أبيه يسمي نفسه «جمهورية». فقط في هذه الحالات يمكن أن يكون الاشتراك في حرب أهلية مقاومة.

عليك أن تنسى أيضاً العضو الذي انضم حديثاً إلى معسكر الممانعة. أقصد النظام الطائفي الذي وضعه المحتل في العراق. فأنت ضد الهيمنة الأميركية في المنطقة، وكل حلفائها في المنطقة، إلا أنك في معسكر واحد مع صنيعتها المباشرة، النظام الذي رسمته بالقلم والمسطرة، ولاتزال تدعمه وتؤيده وتحميه وتحرسه.

عليك أن تنسى كل هذا، فالعالم الذي تريد أن تتذكره هو عالم بسيط: أبيض وأسود، الممانعون في جهة، وأعداؤهم كلهم في جهة أخرى. أن يكون أحد الأعضاء الرئيسين في الممانعة صنيعة أحد أعدائها؟ هذا أمر لا حل له سوى النسيان.

وكما أنك تتذكر أنك علماني، وحداثي، وضد «الحركات العقائدية» - إن كان لهذه الكلمات أي معنى - والحركات الإسلامية الدينية، فإنك تنسى أيضاً أن زعيمة محور الممانعة هي «جمهورية إسلامية» طائفية، وبطلها المدلل هو إسلامي، طائفي، شيعي.

وعندما يقوم أحد - كما أفعل أنا - بتذكيرك بكل هذا فإنك تصرف انتباهك عن التفكير في هذه الأمور إلى التركيز على الدافع أو الدوافع خلف هذا التذكير، لتستنتج الاستنتاج الذي تستنتجه كل مرة: أني عميل، أني طائفي، أني ضد القضية الفلسطينية لأني أتناسى أن كل من ذكرت أسهموا في قتال العدو وتحرير الأرض، ولا أتذكر فيهم إلا هذه الأشياء. «التي قد تعتبرها هامشية مقابل دعم القضية».

ولكن النسيان الأكبر في كل هذا هو أن دعمك قضية فلسطين إنما هو دعم للعدل في وجه الظلم، وأن من يقف في وجه الظلم في مكان عليه أن يقف ضده في كل مكان. وهذا النسيان، حاول الكاتب بدر الإبراهيم مرة أن يستفزه بسؤال مباشر وجهه إلى حزب الله: «هل يمكن للمقاومة فهم أن القمع واحد سواء أصدر من مستبد أم مستعمر؟

وأن الأمة بدأت ترى قمعاً وحشياً لها من المستبد يطابق قمع الإسرائيلي والأميركي، ما يجعل الإسرائيلي والمستبد العربي واحداً بالنسبة لهما، وإن كان المستبد ممانعاً»؟ ليطرح جواباً حاسماً على هذا السؤال: «لا يجوز سحق الإنسان السوري والعربي باسم المقاومة وفلسطين، فهذه إساءة إلى الاثنين معا..».

إن بالإمكان دوماً أن نكون ضد الاحتلال وضد الاستبداد، بالإمكان دوماً ألا نربط آمالنا بخيارات مستبد أو طائفي، وأن نتذكر أن شمعة النضال ضد الظلم الصهيوني لم تكن يوماً مرهونة بنسيان كل الظلم الذي يقوم به من يدعي دعم هذا النضال.

* سلطان العامر كاتب سعودي.

  كلمات مفتاحية

القضية الفلسطينية (إسرائبل) الأسد الأنظمة العربية الطائفية الاستعمار العراق لبنان أفغانستان