هل اقترب شهر العسل التركي الإيراني من نهايته؟

الأحد 11 أبريل 2021 06:58 م

على مدار العقد الماضي، استفادت تركيا وإيران بعدة سنوات من الشراكة الاستراتيجية اتسمت بالتعاون العسكري وتلاقي المصالح الجيوسياسية والعلاقات التجارية الموسعة، ولكن بعد سنوات من هذا التعاون، تواجه العلاقات الثنائية بين طهران وأنقرة مؤخرا توترات نتيجة إعادة التموضع الجيوسياسي لتركيا وحرصها على توسيع نفوذها في المنطقة المحيطة بها.

فقد قامت أنقرة وطهران بدعم أطراف متضادة في العديد من النزاعات الإقليمية المهمة، بما في ذلك الحرب الأهلية السورية والنزاع في ناغورني قره باغ بين أرمينيا وأذربيجان.

وأدت هذه النزاعات الإقليمية إلى صدامات خطابية بين البلدين، حيث قام وزراء كل بلد باتهام البلد الآخر بتقويض سيادة بلادهم، وإذا استمر هذا الوضع، فإن هذا النمط من الخطابات العدائية المتصاعدة يمكن أن يمهد لمواجهة أكبر بين القوتين الإقليميتين.

دعم وتلاقي مصالح

بعد محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، توطدت العلاقات الثنائية بين أنقرة وطهران بشكل كبير، وبالرغم من سنوات التوتر مع تركيا في سوريا واليمن، أدانت إيران بصراحة الانقلاب أثناء وقوعه، لتصبح واحدة من أولى البلدان في العالم التي دعمت الحكومة التركية.

بالنسبة لطهران، فإن التعامل مع "فتح الله جولن" المعروف بعدائه الأيديولوجي الشديد لإيران، سيكون أكثر إشكالية من الحفاظ على علاقات مع حكومة "أردوغان"، حتى إن شهدت هذه العلاقات توترا في بعض الأحيان.

ولهذا السبب، اتصل وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" بنظيره التركي "مولود جاويش أوغلو" في غضون ساعات من محاولة الانقلاب، وأخبره بدعم إيران الكامل لـ"أردوغان".

وفي عام 2017، وجدت طهران وأنقرة بعضهما البعض على نفس الجانب ضد أبوظبي والرياض في أزمة دول مجلس التعاون الخليجي.

لم تنتقد الرياض آنذاك استضافة الدوحة لزعماء جماعة "الإخوان المسلمون" فقط (والذين ينحاز لهم أردوغان)، ولكنها انتقدت أيضا علاقاتها الودية المتزايدة مع إيران، العدو الأيديولوجي والجيوسياسي اللدود للسعودية. ومع دعم كل من طهران وأنقرة علنا ​​للدوحة، تعززت العلاقات الثنائية.

وعندما عقد إقليم كردستان العراق استفتاء على الاستقلال في سبتمبر/أيلول من العام ذاته، تعاونت طهران وأنقرة في مواجهة إعلان الاستقلال.

عدو عدوي صديقي

وفي الوقت الذي ساءت فيه علاقات أنقرة مع الغرب، فإنها اتجهت نحو الشراكات مع طهران وموسكو، وبالنسبة لـ"أردوغان" فإن حقيقة أن الولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، انتظرت فشل الانقلاب قبل أن تدينه، قد عمّقت العلاقات المتوترة مع الغرب.

وفي أعقاب الانقلاب، رفضت واشنطن أيضا تسليم "جولن"، الذي تتهمه تركيا بتدبير الانقلاب، مما أدى إلى مزيد من العداء.

وفي العام التالي، أضعف "أردوغان" العلاقات العسكرية والتجارية مع الولايات المتحدة من خلال الشروع في شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400"، مما أغضب الإدارة الأمريكية.

وفي الوقت نفسه، فإن انسحاب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي مع إيران وفشل الاتحاد الأوروبي في إحياء الاتفاق خلق بيئة مثالية لتعاون إيران وتركيا.

اختلاف الأجندات الإقليمية

وبالرغم من التحسن العام في العلاقات، فإن التطورات الأخيرة قد تؤثر على علاقات تركيا مع إيران.

ومما أثار استياء إيران، قول وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، في مارس/آذار إنه لا يوجد سبب يمنع أنقرة من "إصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات"، ورفضت الرياض حتى الآن استعداد أنقرة للتقارب، مواصلة المناورات العسكرية المشتركة مع اليونان (العدو التاريخي لتركيا) في البحر الأبيض المتوسط.

ومع ذلك، فقد بدأت الشركات السعودية في إنتاج الطائرات المسيرة مع تركيا، في علامة غير مباشرة على انفراجة ما، وعمومًا ستكون الأشهر القليلة القادمة حاسمة، خاصة مع مساعي تركيا أيضا إلى إصلاح علاقاتها مع مصر، التي تعد حليفة أخرى للسعودية في المنطقة.

أما حرب ناغورني قره باغ في عام 2020 بين أرمينيا وأذربيجان، فقد كشفت الخلافات الصارخة بين تركيا وإيران في القوقاز، حيث تشعر طهران بالتهديد من نهج تركيا، النابع من سياسة خارجية قائمة على الوحدة التركية.

ويعتبر هذا الأمر مهما بالنسبة لطهران، بالنظر إلى أن الصراع على الحدود الشمالية لإيران مع وجود العديد من الأذريبيجانيين في شمال إيران.

وبالرغم أن إيران وأذربيجان تتمتعان بأغلبية شيعية، فقد تجاوزت طهران الحدود الطائفية خلال التسعينيات، ودعمت أرمينيا في أول صراع في قره باغ، بسبب مخاوف من أن نصرًا أذربيجانيًا قد يؤدي إلى محاولات انفصال من الأذربيجانيين الإيرانيين.

وفي صراع 2020، قدمت تركيا دعمًا عسكريًا متقدمًا لأذربيجان بشكل علني، وظلت إيران محايدة لكنها كانت تراقب بريبة، وعندما ألقى "أردوغان" قصيدة في ديسمبر/كانون الأول 2020 تدعو إلى إعادة توحيد جانبي أذربيجان، فإنها ولّدت عاصفة في إيران وتسببت في اتهامات متبادلة بين المسؤولين الأتراك والإيرانيين.

كما وقع خلاف دبلوماسي آخر بين طهران وأنقرة في فبراير/شباط 2021 عندما اعتقلت السلطات التركية الدبلوماسي الإيراني "محمد رضا ناصر زادة" متهمة إياه بالتورط في اغتيال معارض إيراني على الأراضي التركية.

ورفضت وزارة الخارجية الإيرانية الاتهام التركي باعتباره "لا أساس له"، بالرغم أن إيران لديها سجل حافل بمثل هذه العمليات. وقبل الإجراء التركي، واجهت أنقرة انتقادات واسعة لتجاهل اغتيال واختطاف المعارضين الإيرانيين على الأراضي التركية من قبل السلطات الإيرانية.

وأخيرا، قبل شروع تركيا في تنفيذ عمليات عسكرية في منطقة سنجار في العراق في محاولة للقضاء على وجود حزب العمال الكردستاني، أصدرت الميليشيات المدعومة من إيران تهديدات ضد أنقرة، وإن كانت لم تسفر عن شئ في نهاية المطاف.

ومنطقة سنجار الواقعة في شمال غرب العراق، هي منطقة مهمة استراتيجيًا تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران، وأفادت التقارير أن السفير الإيراني في العراق، "إيراج مسجدي"، قال: "نحن لا نقبل على الإطلاق أن تتدخل تركيا أو أي دولة أخرى في العراق عسكريا".

ورد مبعوث تركيا للعراق، "فاتح يلدز"، قائلا: "مسجدي آخر شخص يمكنه أن يُحاضر تركيا حول احترام حدود العراق"، بالنظر إلى وجود الميليشيات العراقية التي تسيطر عليها طهران بشكل علني.

أما بالنسبة للعلاقات التجارية التي كانت تاريخيا الدافع الرئيسي للعلاقات التركية الإيرانية، فقد أصبحت في أدنى مستوى لها بسبب آثار عقوبات عهد "ترامب" على إيران.

وعلى سبيل المثال، انخفضت واردات النفط التركية من إيران في عام 2019 بنسبة 63%، في حين انخفضت قدرة إيران على شراء البضائع التركية بشكل كبير.

ولكن بالرغم من العقوبات الأمريكية، من المرجح أن تستمر العلاقات التجارية، خاصة في ضوء المفاوضات النووية الأخيرة بين إيران ودول "مجموعة 5+1"، والتي يمكن أن تمهد الطريق لتخفيف العقوبات على إيران.

باختصار، قادت الأحداث الأخيرة في تركيا والمنطقة المحيطة بها حكومة "أردوغان" إلى إعادة التفكير في سياستها الخارجية، وفي الوقت نفسه، سعت طهران لعلاقات أفضل مع أنقرة، مما أدى لانفراجة تاريخية.

ومع ذلك، فبالنظر إلى التنافس الطويل بين تركيا وإيران والسياسات الخارجية والأجندات الإقليمية المتناقضة للدولتين، فمن المرجح أن تواجه العلاقات الثنائية عقبات في المستقبل المنظور، وفي حين أن العلاقات التجارية ستتواصل، إلا إنه يبدو أن شهر العسل بين طهران وأنقرة سيصل إلى نهايته.

المصدر | فاهد يوسيسوي - منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران تركيا العلاقات سوريا اليمن كردستان السعودية الإمارات اليونان ناغورني قره باغ

تركيا وإيران تتبادلان استدعاء السفراء بسبب العراق.. ما القصة؟

تركيا تعلن عن عملية عسكرية مشتركة مع إيران.. ما القصة؟

رغم المخاطر.. تركيا تعتبر إدارة رئيسي فرصة في ظل المواجهة مع الغرب