ماذا يعني التعاون الاستراتيجي التركي الليبي في مجال الإعلام؟

الأربعاء 14 أبريل 2021 01:56 ص

وقعت تركيا مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الإثنين، مذكرة التفاهم حول "التعاون الاستراتيجي في مجال الإعلام"، والتي نصت في تفاصيلها على تأسيس منصة إعلامية مشتركة، في خطوة لـ"تعزيز العلاقات الإعلامية" بين الطرفين.

جاءت هذه المذكرة، ضمن 5 اتفاقيات وقعتها حكومة الوحدة الوطنية الليبية مع تركيا.

ومن شأن هذه المذكرة أن تزيد من عمليات التواصل والتنسيق بين الجانب التركي من جهة وحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة "عبدالحميد الدبيبة"، من جهة أخرى.

ويرى مراقبون أتراك المذكرة، بأنها ستصب في إطار مواجهة ما توصف بـ"عمليات التضليل"، لكن آخرين ليبيين اعتبروا أنها ترتبط بأبعاد سياسية مستقبلية، لاسيما أن البلاد مقبلة على تحولات جذرية، قد لا تكون الدول الفاعلة فيها بمنأى عنها.

وحسب وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية الليبي "وليد عمار اللافي"، عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، عقب مراسيم التوقيع على الاتفاقيات، فإن المنصة المشتركة التي نصت عليها مذكرة "التعاون الاستراتيجي في مجال الإعلام" تهدف إلى "تأسيس الشراكة الإعلامية الاستراتيجية من خلال التعاون في مجال الإعلام والاتصال، والوصول للنشاط الفعال في تنسيق التحرك الإعلامي لدى البلدين".

وأضاف "اللافي"، الذي شغل سابقا مدير قناة "نبأ" الليبية، أن نطاق التعاون في المنصة سيكون بتبادل المعلومة والخبرة والتجربة والموارد في المجال الإعلامي، والقيام بالأعمال المشتركة بين المؤسسات الرسمية التي تنشط في المجال الإعلامي بين البلدين.

في المقابل، ذكرت وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية أن "مذكرة التعاون الاستراتيجي في الإعلام، ممتدة لسنة واحدة يتم تجديدها تلقائيا، بمدد مماثلة، مالم يجري فسخها من أحد الطرفين".

وأشارت الوسائل، إلى أن "المنصة المشتركة" سيكون جزء من عملها، متمثلا بتأسيس شراكات مع ممثلين إعلاميين وقطاعات مختلفة بين الطرفين.

بالإضافة إلى جزء آخر يرتبط بتنفيذ أعمال تلفزيونية وسينمائية مشتركة، وأيضا بـ"مكافحة التضليل الإعلامي على الساحة الدولية، وإجراء أعمال مشتركة مع المؤسسات الإعلامية الرسمية في البلدين".

ومنذ سنوات، تتخذ وسائل إعلام ليبية من مدينة إسطنبول التركية مقرا لها، وفي المقابل، هناك وسائل إعلام على الأرض، لكنها انقسمت سابقا ما بين وسائل تعرض رؤية الأطراف المسيطرة على الأرض، "حكومة الوفاق" في طرابلس، وقوات شرق ليبيا.

وكغيرها من مناطق الحروب، شهدت ليبيا تشتتا في السياسة الإعلامية الموحدة، وهو الأمر الذي ساعد في تغذية الانقسام العسكري والسياسي، وأيضا الانقسام المجتمعي ما بين مناطق تسيطر عليها "الوفاق"، وأخرى تتبع لقوات المشير "خليفة حفتر".

وتتفق أغلب الدراسات والتقارير ونشطاء المجتمع المدني على إسهام وسائل الإعلام الليبية بمختلف توجهاتها، في السنوات الماضية، في تأجيج النزاع بدلا من أن تكون وسائل للمصالحة والتوعية بالخطر الذي تتعرض له البلاد.

لذلك ومع دخول البلاد في مرحلة سياسية جديدة، قد يكون استمرار الواقع الإعلامي المفروض عقبة من شأنها أن تنعكس بالأثر السلبي على طرق المصالحة ونسيان تداعيات الصراع العسكري والسياسي.

من جانبه، يرى الكاتب والسياسي الليبي "إبراهيم بلقاسم"، أن حكومة الوحدة الوطنية، تسعى من خلال الشراكة مع تركيا، إلى "تطوير الإعلام الرسمي والحكومي ليكون وسيلة اتصال بين السلطة والمواطن بشكل فعال".

ويتابع: "لأن الإعلام الرسمي الليبي ما يزال بطيئا وتقليديا، ويواجه تحديات كبيرة جدا على مستوى التشريعات والقوانين وعلى مستوى الأدوات. وفي نفس الوقت له صعوبة في الاتصال".

وعن مذكرة التعاون الاستراتيجي، يوضح "بلقاسم" أن "السلطة السياسية الجديدة والحكومة في ليبيا من جهة وتركيا من جهة أخرى يحاولان استنساخ التجربة التركية في ليبيا، وهي تجربة فريدة بالنسبة لليبيين.

وفي المرحلة المقبل قد تكون "الشراكة في الإعلام" على مراحل.

ويشير الكاتب الليبي: "سيحاول الطرفان تأهيل القدرات والوسائل والمؤسسات الليبية وكوادرها، من خلال تبادل الخبرات والمعرفة، كما سيحاولان تطوير الاتصال السياسي، لتكون ليبيا قادرة على تنشيط الإعلام العام الرسمي في أداء رسالته".

في مقابل التفاصيل السابقة، ركّز الكاتب الليبي على نقطة لافتة قد ترتبط بشكل أو بآخر بمذكرة "التعاون الاستراتيجي في الإعلام".

ويقول إن "حكومة الوحدة الوطنية أمامها استحقاقات مهمة جدا في المرحلة المقبلة، بينها الانتخابات والتمهيد لها والإشراف عليها".

لذلك تتطلب هذه الاستحقاقات حسب "بلقاسم" رسالة واضحة للمواطن، تتحدد فيها توجهات السلطة وأهدافها، والسياسة العامة للحكومة، كخطوة لخلق شراكة مع المواطن".

ولم يخف الكاتب والصحفي الليبي مخاوفه مما وصفها بعمليات "اختطاف الإعلام الرسمي والعام في ليبيا"، مضيفا "إلى حد ما ينظر له على أنه مختطف فعليا بين التيارات والتجاذبات السياسية".

ويوضح: "عندما يذهب الإعلام في فكرة الاتصال السياسي، أعتقد في هذه المرحلة سنخرج من عملية أن يصبح الإعلام الرسمي إحدى أدوات الأطراف السياسية، ويصبح فعلا أداة مكملة للسلطة وقادرا على التعبير عن توجهاتها، ومساعدتها في الوصول لأهدافها".

أما الباحث في الشأن التركي "طه عودة أوغلو"، فيشير إلى أن مذكرة التفاهم حول التعاون الاستراتيجي في مجال التعاون بين تركيا وليبيا تحمل "أهمية خاصة ولها دلالاتها في هذا التوقيت من حيث المضمون"، خصوصا بعد التأكيد على سلامة الاتفاق الموقع بين البلدين، المتعلق بترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة.

ويقول "عودة أوغلو"، إن "تطورات العلاقات المستقبلية بين البلدين في المرحلة المقبلة بحاجة إلى التعاون المشترك للمحافظة على المصالح المشتركة بين البلدين".

ولعل عزم تركيا وليبيا إنشاء منصة إعلامية مشتركة يهدف بالمقام الأول إلى المساهمة في تعزيز العلاقات الإعلامية بين البلدين، حسب الباحث التركي.

ويتابع: "لكن الهدف الأساسي هو تبديد مخاوف الدول، التي كانت تتهم أنقرة بالتركيز على الجانب العسكري والأمني".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية اللليبية تعاون استراتيجي الإعلام تعاون إعلامي

المنفي يأمل دعم تفاهمات تركيا ومصر للمسار السياسي بليبيا