استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ستيفن والت: واشنطن.. رؤية جديدة للشرق الأوسط

الأربعاء 13 أغسطس 2014 09:08 ص

ستيفن والت، واشنطن بوست، 12\8\2014

تمضي الأوضاع في الشرق الأوسط من سيء إلى أسوء، فرحى الحرب الأهلية السورية تزداد شراسة، وقضى الإسرائيليون الشهر الماضي في سفك دماء الفلسطينيين بلا هوادة. وتواصل "داعش" بسط سيطرتها على مساحات شاسعة من العراق، مهددة الآلاف من الطائفة الإيزيدية، ما دفع إدارة أوباما إلى النظر في توجيه ضربات جوية وتقديم بعض المساعدات الإنسانية المحمولة جواً. وفي هذه الأثناء، يترصد المسؤولون في بغداد بعضهم بعضاً.

وتتجه ليبيا نحو التفكك مبددة آمال "الصقور" الليبراليين الذين بالغوا في التفاؤل عقب سقوط القذافي. وفي أفغانستان، قتل جنرال أميركي، وتُهدد الانتخابات الثانية المتنازع عليها الديمقراطية هناك، وربما يتيح ذلك فرصاً جديدة أمام "طالبان" كي تحقق مكاسب على حساب الحكومة في كابول. ويبدو أن الظروف نفسها ضدنا؛ ذلك أن فيروس "كورونا" ينتقل عبر الهواء. وإن كنت متأكداً أن من الممكن إيجاد بعض الأخبار السارة إذا حاولنا، لكن علينا أن نمعن النظر والبحث!  

وتجذب سلسلة أحداث مثل هذه النقاد والمتنبئين والمتربصين. وفي مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في الأول من الشهر الجاري، رثى الكاتب المحافظ إليوت كوهين «الدمار» الذي حاق بالسياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط، ملقيا باللوم على إخفاق أوباما في إدراك «حقيقة الحرب»، وتردده في حشد الدولة لشنّ مزيد من الحروب. ونسي أن الحرب الأخيرة التي ساعد "كوهين" في دفع الولايات المتحدة لخوضها، أعني غزو العراق في عام 2003، تسببت في أضرار تفوق أي شيء فعله أوباما.

وقدم السفير السابق «تشارلز فريمان»، الذي أجرى دراسة على عقود من التدخل الأميركي في المنطقة، وجهة نظر أكثر إقناعاً، إذ توصل إلى نتيجة مثيرة للأسى، وهي أنه «من الصعب التفكير في أي مشروع أميركي في الشرق الأوسط الذي وصل الآن أو يوشك على الوصول إلى نهاية مأساوية».  

ولكن ألا يوجد بصيص ضوء في خضم هذه الصورة البائسة؟ عندما تكون الأمور بهذه الدرجة من السوء، لابد من إعادة التفكير في النهج الأميركي بأسره تجاه المنطقة، ويجب التخلي عن الصور النمطية والأفكار الدارجة، وإلقاء نظرة فاحصة متجددة على الأحداث.

ويشير "فريمان" إلى أنه منذ الحرب العالمية الثانية، كان التدخل الأميركي في المنطقة يتم بالشراكة مع مجموعة من الحلفاء الإقليميين. وربما أن هذه التحالفات كانت ضرورة استراتيجية أثناء الحرب الباردة، وإن كان البعض يشكك في ذلك، لكن الحقيقة المحزنة أن الولايات المتحدة لم يعد أمامها شركاء تلجأ إليهم في الوقت الراهن.

فالنظام الجديد في مصر ليس مقرباً من واشنطن، وحزب "العدالة والتنمية" بقيادة أردوغان في تركيا يميل نحو حكم الحزب الواحد، بينما ضلت سياساته الخارجية الطموحة طريقها. والتعاون مع نظام الأسد في سوريا أمر غير مطروح للنقاش، لكن خصوم الأسد ليسوا ملائكة أيضاً، وإيران نوع آخر من الدولة الثيوقراطية: فلديها ملامح شبه ديمقراطية، لكن سجلها في حقوق الإنسان مشين، وطموحاتها الإقليمية مقلقة.  

وأينما حلّت نظراتك لا تجد ما هو أفضل، فالمملكة الهاشمية في الأردن ظلت حليفة على مدار عقود، لكنها تعتمد اعتماداً كبيراً على الدعم الخارجي وأضعف من أن تكون محوراً للمشاركة الأميركية. وينطبق ذلك على لبنان. ولا توجد حكومة في ليبيا، ناهيك عن نظام ترغب الولايات المتحدة في التقارب معه. وأما إسرائيل فتواصل اعتدائها على الفلسطينيين بلا هدف استراتيجي دائم، وتتضمن تحركاتها في الوقت الراهن تأييداً صريحاً للسياسات الاستئصالية التي تؤيدها شخصيات سياسية بارزة.

ومن ثم، تعزز «العلاقة الخاصة» مع إسرائيل مشاعر العداء تجاه الأميركيين وتجعل واشنطن تبدو «منافقة» و«غير مؤثرة» في عيون كثير من دول العالم. وأما بقية الدول الأخرى في المنطقة فتتعامل مع الولايات المتحدة من قبيل مصالحها الشخصية، ومن الصعب أن تجد من بينها شريكاً استراتيجياً حقيقياً في هذه الآونة.

وفي خضم هذه البيئة غير الواعدة، من المنطقي ـ أو من الواقعي ـ أن تدرك الولايات المتحدة أنها في عالم غير مثالي وأن لا خيار أمامها سوى التعامل مع الأمر الواقع، وبالتالي التدخل وإبرام صفقات مع أطراف في المنطقة حتى وإن كانت تختلف معهم، استناداً إلى منطق المصلحة.  

بيد أن وجهة النظر هذه تفترض أن التدخل في هذه المنطقة المضطربة لا يزال ضرورياً للمصالح القومية الأميركية، وتفترض أيضاً أن واشنطن تجني امتيازات من تدخلها المتكرر نيابة عن شركاء أقل من أن يكونوا مخلصين. وبعبارة أخرى، ترتكز وجهة النظر هذه على اعتقاد أن هذه الشراكات وتدخل الولايات المتحدة يجعل الأميركيين أكثر أمناً وازدهاراً في الداخل. ولكن في ظل الوضع الحالي للمنطقة، والظروف التي يمر بها معظم حلفائنا المزعومين، أضحى هذا الافتراض محل شك كبير.

وفي الحقيقة، لا تمثل معظم النزاعات والانقسامات التي تعصف بالمنطقة حالياً أي تهديد مباشر على المصالح الأميركية الجوهرية. وبالطبع من الضروري أن نراقب عن كثب ما يحدث في سوريا أو غزة أو إسرائيل، لكن هذه الأحداث تكاد لا تؤثر مباشرة سوى على حياة عدد ضئيل من الأميركيين.. ما لم نتحامق ونزجّ بأنفسنا مرة أخرى في خضم العاصفة. 

وعلى الأميركيين أن يتذكروا أن الولايات المتحدة ربما تكون لها مصالح دائمة في الشرق الأوسط، لكن ليس بالضرورة أصدقاء دائمين. وعلى صعيد المصالح الاستراتيجية، كان الهدف الأميركي المركزي منذ الحرب العالمية الثانية هو منع أي قوة من الهيمنة على النفط الخليجي. ولكن في ضوء كافة الانقسامات والمشكلات في المنطقة، تجعل هذه الصراعات من الصعب على أية قوة الهيمنة على المنطقة.

ولم يعد من الممكن لأي دولة سواء كانت إيران أو العراق أو "داعش" أو الأكراد أو روسيا أو تركيا أو الصين أو أية جهة أخرى السيطرة على هذه المنطقة الشاسعة وإدارتها، وتهدئة كل الاختلافات والخصومات. وحتى إن حدث ذلك، فسيكون الهدف الأميركي الاستراتيجي عندئذ هو ما إذا كانت واشنطن تركت لها موطأ قدم أم لا.

 
*أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «هارفارد»

  كلمات مفتاحية

«عقيدة» أوباما الجديدة