استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

سفراء السعودية الجدد ... استثمار الثقل الاقتصادي سياسيا

الجمعة 23 أكتوبر 2015 05:10 ص

تُطرح الكثير من التساؤلات حول سياسات الخارجية السعودية بعد مغادرة الأمير، سعود الفيصل، لها، وهو الذي شغل المنصب لأربعة عقود، ثم تولى سفير المملكة السابق في الولايات المتحدة الأميركية، عادل الجبير، المنصب منذ 29 أبريل/نيسان الماضي. ويمكن قراءة بعض ملامح المرحلة الحالية والمقبلة للخارجية السعودية من خلال عدة متغيرات، تتمثّل في تعيين سفراء جدد من خلفيات اقتصادية، واستخدام القوة العسكرية كما في اليمن، بالإضافة إلى بناء تحالفات عربية ودولية موسعة.

تعيينات السفراء الجدد، والذين أقسموا اليمين أمام الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، يوم أمس الأول (الأربعاء)، حملت الكثير من المفاجآت في منطقة مضطربة سياسياً وعسكرياً. ففي ظل عدم الاستقرار في العراق وسورية واليمن، والانفتاح الغربي على إيران بعد الاتفاق النووي، وتمدّد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية، تأتي تعيينات السفراء في الدول الكبرى بنكهة اقتصادية.

فمن بين ثلاثة تعيينات في دول كبرى (الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا) يأتي سفيران من خلفية اقتصادية، وثالث من خلفية تعليمية. فسفير المملكة الجديد في فرنسا، خالد العنقري، ليس غريباً عن المناصب الحكومية، إذ عمل كوزير للتعليم العالي لما يقرب من 25 عاماً. وتدرّج قبلها في وزارة الشؤون البلدية والقروية، حتى أصبح وزيراً لها لفترة قصيرة.

أما السفير السعودي في ألمانيا، عواد صالح العواد، فقد كان مستشاراً لأمير الرياض، عندما كان الملك سلمان يشغل هذا المنصب في العام 2010. كما عمل وكيلاً لمحافظ الهيئة العامة للاستثمار، في حين يأتي سفير السعودية الأهم، سفيرها في واشنطن، الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي، من خلفية اقتصادية أيضاً، إذ عمل في الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والهيئة العامة للاستثمار، كما أسس الشركة السعودية الإيطالية للتطوير.

يقرأ مراقبون هذه التعيينات كدلالة على أولوية العلاقات الاقتصادية مع الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا، إذ إن تعزيز العلاقات الاقتصادية يمكن أن يكون مدخلاً لتعاون سياسي وعسكري أوسع، بينما ترى قراءة ثانية تأثيراً أقل لعمل السفراء، وأن الديوان الملكي يصنع السياسات بشكل يفوق وزارة الخارجية أحياناً.

مع هبوط أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقد من الزمان، يبدو وكأن السعودية تريد أن تعزز تعاونها الاقتصادي مع الدول الكبرى، للحفاظ على مستوى معين من الرفاهية الاقتصادية المحلية، ومعالجة إشكالات تتعلق بالاستثمار وتوفير فرص عمل وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الكبرى. ومن جهة أخرى، تحاول المملكة استثمار هذا الحضور الاقتصادي سياسياً.

فقد عُقد منتدى فرص الأعمال السعودي الفرنسي في أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بحضور رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، الذي اجتمع مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش المنتدى التجاري، كما عُقد مؤتمر صحافي هام لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، وأكد خلاله الجبير تطابق وجهات النظر السياسية بين المملكة وفرنسا تجاه قضايا المنطقة.

يمكن قراءة هذا التوجّه أيضاً في الرحلات الخارجية والاجتماعات التي عقدها محمد بن سلمان، مع شركاء المملكة الدوليين، والتي حملت أبعاداً اقتصادية هامة، حتى مع دول بينها وبين السعودية خلافات سياسية عميقة، كروسيا، إذ وضعَت هذه الرحلات والاجتماعات، خطوطاً عامة للتعاون الاقتصادي والتجاري، وعلى مستوى تطوير التكنولوجيا العسكرية، بين الرياض وموسكو، على الرغم من الخلافات حول دعم روسيا للرئيس السوري بشار الأسد، وتدخّلها العسكري المباشر في سورية، والذي عقّد الحسابات السياسية والعسكرية الإقليمية.

وتبدو الخارجية السعودية أمام معادلة، الرغبة في تطوير التعاون الاقتصادي مع الدول الكبرى، والحفاظ على مستوى جيد من العلاقات الثنائية، وبين الضغط على هذه الدول لتحقيق توافقات سياسية تساهم في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، ومحاربة "داعش"، وإيجاد حل للأزمة السورية، والصراع العسكري الدائر في اليمن، إذ تكتسب هذه القضايا الأربع أولوية قصوى للمملكة في الوقت الراهن.

فبينما لا توجد تباينات كبيرة في المواقف السياسية بين السعودية وفرنسا، يبدو وكأن الاختلافات أعمق بين السعودية وحليفتها الاستراتيجية، الولايات المتحدة. وإن دعمت الأخيرة التدخّل السعودي العسكري في اليمن، إلا أنها دأبت على التقليل من أهمية توسّع النفوذ الإيراني في المنطقة، لصالح رؤية أخرى تعطي الأولوية لانفتاح سياسي داخلي، ترى فيه الولايات المتحدة الطريق الوحيد للحفاظ على الاستقرار السياسي في الخليج.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، الدكتور مشاري النعيم، أن تعيينات السفراء السعوديين الأخيرة في الدول الكبرى، تنسجم مع السياسات الخارجية المعتمدة أخيراً، والتي تعبّر عن مرحلة جديدة في السياسة الخارجية السعودية، تعتمد على تفعيل واستثمار وزن المملكة الاقتصادي بشكل أكبر بما يعزز من حضورها السياسي، بشكل استراتيجي لا آني.

ويعتبر النعيم، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه من الطبيعي أن يمثّل الاقتصاد ذراعاً من أذرع السياسة الخارجية لأية دولة، فهناك من يُعرّف الدبلوماسيين باعتبارهم وكلاء اقتصاديين، لكن المتغيّر في السياسة الخارجية السعودية اليوم هو استثمار الجانب الاقتصادي للتأثير استراتيجياً على المدى المتوسط والطويل.

من خلال هذه الرؤية الاستراتيجية، يفسّر النعيم التعاون الاقتصادي في الحالة السعودية-الروسية، على الرغم من أن التباينات السياسية أكبر من الاتفاقات، بأنه تعبير عن نظرة استراتيجية متوسطة وطويلة المدى، تطمح إلى خلق لوبيات ضغط اقتصادية داخل هذه الدول، من أجل التأثير في تعاونها السياسي مع المملكة في المستقبل.

ويستشهد النعيم بهذا التغيير في استثمار السعودية لوزنها الاقتصادي العالمي سياسياً، من خلال مشروع المبادرة السعودية الأميركية الاستراتيجية للقرن الواحد والعشرين. ويأتي ربط القطاع الخاص الأميركي بعقود طويلة المدى مع نظيره السعودي، كأهم ملامح المبادرة الاستراتيجية السعودية الأميركية التي تسعى لصياغة العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة.

لكن هناك متغيراً مهماً في السياسة الخارجية السعودية، ربما لم تستثمره المملكة منذ حرب الخليج الثانية، عام 1991، ألا وهو استخدام القوة العسكرية من أجل فرض وقائع سياسية على الأرض. ويأتي التحالف العربي العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ مارس/آذار الماضي، كأهم تغير في السياسة الخارجية السعودية في هذه الناحية منذ ما يزيد عن عقدين من الزمان.

ويدخل في هذا السياق التلويح المستمر للجبير، باستخدام الورقة العسكرية في سورية، لإرغام الأسد على الرحيل، لبدء فترة انتقالية في دمشق، مع أن تدخلاً سعودياً عسكرياً مباشراً يبدو مستبعداً في سورية، إلا أن زيادة الدعم السعودي للمعارضة المسلحة أمر وارد جداً، خصوصاً بعد التدخل الروسي العسكري لتحسين وضع الأسد وشروطه التفاوضية.

  كلمات مفتاحية

سفراء السعودية الخارجية السعودية سعود الفيصل عادل الجبير الملك سلمان