استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

صدمة التسريب الإيراني وعبرته

الجمعة 30 أبريل 2021 07:17 ص

صدمة التسريب الإيراني وعبرته

دليلٌ قاطعٌ على أن العلاقات بين الحرس الثوري وموسكو تتجاوز مصالح إيران "الدولة".

يقول ظريف عن زيارة الأسد إيران، قبل أربعة أعوام، "نسّقنا للزيارة، أنا وسليماني، ولكن عندما أحضروه لم أكن على علم بذلك.

من ثنائية الثورة والدولة وُلدت ثنائية المعتدلين والمحافظين وتنافساتٍ وصراعات ونشأ النظام محكومًا ببنيةٍ تُمسك فيها أطراف نافذة بالقرار السيادي.

التسريبات تتهم روسيا صراحة بتعمد إفساد الاتفاق النووي بين إيران والغرب وظريف واضحٌ في اتهامها بالسعي لإبقاء إيران عالقةً بينها وبين الغرب.

*     *     *

منذ ميلاد نظام ولاية الفقيه في إيران، كانت العلاقة بين الثورة والدولة مطروحةً بدرجات متفاوتة من الحدّة. ومنذ أن فر الرئيس السابق، أبو الحسن بني صدر، من البلاد في 1981، والتقاطع يشكّل مصائر قضايا كثيرة وسياسيين كثيرين.

ومن رحم ثنائية الثورة والدولة، وُلدت ثنائية المعتدلين والمحافظين، بما شهدته من تنافساتٍ وصراعات. وقد نشأ النظام محكومًا ببنيةٍ تُمسك فيها أطراف نافذة بالقرار السيادي.

وجميعها لا يخضع وجودها، ولا تقييم أدائها، ولا ما تتصرّف فيه من أموال، ولا ما تتمتع به من صلاحيات تنفيذية واسعة، لأية سلطة منتخبة.

والتسريب الذي ظهر أخيرا لوزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، حمل تفاصيل مهمة ودلالات أكثر أهمية، في مقدمتها أن هناك داخل جهاز الدولة الإيراني، بعد كل ممارسات المحافظين القاسية، من يريد تغليب منطق الدولة على منطق الثورة، ولو جزئيًا.

وكما هو المشهد في 1988، عندما لم يجرؤ أحد سوى هاشمي رفسنجاني على إطلاع القائد الخميني على حقيقة التهديد الأميركي لإيران إذا لم تقبل إيقاف الحرب مع العراق، كان مشهد جواد ظريف، في يناير/كانون الثاني 2020، وهو يتلقى "لكمات سياسية" داخل مجلس الأمن القومي الإيراني، لأنه تجرّأ وسأل عن حقيقة سقوط الطائرة الأوكرانية.

والتعارض الذي اعتبرته وسائل إعلامية عديدة أكثر أهميةً في ما ورد في التسريب، كان بين ظريف وقائد فيلق القدس، الراحل قاسم سليماني، وتلك النقطة الأشد هشاشةً والأكثر عرضةً للانفجار في علاقة "مؤسسات الثورة" و"بيروقراطية الدولة".

وكما ورد في التسريب، وصف ظريف دوره في السياسة الخارجية للبلاد بـ "الصفر"، قائلًا: "يجب أن تكون سياسة ساحة المعركة أيضًا إحدى وظائف استراتيجية الدولة، لكن هذا ليس هو الحال، فسياسة ساحة الحرب هي التي تحدّد ماهية سياسة البلاد".

ورغم تعدّد القضايا المهمة في التسريب، قد تكون الحقائق المتصلة بالعلاقات الإيرانية الروسية الأكثر أهمية، لجهة الفهم الأقرب إلى الدقة لعلاقات إيران وروسيا، فالتسريبات تحمل اتهامًا صريحًا لروسيا بالسعي المتعمد إلى إفساد الاتفاق النووي بين إيران والغرب. والدبلوماسي المخضرم واضحٌ في اتهامه روسيا بالسعي إلى إبقاء إيران عالقةً بين موسكو والغرب.

وفي تحليله ممارسات قاسم سليماني بين انتهاء المفاوضات وسريان الاتفاق، فجّر وزير الخارجية الإيراني قنابل مدوّية، وأكثر إثارةً للدهشة، واستحقاقًا للتأمل، أنه بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي، في يوليو 2015 وحتى سريانه في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وقعت أحداث ضد الاتفاق النووي، وقال حرفيًا: "في هذه الأشهر الستة، كان الحدث الأول هو زيارة قاسم سليماني إلى موسكو".

وأكد الوزير أنها تمت بإرادة روسية، ومن دون سيطرة من وزارة الخارجية الإيرانية، وكانت تهدف إلى "تدمير إنجاز وزارة الخارجية" بإرادة روسية!.

وفي واقعةٍ تختلط فيها الملهاة بالمأساة، يقول ظريف عن زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى إيران، قبل أربعة أعوام، "نسّقنا للزيارة، أنا وسليماني، ولكن عندما أحضروه لم أكن على علم بذلك، فقد شاهدت الخبر على شاشة التلفزيون"!.

وإلى جانب الانفجار الكبير في طهران وشظاياه في موسكو، كانت هناك للزلزال هزّة ارتدادية صغيرة في واشنطن، فقد تضمّن التسريب اتهامًا كان من الخطورة بحيث نفاه وزير الخارجية الأميركية السابق، جون كيري، فورًا، مؤكّدًا أنه لم يُبلغ الإيرانيين أي معلومات عن عملياتٍ سرّية إسرائيلية في سورية.

ويأتي هذا الجدل بشأن التسريب في ظل تباعد علني في موقف تل أبيب وواشنطن من العودة إلى الاتفاق النووي، حتى أن تل أبيب، في سابقةٍ في علاقاتهما، تتهم واشنطن بتجاهل مصالحها في المفاوضات الجارية.

وعلى الأرجح، ما تم تسريبه من هذا الحوار المطول هدفه أن يخرج إلى العلن دليلٌ قاطعٌ على أن العلاقات بين الحرس الثوري وموسكو تتجاوز مصالح إيران "الدولة"، وتلك رسالةٌ تبلغ الغاية في الأهمية للداخل الإيراني والعالم.

والخطاب التحليلي، مهما كانت دقته، لا يساوي الوقائع المسرّبة في تأثيره في الأفراد والمؤسسات، بل يكون سبب الإصرار الرسمي الأميركي على استعادة الاتفاق، رغبة في وضع علاقة الحرس الثوري وموسكو أمام اختبارٍ قد يقوّضها.

وموجة الهجوم على الوزير الدبلوماسي لا تختلف كثيرًا عن لحظات تأزّم مماثلة سابقة بدأت بفرار أبي الحسن بني صدر ولم تتوقف.

* ممدوح الشيخ كاتب وباحث مصري

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران، التسريب الإيراني، محمد جواد ظريف، الاتفاق النووي، قاسم سليماني، ولاية الفقيه، الحرس الثوري، روسيا،