موسكو تتطلع لأخذ زمام المبادرة الدبلوماسية في سوريا وسط شكوك سعودية وتركية

الجمعة 23 أكتوبر 2015 01:10 ص

قالت وكالة «رويترز» أنه في أعقاب الزيارة التي قام بها «بشار الأسد» لموسكو هذا الأسبوع يعتقد الكرملين أنه قد يقود المساعي الدبلوماسية في سوريا.

وبحسب تقرير نشرته الوكالة، فقد أثارت تحركات روسيا في سوريا من شن ضربات جوية إلى الترحيب الرسمي بالأسد استياء البيت الأبيض الأمريكي الذي لا يريد أن ينظر له باعتباره من خفف الحصار على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أزمة أوكرانيا.

وقال «إيفان كونوفالوف» مدير مركز دراسات التوجهات الاستراتيجية في موسكو «في اللحظة الراهنة روسيا لديها فرص أكثر من أي دولة أخرى لحسم هذه العملية».

وتابع قوله «لا يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها بالطبع ولا يمكن لروسيا أن تسيطر على الأسد لكنها تستطيع توجيهه وعقد الصفقات معه وتقديم النصح له كحليف. إنها مهمة كبيرة لكن هناك احتمالا بأن تستطيع روسيا تحقيق ذلك».

ويتفق آخرون مع ذلك حتى ولو على مضض ويرون في موسكو محاورا معيبا لكنه يستطيع مع ذلك أن يلعب دورا بناء.

وقال «جمال خاشقجي» المدير العام لقناة العرب الإخبارية المملوكة لسعودي إن موسكو على الأقل قد تكون وسيطا مقبولا لدى السعودية أكثر من إيران.

وقال «خاشقجي» إنه فيما يتعلق بإيران فإن الموضوع هو الدين والتوسع الشيعي أما بالنسبة لروسيا فالأمر يتعلق بالجغرافيا السياسية والمصالح لذا من الممكن أن يتحاور السعوديون مع الروس.

فـراغ أمريـكي

ويتفق دبلوماسيون غربيون في أحاديثهم الخاصة على أن هناك فرصة لبوتين لتولي زمام المبادرة الدبلوماسية حتى إذا كانت فرصه في النجاح غير مؤكدة.

وقال دبلوماسي غربي يعمل على ملفي سوريا والعراق «بالنسبة لي السؤال ليس لماذا يقوم بوتين بذلك بقدر ما هو لماذا هو قادر على القيام بذلك... والإجابة هي - سواء أعجبنا ذلك أم لا - أنه يملأ فراغا خلفه احجام الولايات المتحدة عن التعامل مع الموقف».

وترفض واشنطن انتقادات موسكو لسياساتها في الشرق الأوسط كما ترفض التقارير التي تقول إن الضربات الروسية فعالة وتقول إنها تركزت في الاساس على مواقع الحكومة السورية الأكثر تعرضا للخطر ولم تحقق تقدما يذكر لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي للصحفيين هذا الأسبوع «الوزير كيري سيكرر (في اجتماع الجمعة فيينا) مجددا قلقنا العميق بشأن استمرار الدعم العسكري لنظام الأسد».

وتابع قوله «من وجهة نظرنا لن يكون هناك حل عسكري للحرب الاهلية وأي محاولة لإيجاد حل - لاسيما حل يدعم الأسد- لن يسهم سوى في إطالة أمد هذه (الحرب) وزيادة خطر التطرف في سوريا».

وأشارت «رويترز» أن فكرة أن يظهر بوتين - وهو رجل يحب الغرب أن يكرهه - في نهاية المطاف ككبير الوسطاء الدبلوماسيين في الأزمة السورية تبدو سخيفة في الكثير من العواصم الغربية ويصعب تقبلها بين قوى كبرى في المنطقة.

وأبدت السعودية التي تمول بعضا من مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد اعتراضها على تدخل روسيا.

وفي كلمة للصحفيين عشية اجتماع فيينا وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التدخل الروسي بأنه «خطير جدا» واتهم موسكو بتصعيد الصراع ودعم زعيم تلوثت يداه بالدماء وبتأجيج الصراع الطائفي.

وقال إن الأسد لا يمكن أن يلعب دورا في سوريا سوى الخروج.

وتقول إيران - وهي واحدة من أشد حلفاء الأسد وروسيا - إنها راضية تماما عن نهج الكرملين وإن موسكو أطلعتها على كل مبادراتها بما في ذلك زيارة الأسد التي لم يعلن عنها مسبقا.

وقال مسؤول إيراني لرويترز طالبا عدم نشر اسمه «دعمنا الإجراءات الروسية في سوريا. هناك تعاون وثيق بين روسيا وإيران والحكومة السورية».

شكوك في المنطقة

لكن احتمالات الاقتراب من تركيا والعراق ودول مهمة أخرى في المنطقة ستكون أصعب بالنسبة لموسكو.

وثار غضب تركيا وهي إحدى أشد المعارضين للأسد بسبب التدخل الروسي الذي تقول إنه لن يسهم سوى في إطالة أمد الحرب وبسبب انتهاك طائرات حربية روسية لمجالها الجوي على طول حدودها الجنوبية.

وقالت مصادر في مكتب الرئيس «رجب طيب إردوغان» إن الرئيس التركي استغل مكالمة مع بوتين يوم الأربعاء للتأكيد على قلقه بشأن الصلات بين حزب العمال الكردستاني الذي خاض تمردا لمدة ثلاثة عقود ضد الدولة التركية وبين فصيل مسلح مرتبط بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا.

أما في العراق فتبدو الآراء منقسمة بشكل عميق ورغم أن بعض الساسة يريدون أن تمد روسيا حملة ضرباتها الجوية لقصف اهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق فإن آخرين يعارضون ذلك بشدة ويشككون في نوايا موسكو.

وقال هشام الهاشمي وهو محلل أمني عراقي لرويترز إن هناك انقساما بين السنة والشيعة العرب فيما يتعلق ببوتين فالسنة في العراق يتفقون مع نظرائهم في سوريا في النظر لبوتين «كقاتل» يسعى لإبقاء الأسد في السلطة.

وذكر أن بعض الشيعة يؤيدون تنامي النفوذ الروسي لكنهم أيضا منقسمون ويلوم كثير من العراقيين واشنطن على ما يصفونه بتدخلها الفاشل.

ويقول مسؤولون في الحكومة الروسية إن الكرملين لا يتصرف بدافع من الحب للأسد أو المصلحة الشخصية. وتقول موسكو إنها تحاول احتواء التشدد الإسلامي قبل أن ينتشر أبعد من ذلك.

وقال دبلوماسي روسي سابق خدم في الشرق الأوسط إن موسكو لا يحركها الارتباط بالرئيس السوري.

وأضاف أن موسكو تحت الحكم السوفيتي كانت تربطها علاقات وثيقة مع الرئيس آنذاك حافظ الأسد لكن العلاقات فترت عندما خلف بشار والده.

لكنه أضاف أن بشار بدأ يحسن علاقته بموسكو بعد الصراع في سوريا لأنه «ليس لديه خيار آخر».

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا أمريكا بشار الأسد بوتين التدخل الروسي العسكري