استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انطباعات رجل عربي مهزوم

الأحد 2 مايو 2021 07:07 ص

انطباعات رجل عربي مهزوم

بحكم أنني جزء من منظومة عربية مهزومة ومهزوزة وفاقدة لهويتها وتابعة بالكامل أحب أن أصدق كل ما قرأته في كتب التاريخ.

أحب أي شيء يرمز للأصالة والبطولة أحب الهروب لعالم الخيال وأحلام اليقظة لا بأس في ذلك، طالما أنه يريحنا ولو دقائق من رذائلهم ووقاحتهم.

منذ "سايكس بيكو" وحتى اليوم حكمتنا حكومات مسلوبة الإرادة ومنومة ومضبوعة" ترتجف وتبول في ملابسها وهي تتكلم عن العدو وجرائمه.

حكومات فاسدة ومفسدة نهبتنا وسرقتنا وأفقرتنا وأهدرت كرامتنا وجعلتنا عبئا على العالم نستجدي فتات موائده من طعام وشراب ودواء ولقاحات وتقنيات واكتشافات.

*     *     *

بحكم أنني جزء من منظومة عربية مهزومة ومهزوزة وفاقدة لهويتها وتابعة بالكامل، أحب أن أصدق كل ما قرأته في كتب التاريخ.

أحب أن اصدق أن امرأة من عمورية استنجدت بالخليفة المعتصم من الروم، فصاحت في لهفة: وامعتصماه وامعتصماه. فجهز جيشا لم يعد إلا بعد فتح عمورية غرب آسيا الصغرى (الأناضول حديثا).

وأحب أن أصدق أن طارق بن زياد أحرق السفن وقال عباراته الشهيرة: "أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو أمامكم" حين نزلت قواته شواطئ الأندلس وإسبانيا.

وأن قتيبة بن مسلم الباهلي، بعد أن فتح بلاد أسيا الوسطى ووصل إلى حدود الصين أقسم ألا ينصرف عن الصين حتى يطأ ترابها ويختم ملوكها ويأخذ جزيتها، وهو ما رضخ له ملك الصين.

وأن عبد الله بن الزبير قال عن المهلب بن أبي صفرة بعد أن فتح بلاد ما وراء النهر، وأجزاء من أوزبكستان و كازاخستان وقيرغيزستان: "هذا سيد أهل العراق".

نعم أحب أن أصدق جميع الروايات التي تتحدث عن الشجاعة والبطولة ولا أكلف نفسي عناء التأكد من صحتها، وهذا أمر لا يعنيني بشيء.

أحب أن اصدق حتى الروايات التي كانت أقرب إلى الأساطير، طالما أنها تمجد الرجولة والأصالة والعدالة، ولا مشكلة عندي معها أبدا حتى وأن كان بعضها روايات ضعيفة. 

أجب مشهد الفنانة الكبيرة محسن توفيق في فيلم "العصفور" وهي تصرخ راكضة في الشارع "هنحارب"، وأحب مشهد محمد هنيدي في "صعيدي في الجامعة الأمريكية" حين سأله المحقق عن حرق العلم الإسرائيلي فقال: "أنا مليش في السياسة ولا بالمظاهرات حكاية العلم جت معايا كدة لكن الشهادة لله يا بيه أنا لما حرقت العلم ارتحت".

نعم أحب أن كل ذلك، وغيره، لأننا منذ "سايكس بيكو" وحتى اليوم حكمتنا حكومات مسلوبة الإرادة ومنومة ومضبوعة"، ترتجف وتبول في ملابسها وهي تتكلم عن العدو وجرائمه، حكومات فاسدة ومفسدة نهبتنا وسرقتنا وأفقرتنا وأهدرت كرامتنا، وحولتنا إلى عبء على العالم نستجدي الفتات وبقايا موائده من طعام وشراب وملابس وأدوية ولقاحات وتقنيات وفن وثقافة ورياضة واكتشافات.

نعم أحب كل ذلك لأنني مسلوب الإرادة أمام سياسيين مسخ بلا هوية، أمام سياسيين مشوهين بلا ملامح، يعانون من ضعف في الإدراك والإحساس، يحملون لنا هراوة يهددونا بها كلما تنفسنا، ليسوا منا، لا يشبهوننا أبدا، كأن شمس الصحراء وظلال أشجار الصنوبر والسرو والكينا، ورائحة الياسمين والليمون والبرتقال ودالية العنب وندى الصباح الباكر تنكرت لهم فلم تعرفهم. 

أحب أن اهرب إلى عالم الخيال وأحلام اليقظة، لا بأس في ذلك، طالما أنه يرحنا ولو لدقائق من رذائلهم ووقاحتهم.

نعم أحب أي شيء يرمز للأصالة والبطولة.

* علي سعادة كاتب صحفي أردني

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

مهزوم، الإرادة، عربي، نصر، انطباعات، محسنة توفيق، فيلم العصفور، وامعتصماه، محمد هنيدي،