مجددة مطالبها باعتذار فرنسا.. الجزائر تحيي اليوم الوطني للذاكرة

السبت 8 مايو 2021 09:37 م

أحيت الجزائر، السبت، للمرة الأولى "اليوم الوطني للذاكرة"، تكريما لضحايا قمع فرنسا الدموي للتظاهرات المطالبة بالاستقلال في 8 مايو/أيار 1945، مجددة "تمسكها الشديد" بمطلب "اعتذار فرنسا عن جرائمها" إبان استعمارها للبلاد، خلال الفترة (1830-1962).

وشارك آلاف الأشخاص، في مسيرة بمدينة سطيف (شرق البلاد)، على المسار الذي سلكه قبل 76 عاما، متظاهرون، طالبوا باستقلال الجزائر.

وسار الحشد، بقيادة عناصر من الكشافة إلى النصب التذكاري للراحل "بوزيد سعال"، الذي قُتل برصاص شرطي فرنسي عن عمر ناهز 22 عاما، أثناء تظاهرة العام 1945، بعد رفضه إنزال العلم الجزائري من يده.

ووضع المشاركون إكليلا من الزهور أسفل النصب التذكاري، بحضور مستشار الرئيس الجزائري لشؤون الذاكرة "عبدالمجيد الشيخي".

من جانبه، قال الرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون" في رسالة له بهذه المناسبة إن "جودة العلاقات مع جمهورية فرنسا، لن تأتي بدون مراعاة التاريخ ومعالجة ملفات الذاكرة، والتي لا يمكن بأي حال أن يتم التنازل عنها مهما كانت المسوغات".

ولفت "تبون" إلى أن ورشات ملفات الذاكرة مع فرنسا "ما زالت مفتوحة"، مشيرا إلى "مواصلة استرجاع جماجم شهدائنا الأبرار، وملف المفقودين، واسترجاع الأرشيف، وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية".

وشدد الرئيس الجزائري على ضرورة معالجة هذه الملفات بـ"جدية ورصانة" من أجل توطيد العلاقات بين الجزائر وفرنسا "على أسس صلبة".

وأردف يقول: "إذا كان النظر إلى المستقبل الواعد يعتبر الحلقة الأهم في توطيد وتثمين أواصر العلاقة بين الأمم، فإن هذا المستقبل يجب أن يكون أساسه صلبا خاليا من أي شوائب".

كما أبرز تصميم الجزائر الدائم على تجاوز كل العقبات وتذليل كل الصعوبات نحو مستقبل أفضل، وتعزيز الشراكة الاستثنائية، لترتقي علاقاتها إلى المستوى الاستراتيجي إذا ما تهيأت الظروف الملائمة لذلك.

ونوه "تبون" إلى أن الشعبين الجزائري والفرنسي "يتطلعان إلى تحقيق قفزة نوعية نحو مستقبل أفضل تسوده الثقة والتفاهم، ويعود بالفائدة عليهما في إطار الاحترام المتبادل والتكافؤ الذي تُحفظ فيه مصالح البلدين".

من جهته، أكد وزير الاتصال (الإعلام) الجزائري الناطق باسم الحكومة "عمار بلحيمر"، في رسالة بتلك المناسبة، تمسك الجزائر "بمطلب التسوية الشاملة لملف الذاكرة، القائمة على اعتراف فرنسا النهائي والشامل بجرائمها في حق الشعب الجزائري وتقديم الاعتذار والتعويضات العادلة عنها"، مشددا على أن ذلك "موقف مبدئي".

كما تضمنت الرسالة تأكيدا على أن التسوية تشمل أيضا "التكفل بمخلفات التفجيرات النووية، بما فيها الكشف عن خرائط مواقع النفايات الناتجة عن هذه التفجيرات".

وأشار "بلحيمر" إلى أن اليوم الوطني للذاكرة اختير له شعار "الذاكرة تأبى النسيان"، وهو يلخص "موقف الجزائر الثابت في مطالبة فرنسا بتحمل مسؤولياتها كاملة عن الجرائم التي خلفت ملايين الضحايا طيلة قرن و32 سنة من الاستعمار".

وأقر "تبون"، عام 2020، "اليوم الوطني للذاكرة"، المصادف للذكرى 76 لمجازر 8 مايو/أيار 1945؛ حيث قمعت فرنسا حينها تظاهرات مطالبة باستقلال الجزائر شرقي البلاد، ما خلّف آلاف الضحايا.

وهذه هي المرة الأولى التي تحيي فيها الجزائر هذه المناسبة.

والشهر الماضي، طلبت الجزائر من فرنسا، خرائط لأماكن التجارب النووية، التي أجريت بصحراء بلادها في ستينيات القرن الماضي، لتطهير المنطقة من الإشعاعات.

وأجرت فرنسا 17 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966، في منطقة رقان ثم عين إيكر، وهذه القضية من بين أكثر الملفات الخلافية بين الجزائر وباريس.

وقبل أيام، أعلنت جمعية 8 مايو/أيار 1945 (غير حكومية)، عزمها رفع دعوى قضائية ضد فرنسا، أمام الهيئات الدولية بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".

وبلغ عدد قتلى المجازر الفرنسية بحق التظاهرات، التي وقعت في مايو/أيار 1945 بمناطق سطيف وقالمة وخراطة (شرقي البلاد)، 45 ألف شخص، وفق تقديرات جزائرية رسمية.

وفي 2012، اعتُرف بقيام فرنسا بهذه المجازر للمرة الأولى من الرئيس السابق "فرانسوا أولاند"، خلال زيارته للجزائر.

وملف الذاكرة هو في صلب العلاقات الجزائرية الفرنسية التي تشهد أحيانا كثيرة توترا.

و"إيمانيول ماكرون"، هو أول رئيس فرنسي، يولد بعد حرب الجزائر، وقد اتخذ في الأشهر الأخيرة سلسلة من "الإجراءات الرمزية" لمحاولة "مصالحة الذاكرة"، بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط مع اقتراب الذكرى الستين لاستقلال الجزائر.

لكن الرئيس الفرنسي يعتمد في ذلك على تقرير أعده المؤرخ "بنيامين ستورا"، بطلب منه وتسلمه في يناير/كانون الثاني، وهو لا يدعو إلى الاعتذار أو التوبة وقد تعرض لانتقادات شديدة في الجزائر.

وشهدت العلاقات الثنائية فتورا جديدا بعد إلغاء زيارة رئيس الوزراء الفرنسي "جان كاستكس"، للجزائر أوائل أبريل/نيسان، بناء على طلب من المضيفين.

عقب ذلك، اتهمت وسائل إعلام جزائرية باريس بـ"الاستفزاز"، فيما وصف وزير العمل "الهاشمي جعبوب"، فرنسا بأنها "عدوتنا التقليدية والدائمة".

وزار "ماكرون"، الجزائر في فبراير/شباط 2017، عندما كان مرشحا للرئاسة، ووصف حينها الاستعمار بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، الأمر الذي أثار انتقادات شديدة وجهها السياسيون اليمينيون.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فرنسا الجزائر الاستعمار الفرنسي استقلال الجزائر

الرئيس الجزائري يصادق على اتفاقية تسليم مجرمين مع فرنسا

فرنسا ترفض تسليم الجزائر خرائط تفجيراتها النووية في الستينيات

مشروع قانون جزائري يقضي بتجريم الاستعمار الفرنسي

ماكرون: مجزرة باريس بحق الجزائريين عام 1961 غير مبررة