لماذا تتخوف واشنطن عسكريا ودبلوماسيا من منظومة الدفاع الصاروخي أس-400 الروسية؟

الأحد 9 مايو 2021 10:31 ص

لماذا تتخوف واشنطن عسكريا ودبلوماسيا من منظومة الدفاع الصاروخي أس-400 الروسية؟

لماذا تصر الولايات المتحدة على شن حملة ضد منظومة صواريخ أس-400 لكي لا تقتنيها الدول الصديقة بل وغير الصديقة للولايات المتحدة؟

استمرار سياسات ترامب بملفات الصين والتضييق على السلاح الروسي بالسوق الدولية ومنظومة صواريخ أس-400 لما تشكله من خطر على المقاتلات الغربية.

شدد وزير الخارجية الأمريكي على عدم توقيع الدول الحليفة بل وغير الحليفة لصفقات شراء منظومة الدفاع الجوي أس-400 أو مقاتلات سوخوي من روسيا.

يستطيع أس-400 اعتراض وإسقاط آخر جيل من المقاتلات مثل أف-22 وأف-35 الأمريكية ورافال الفرنسية ويوروفايتر الأوروبية والصواريخ الباليستية.

*     *     *

هل توجد قطيعة بين السياسة الجديدة للرئيس الأمريكي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب؟ الجواب سيكون نعم، ولكن في قطاعات معينة، بينما هناك استمرارية في ملفات أخرى منها الصين والتضييق على السلاح الروسي في السوق الدولية ومنها مضادات الطيران أو منظومة الصواريخ الدفاعية الشهيرة أس-400 وذلك لما تشكله من خطر على مستقبل المقاتلات الغربية.

وراجع الرئيس الأمريكي بايدن سياسة سلفه في ملفات شائكة وإحداث قطيعة ومنها العودة إلى اتفاقية المناخ بل وعين مبعوثا خاصا وهو وزير الخارجية الأسبق جون كيري لتولي هذه المهمة.

وأعاد حقوق الإنسان إلى واجهة دبلوماسية واشنطن بعدما كان سلفه قد رخص بسياسة الغاب في هذا المجال. كما أعاد التنسيق مع الاتحاد الأوروبي إلى مستوياته السابقة قبل ترامب بعدما اتخذ الأخير قرارات تهدد وحدة الغرب.

ومن جانب آخر توجد استمرارية في ملفات أخرى كثيرة تهم الأمن القومي، وعلى رأسها سياسة غير ودية ضد الصين بل مخططات بايدن أكثر تشددا من ترامب وإن كانت بدون بهرجة إعلامية، ثم الاستمرار في محاصرة مبيعات الأسلحة الروسية في العالم.

وعلاقة بالنقطة الأخيرة، شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكن مؤخرا على ضرورة عدم توقيع الدول الحليفة بل غير الحليفة لصفقات شراء منظومة الدفاع الجوي أس-400 من روسيا أو مقاتلات روسية من عائلة سوخوي.

وكانت إدارة البيت الأبيض إبان عهد ترامب قد عاقبت تركيا لشرائها هذه المنظومة بل وأقصتها من المشاركة في التصنيع واقتناء مقاتلات إف 35.

وكان ترامب قد هدد دول خليجية على رأسها السعودية في حالة اقتناء هذه المنظومة، كما هدد دولة كبيرة من حجم الهند في حالة اقتناء هذه المقاتلات، علما أن الهند زبون تقليدي للسلاح الروسي.

في غضون ذلك، لماذا تصر الولايات المتحدة على شن حملة ضد منظومة الصواريخ الروسية أس-400 لكي لا تقتنيها الدول الصديقة للولايات المتحدة بل حتى الدول غير الصديقة؟ وتوجد ثلاثة عوامل وراء القرار الأمريكي تجمع بين السياسي والعسكري وهي:

في المقام الأول، منظومة أس-400 تعتبر متطورة للغاية ومتفوقة على مثيلاتها في الغرب مثل منظومة باتريوت التي أبانت عن محدودية في حرب اليمن بعدما عجزت عن اعتراض الصواريخ الباليستية التي يطلقها اليمنيون ضد السعودية.

يعتقد خبراء الأسلحة في قدرة أس-400 اعتراض وإسقاط آخر جيل من المقاتلات مثل أف-22 وأف-35 الأمريكيتين، ثم رافال الفرنسية ويوروفايتر الأوروبية. علاوة على اعتراض الصواريخ الباليستية.

وبالتالي، كل دولة ستقتني هذه المنظومة ستصبح في وضع عسكري مريح وخاصة في الدفاع، حيث لا يمكن للمقاتلات الأجنبية الهجوم على هذه الدولة. وهذه المنظومة تغير الكثير من مفهوم الحرب، لن يعود لتفوق سلاح الجو أي أهمية كبرى أمام هذه المنظومة.

وباعت روسيا أس-400 لعدد قليل من الدول على رأسها الجزائر وتركيا والصين ومستقبلا الهند. وبفضل هذه المنظومة التي دخلت العمل سنة 2007 نجح الجيش الروسي في تحويل البلاد إلى ما يشبه المفهوم العسكري للقلعة خلال القرون الوسطى، أي المحاطة بالأسوار الضخمة والصلبة في مواجهة العدو الغازي بسبب دقة أس-400 في رصد الأهداف واعتراضها بعشرات كلم بل وأحيانا أكثر من 200 كلم وتفجيرها.

في المقام الثاني، في حال نجاح روسيا بيع هذه المنظومة لعدد من الدول، فهي الآن حريصة على بيعها بشكل محدود للغاية، سيترتب عن القرار نكسة حقيقية لصناعة المقاتلات الحربية الغربية، وهذا قد يعني بدء التخلي عن تصنيع الطائرات المقاتلة.

وكانت الضربة الأولى ضد المقاتلات قد جاءت من صناعة الصواريخ التي تطورت بشكل ملفت خلال العقدين الأخيرين، ومن أبرز عناوين هذا التطور إحجام الولايات المتحدة مهاجمة إيران خوفا من صواريخها.

كما أحجمت إسرائيل على مهاجمة لبنان منذ حرب تموز 2006 خوفا من صواريخ حزب الله. ويرى الغرب في أس-400 تجسيدا لاستراتيجية A2/AD العسكرية التي تقيد الحركة العسكرية في منطقة معينة، أي تتحول هذه المنظومة إلى سلاح هجومي وليس فقط دفاعي.

في المقام الثالث، توقيع صفقات الأسلحة يعني أساسا تعزيز النفوذ السياسي والدبلوماسي. ونتج عن صفقة أس-400 الروسية لتركيا تقارب بين البلدين، علما أن الأخيرة عضو في منظمة شمال الحلف الأطلسي.

وفضلت أنقرة التضحية بجزء هام من علاقاتها مع الغرب بل وفضلت التضحية بمقاتلة أف-35 بعدما رأت في منظومة أس-400 عاملا حاسما لحماية أمنها القومي في مواجهة المخاطر الأجنبية. وتذهب عدد من مراكز التفكير الاستراتيجي إلى اعتبار أس-400 أحسن عملة دبلوماسية روسية في الوقت الراهن.

وعليه، فهذه المميزات التي تجمع بين العسكري بمنح البلد المتوفر على أس-400 قوة دفاع هائلة ثم الدبلوماسي، أي تعزيز روسيا لنفوذها في حالة إبرام الصفقات هي التي تقلق واشنطن كثيرا، ولهذا تستمر إدارة جو بايدن في تبني سياسة سلفه ترامب ضد السلاح الروسي وأساسا أس-400.

* حسين مجدوبي كاتب صحفي مغربي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة، روسيا، أس-400، أف-35، أف-22، مقاتلات غربية، بايدن، ترامب، ترامب، الغرب،

ف.تايمز: طلب تركيا مقاتلات إف-16 يضع بايدن في ورطة