دكتاتور ترامب المفضل يحظى باستقبال فاتر من بايدن

الاثنين 10 مايو 2021 10:29 ص

أطلقت مصر في الأسابيع الأخيرة سراح عدد من السجناء السياسيين البارزين، بينهم 3 صحفيين، وههم "خالد داود"، و"سلافة مجدي"، و"حسام الصياد". وكان "داود"، الذي كان زعيما في حزب الدستور المعارض، قد تم اعتقاله عام 2019 بعد اندلاع احتجاجات قصيرة مناهضة للحكومة. ووقعت "سلافة" و"الصياد"، المتزوجان، قيد الاعتقال في نفس موجة الاعتقالات في خريف عام 2019.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني من المكتب الإعلامي لحزبه السياسي، أشار "محمد أنور السادات"، ابن شقيق الرئيس المصري السابق "أنور السادات"، إلى الإفراج عنهم باستحسان، مضيفا أنه يتطلع إلى حالات أخرى من هذا القبيل تشمل "سياسيين وصحفيين وناشطين حقوقيين".

وبالنسبة لأولئك الذين يولون اهتماما وثيقا بالأحداث في مصر، بدا أن ذلك يشير إلى احتمال أن تكون حكومة الرئيس "عبدالفتاح السيسي" على استعداد لاتخاذ المزيد من الخطوات الملموسة لإصلاح سمعتها الدولية المتضررة وكذلك علاقتها المتوترة مع الولايات المتحدة.

لكن منذ ذلك الحين، لم تتخذ القاهرة أي إجراءات أخرى، ما أثار سؤالا واضحا حول ما إذا كانت مصر مستعدة للقيام حتى بالحد الأدنى المطلوب لإعادة تأهيل صورتها في الخارج. ولعل الأهم من ذلك أن عدم إحراز مزيد من التقدم يثير سؤالا مهما آخر، وهو، بعيدا عن تلك الأجواء، هل يؤثر أي من هذا بشكل أساسي على الأساسيات الأساسية للعلاقات بين الولايات المتحدة ومصر؟

وطوال الفترة الانتقالية التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبعد ذلك عندما استقرت إدارة "بايدن" في السلطة، احتفظ المراقبون بإحصاء مستمر لتسلسل الاتصالات رفيعة المستوى بين فريق "بايدن" ونظرائه في الخارج.

وتم تفسير ترتيب أو عدم وجود مثل هذا الاتصال المباشر من جانب كل من الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ووزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكين"، كما هو الحال دائما، على أنه مقياس رمزي لأولوياتهما. وكان من الواضح غياب مثل تلك الاتصالات مع مصر، ما يعني أن "بايدن" نفسه لم يتفاعل حتى الآن مع "السيسي".

وبالنسبة لمصر، قد تكون الرسالة التي أرسلتها الولايات المتحدة غير مرحب بها، لكنها ليست مفاجئة تماما. وحتى قبل تنصيب "بايدن"، كان الدبلوماسيون المصريون وغيرهم من المسؤولين رفيعي المستوى منشغلين بالتفكير في كيفية تعزيز العلاقات الثنائية.

ويرتبط بعض هذا التفكير بشكل طبيعي بسجل مصر في مجال حقوق الإنسان، الذي يقع في قلب صورة البلاد السيئة في الخارج. وبالإضافة إلى تعيين جماعات ضغط جديدة باهظة الثمن في واشنطن، دعا البعض في القاهرة إلى خطوات محددة لإصلاح هذا الملف الحساس.

وبالنسبة لمصر، يأتي هذا في تناقض صارخ مع السهولة التي عملوا بها خلال أعوام "ترامب"، عندما لم تهتم الإدارة في واشنطن كثيرا بالمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان والدبلوماسية وكانت أكثر من سعيدة للتعامل مع الرجل الذي أشار إليه "دونالد ترامب" ذات مرة بأنه "ديكتاتوره المفضل".

وحتى بين القادة والمسؤولين المصريين المتشددين، هناك الآن اعتراف بأن مصر لديها على الأقل مشكلة علاقات عامة يجب أن تتعامل معها، ولكن لا يزال هناك عدم استعداد قوي لاتخاذ الخطوات الجادة والضرورية بالفعل لبدء أعمال الإصلاح.

ويوجد في مصر آلاف السجناء السياسيين، وكثير منهم معروفون في الداخل والخارج. وإذا اختارت التحرك، حتى لو كان ذلك على مستوى العلاقات العامة فقط، يمكن للدولة المصرية أن تنظم عمليات إطلاق سراح سجناء من شأنها أن تكسبها تغطية صحفية إيجابية كبيرة وتجنبها الانتقادات التي تواجهها الآن.

لكن مثل هذه التحركات التكتيكية تتعارض مع روح الغرور التي يتمتع بها نظام "السيسي"، الذي ينظر إلى كل هذه الخطوات من منظور الدروس المستفادة من انتفاضة مصر عام 2011 والتحول الديمقراطي المضطرب والفاشل الذي أعقب ذلك.

ومن أهم هذه الدروس أنه حتى الحريات المحدودة وسياسات المعارضة الخاضعة للسيطرة ستخلق المساحة والفرصة للمعارضة الهادفة. وأصبحت المؤسسة الأمنية المصرية تنظر إلى الفترة المتأخرة من عهد "مبارك" على أنها بيئة متساهلة غذت احتمالات الانتفاضة عام 2011.

على هذا النحو، كان نظام "السيسي" مهووسا بالقمع بل وسحق حتى الأشكال البدائية من عدم التماشي مع الدولة. ويعد إصلاح سياج العلاقات مع الغرب من خلال الإفراج عن السجناء تنازل صعب لنظام تم بناؤه بهذه الطريقة، حتى لو كان يفهم أن مكانته في الخارج مرهونة بمثل هذه الخطوات.

ولم تكن هناك أبدا لحظة تصحيح بالطبع لنظام "السيسي"، وقد تجعله الصلابة التي ينظر بها إلى السياسة والحياة العامة غير قادر على الانخراط، حتى من الناحية التجميلية، في أجندة إصلاح تتطلب التراجع عن قناعاته الأساسية.

ومع ذلك، من المحتمل أيضا أن يعتمد نظام "السيسي" على هذا الجمود للحفاظ على علاقاته الرئيسية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة. وفي حين أن مكالمة هاتفية مع "بايدن" قد لا تكون وشيكة، فإن المسرحية الباردة للعلاقات المصرية الأمريكية لم تغير المعايير الأساسية للعلاقات الثنائية، القائمة على شراكة عسكرية طويلة الأمد ومساعدة أمنية كبيرة.

علاوة على ذلك، فإن أجندة إدارة "بايدن" مزدحمة، ولا سيما محليا، ومصر ليست أولوية رئيسية، حتى في الشرق الأوسط، لأسباب مفهومة. وقد تنزعج مصر من مثل هذا التهميش، ولكن مع تركيز واشنطن اهتمامها بمكان آخر، لن تكون هناك تكاليف كبيرة لاستمرار مصر في مسارها الحالي.

المصدر | مايكل وحيد حنا - وولد بوليتكس ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات المصرية الأمريكية جو بايدن عبد الفتاح السيسي ديكتاتور ترامب المفضل الإدارة الأمريكية حقوق الإنسان حزب الدستور عبدالفتاح السيسي

واشنطن بوست: توتر السيسي من بايدن وراء تكتيكاته للاسترضاء والتنمر