استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

داود وجالوت في غزة

السبت 15 مايو 2021 09:49 ص

داود وجالوت في غزة

قدرة المقاومة على تقديم تضحيات من حاضنتها المؤيدة الداعمة يعوض عن فرق القوة العسكرية مع العدو.

الفكرة التي تدور حول كيفية تمكن المستضعف من مواجهة الأقوى، استهوت الكثيرين من المفكرين السياسيين الغربيين.

حروب العصابات والمقاومة الشعبية أو "فن قتال العمالقة" علم بحد ذاته يعتمد أساسا على جماعة ما متضامنة ومتكاتفة ومستعدة لتقديم ثمن لنصر قد يتأخر.

القصة ذكرها القرآن منتصرا لنبي الله داود الذي واجه عدوا أقوى منه "قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" لتنتهي بعبرة: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".

*     *     *

نشر الزعيم اللبناني وليد جنبلاط تعليقا متضامنا مع المقاومة الفلسطينية في غزة، أرفقه بصورة تمثيلية مفترضة للمعركة بين النبي داود وجالوت العملاق، وهي تتعلق بالمواجهة الشهيرة الحاسمة، عندما ضرب داود جالوت بالمقلاع والحجر وقتله.

البعض علق على الصورة بأنها تظهر نصر داود ملك إسرائيل، لكن بالتأكيد أن ابن الفيلسوف اللبناني كمال جنبلاط، كان يقصد بتلك الصورة، فكرة المستضعف الذي يهزم العملاق جالوت، مسقطا واقع المعركة بين غزة المستضعفة وإسرائيل الجبارة عسكريا.

فالقصة التي ذكرت في القرآن جاءت منتصرة لنبي الله داود، الذي يواجه عدوا أقوى منه، "قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده"، لتنتهي إلى عبرة باتت جزءا من أشهر الأدبيات الإسلامية في الحرب "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".

الفكرة التي تدور حول كيفية تمكن المستضعف من مواجهة الأقوى، استهوت الكثيرين من المفكرين السياسيين الغربيين، وألف الكاتب الأمريكي مالكولم غلادويل، كتابا يتحدث فيه عن المستضعف و"فن قتال العمالقة" بعنوان:

David and Goliath: Underdogs, Misfits, and the Art of Battling Giants

ولعل النزاع في فلسطين مناسب لهذه المقاربة، فحركات المقاومة الفلسطينية كانت تدرك على الدوام فارق التسليح والقوة العسكرية بينها وبين إسرائيل، وبالتأكيد أن الدروس المستقاة من تاريخ هذه الحركات، أنها لا تستطيع هزيمة عدوها صاحب التفوق العسكري بمواجهة مباشرة حاسمة، بل بالمطاولة والاستنزاف وتحمل الخسائر.

وغالبا ما تكون قدرة حركات المقاومة على تقديم تضحيات بشرية من حاضنتها المؤيدة الداعمة، يعوض عن فرق تفوق قوة العدو العسكرية. فالأفغان وفيتنام خسروا آلاف الضحايا مقابل الجيش الأمريكي الأقوى في العالم، لكن ثمن البقاء وكلفته الباهظة للأمريكيين جعلتهم يعيدون النظر في حساباتهم.

لذلك فإن حروب العصابات والمقاومة الشعبية و”فن قتال العمالقة”، هي علم بحد ذاته، يعتمد بشكل أساسي على وجود جماعة ما متضامنة ومتكاتفة ومستعدة لتقديم ثمن لنصر قد يأتي متأخرا ..

ما لمسته من محادثاتي الأخيرة مع أهالي غزة، هو الابتهاج بقدرة المقاومة والتضامن الكبير معها ضد العدو الإسرائيلي، ولعل أحدهم يتساءل هنا عن الجديد والمهم في هذه المعلومة، عن شعب مقاوم قدم آلاف الضحايا في صراعه ضد عدوه، الجديد هو أن غزة تعاني منذ سنوات من أزمة معيشية خانقة، ومن استقطاب سياسي حاد، بين فتح وحماس، قسم القطاع المحاصر تقريبا، وجعل الكثيرين من مؤيدي حركة فتح في غزة يتمنون الخلاص من حكم حماس في غزة.

لكن مع أول صاروخ ينطلق، كل أو أغلب من تحدثت معهم، ممن لديهم عداوات مع حماس، أعربوا عن موقف متضامن، متناسين الكثير من الخصام بين الحزبين الكبيرين في فلسطين، ومتجاهلين كل الدعوات الساذجة التي أرادت ربط ما يحدث بأجندات إيرانية.

وكأن القضية الفلسطينية والنزاع مع الصهيونية، الذي بدأ قبل وجود نظام الخميني، ملف ثانوي خاضع لحسابات المواجهة بين محوري إيران وخصومها في المنطقة.

من كلمات الذين تحدثت معهم، سيدة كان زوجها معتقلا عند حماس، لأسباب تتعلق بانتمائه السياسي، قالت لي "ممكن ندبح بعض بس وقت الحرب الكل سوا" و"طول عمرنا ناكل دق ودمار من دون سبب فخلينا نفش غلنا".

كما إنها تريد بناء غزة المدمرة بـ”الحديد لا العبيد” وهذه المواقف تشابه ما كنت قد لمسته من معظم أهل غزة خلال وجودي في غزة في حرب 2009. هكذا هي غزة استثناء، لا هي موت ولا هي انتحار، كما يقول درويش، الذي يصف معركتها بقصيدته ويقول

“قد ينتصر الأعداء على غزة وقد ينتصر البحر الهائج على جزيرة قد يقطعون كل أشجارها، قد يزرعون الدبابات في أحشاء أطفالها ونسائها، وقد يرمونها في البحر أو الرمل أو الدم، ولكنها لن تكرر الأكاذيب ولن تقول للغزاة: نعم‏‏، وستستمر في الانفجار”. ‏‏وهي الجنون العاقل عند نزار قباني، الذي يخاطب أهل غزة بالقول “إن ‏عصر العقل السياسي ولى من زمان، فألف أهلا بالمجانين، إن هم حررونا “.

* وائل عصام كاتب صحفي فلسطيني.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فلسطين، جالوت، حماس، داود، غزة، حروب العصابات، المقاومة الشعبية، قتال العمالقة،