بعد معركة غزة.. هل تنخرط روسيا في دهاليز القضية الفلسطينية؟

الخميس 27 مايو 2021 11:19 ص

أعربت وزارة الخارجية الروسية في 21 مايو/أيار عن تأييدها لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" ودعت إلى اجتماع عاجل للجنة الدبلوماسية الرباعية المعنية بالشرق الأوسط لمنع إعادة اشتعال النزاع. وتنضم هذه التعليقات إلى البيانات الروسية الأخرى التي دعت في وقت سابق لوقف إطلاق النار في غزة وتدشين مسار حقيقي نحو سلام دائم.

وفي 14 مايو/أيار، قال الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إن الصراع بين إسرائيل وغزة يهدد أمن روسيا، كما حذرت وزارة الخارجية الروسية إسرائيل في 19 مايو/أيار، بأن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين في غزة سيكون "غير مقبول".

وأكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية التابع لمجلس الدوما الروسي، "ليونيد سلوتسكي" مجددا استعداد روسيا لاستضافة مفاوضات حول تسوية فلسطينية إسرائيلية.

ويعكس موقف روسيا من الأحداث الأخيرة في غزة رغبتها في توسيع دورها الدبلوماسي في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

تطلع شديد للوساطة

في 31 مارس/آذار الماضي، أعاد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" التعبير عن رغبة موسكو في استضافة محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" ورئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" أعربا عن استعدادهما لقبول الوساطة الروسية.

وانخرطت روسيا خلال النزاع في دبلوماسية مكوكية مع الأطراف المتحاربة وأصحاب المصلحة من الجهات الخارجية لتسهيل وقف إطلاق النار.

وبعد خفوت الحرب الأهلية السورية، حاولت روسيا تعزيز مكانتها كقوة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تعزيز موقعها الدبلوماسي في مسارح صراع أخرى مثل ليبيا والخليج والساحة الفلسطينية.

وينظر المسؤولون الروس إلى مؤتمر مدريد لعام 1991، الذي اشترك في رعايته الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة لتسهيل الحوار الإسرائيلي الفلسطيني، باعتباره إنجازا كبيرا لروسيا في المنطقة ويطمحون إلى مواصلة هذا الإرث.

يشار إلى أن مجتمع الشتات الروسي في إسرائيل شهد اختلافا شديدا خلال الحرب الأخيرة حول ما إذا كانت إسرائيل "تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس" أم أنها ترد على صواريخ "حماس" بشكل غير متناسب.

تعاون روسي أمريكي

ويبدو أن هناك تفاؤلا متزايدا داخل دوائر المحللين الروس بشأن التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا للنهوض بعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

ومن اللافت للنظر استعداد روسيا للنظر في دبلوماسية ثنائية مع الولايات المتحدة تتجاوز الأمم المتحدة، حيث إن موسكو أكدت مرارا وتكرارا على مركزية دور الأمم المتحدة خلال الصراع في غزة.

وقال الخبير في "مجلس الشؤون الدولية الروسي"، "كيريل سيمينوف": "يمكن لروسيا، إلى جانب الولايات المتحدة، أن تلعب دورا في استئناف المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين".

ولا يعتقد "سيمينوف" أن سوء العلاقات الأمريكية الروسية سيعيق التعاون بشأن القضية الفلسطينية، حيث تفاوض البلدان بشأن حدود منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا في عام 2017 حتى في الوقت الذي ظلت فيه العلاقات الثنائية متوترة للغاية.

ولكن حتى لو حدث تعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين، فمن غير المرجح أن تكون هناك نتائج ملموسة لمؤتمر سلام تستضيفه موسكو.

وقال "أندريه بقلانوف"، الذي شغل منصب السفير الروسي في السعودية من عام 2000 إلى عام 2005، إنه يدعم التعاون الأمريكي الروسي بشأن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وجهود موسكو لتسهيل الحوار بين الجانبين.

ومع ذلك، أعرب عن شكوكه في أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" سوف يستمر، مبررًا تقييمه المتشائم ببعض الأحداث بما في ذلك السماح بصفقة أسلحة أمريكية إلى إسرائيل بقيمة 735 مليون دولار حتى في الوقت الذي كان فيه نزاع غزة على أشده.

وعندما سئل عن مبادرة "سلوتسكي" لاستضافة المحادثات بين إسرائيل وفلسطين والسعودية والدول العربية التي اعترفت بإسرائيل، أكد "بقلانوف" على استعداد موسكو للانخراط مع القوى الإقليمية لكنه ذكر أن روسيا لن "تخترع مجموعة دولية جديدة".

عوامل الفشل

بالرغم أن روسيا تقدم نفسها كصاحب مصلحة غير متحيز في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتبرر دورها الدبلوماسي من خلال إبراز قربها الجغرافي من الشرق الأوسط، فإن المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين ينظرون إلى طموحات روسيا الدبلوماسية بريبة.

ويرى "ميكي أهارونسون" الباحث في "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" الإسرائيلي أن روسيا تحاول إحياء اللجنة الدبلوماسية الرباعية في الشرق الأوسط لأنها تريد أن تحتفظ بمقعدها في منتدى دولي مرموق بعد طردها من المنتديات الأخرى منذ عام 2014.

وأشار "أهارونسون" إلى أن استضافة روسيا لممثلي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ينظر إليها بشكل سيئ للغاية في إسرائيل باعتبارها "إضفاء للشرعية على منظمات إرهابية" واختتم قائلًا: "إذا تم إحياء الرباعي، فستكون روسيا جزءا منه، لكن إن لم يتحقق ذلك، فستكون مشاركتها رمزية للغاية".

ودعم السفير الفلسطيني في روسيا "عبدالحفيظ نوفل" علنا ​​دعوة موسكو لاستئناف اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، بينما يتشكك خبراء ومسؤولون فلسطينيون آخرون بقدرة اللجنة الرباعية على تعزيز قضيتهم، حيث إن طريقة تفكير لجنة الرباعي في حل الدولتين تعود لحقبة التسعينيات ولا تعكس الحقائق على الأرض.

وفي حين تفرض اللجنة الرباعية شروطا صارمة على "حماس" فإنها لا تضغط بشكل كاف على إسرائيل لذلك يرى كثيرون أنها أصبحت مؤسسة تستخدمها الدول الكبرى لإظهار أنها تقوم بعمل جماعي.

وقد تؤدي صعوبات تحقيق طفرة دبلوماسية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى لجوء موسكو في النهاية لتعزيز الحوار بين الفلسطينيين وبعضهم.

واستضافت روسيا مؤتمرات للحوار بين الفلسطينيين وبعضهم، حيث جمعت 12 فصيلًا رئيسيا في الأعوام 2011، 2017 و 2019. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سافر وفد من "حماس" إلى موسكو لإعادة تنشيط هذه المحادثات.

وبغض النظر عن نجاح أو فشل المحاولات الدبلوماسية، يظل من المهم مراقبة الانخراط الروسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

المصدر | صامويل راماني | مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا إسرائيل فلسطين الولايات المتحدة معركة غزة عملية السلام

بوتين يؤكد في برقية لعباس دعم روسيا حقوق الشعب الفلسطيني

بوتين: لا سلام دائم بالمنطقة دون حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني