استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الإرهاب كظاهرة

الأربعاء 26 مايو 2021 02:52 م

الإرهاب كظاهرة

الحرب العالمية على الإرهاب تثير تشوّشا والتباسا وقد يمكن توظيفها سياسيا!

الإرهاب ظاهرة ولا يمكن شن حرب ضد ظاهرة أي حرب ضد طرف غير محدد الهُوية في نزاع مسلح.

لا صعوبة في التوصّل لتعريف الإرهاب بواسطة خبراء القانون والسياسة بل يعود لاختلاف مصالح الدول والقوى وتعارض أيديولوجياتها.

يختلط مفهوم الإرهاب الدولي بمفاهيم أخرى لاعتبارات سياسية تبعاً للجهة المستفيدة فالقوى المتنفذة بالعلاقات الدولية تكيف قواعد القانون الدولي لصالحها!

اعتبار حركات التحرّر الوطني المناضلة لأجل حق تقرير المصير والاستقلال قوى إرهابية يتنكّر لنص المادة 51 بميثاق الأمم المتحدة حول الدفاع عن النفس.

الحرب العالمية على الإرهاب فاقمت الاختلاف بشأنه والمقصود بذلك وصف عدد من التدابير والإجراءات الهادفة إلى مواجهة العمليات الإرهابية ومنعها.

تركز قوى مهيمنة على الإرهاب الفردي وانتهاكات مجاميع إرهابية لكنها تغض الطرف عن إرهاب حكومات أو دول كما في الحرب على غزة التي دامت 11 يوما.

*     *     *

أثارت أحداث حي الشيخ جراح في القدس وما أعقبها من اندلاع صراع مسلح أودى بحياة ما يزيد على 280 ضحية فلسطينية ونحو 1500 جريح، الجدل القانوني والسياسي حول: ما المقصود بالإرهاب الدولي، علماً بأن هذا الموضوع شغل العديد من المحافل والمؤتمرات الدولية وعلى مدى عقود من الزمان.

والسبب ليس في صعوبة التوصّل إلى إيجاد تعريف من جانب الخبراء القانونيين والسياسيين والدبلوماسيين؛ بل يعود إلى اختلاف مصالح الدول والجهات والقوى وتعارض أيديولوجياتها.

وفي كثير من الأحيان يختلط مفهوم «الإرهاب الدولي» بمفاهيم أخرى لاعتبارات سياسية، تبعاً للجهة المستفيدة منها، فالقوى المتنفذة في العلاقات الدولية تحاول تكييف بعض قواعد القانون الدولي لصالحها.

وذلك إلى درجة أنها تعتبر بعض حركات التحرّر الوطني التي تناضل من أجل حق شعوبها في تقرير المصير ونيل الاستقلال «قوى إرهابية»، متنكّرة لمضمون المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بالدفاع عن النفس.

رصد الباحث أليكس شميدت في كتابه «الإرهاب السياسي»، وجود ما يزيد على 100 تعريف لمصطلح الإرهاب! وحسب المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، فالإرهاب يعني محاولة إخضاع أو قسر السكان المدنيين أو حكومة ما، عن طريق الاغتيال أو الخطف أو أعمال العنف، بهدف تحقيق أغراض سياسية، سواء كان الإرهاب فردياً أم تمارسه مجموعات أم دولة، وهو الإرهاب الأكثر خطورة.

ولأن تعريف الإرهاب مهم لجهة التأطير القانوني، فإن الدول الكبرى والنافذة لا تريد الوصول إلى تعريف جامع مانع، كما يُقال؛ لأن ذلك يحول دون استخداماتها لأشكال مختلفة من العنف قد ترتقي إلى الإرهاب.

وقد عبر المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد عن رفضه التلميحات التي تريد ربط الإسلام بالإرهاب، بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وهو أمر يحتاج إلى فهم عقلاني للموقف من العنف في جميع الأديان والأمم والبلدان واستخداماته السياسية.

فليس دمغ الآخر بالشيطانية سبباً كافياً للكشف عن جذور الإرهاب وفي عزل الإرهابيين أو ردعهم أو إبطال عملهم.

ورغم غياب تعريف للإرهاب، وتمييزه عن أعمال العنف «المشروعة» المنسجمة مع قواعد القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، فإن قواعد القانون الإنساني الدولي تحظر معظم الأفعال المرتكبة في النزاعات المسلحة المتسمة بسمة الإرهاب.

ولا بد من التمييز بين المدنيين والمحاربين، مثلما ينبغي حماية الأعيان المدنية وتفريقها عن الأهداف العسكرية، وكذلك حظر الهجمات المتعمدة أو المباشرة أو العشوائية، إضافة إلى استخدام «الدروع البشرية» وأخذ الرهائن، حيث تنص المادة 33 من اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 على حظر العقوبات الجماعية وجميع تدابير التهديد أو الإرهاب.

ومع أن هناك نقصاً في القواعد القانونية في ما يتعلق بأوقات السلم، فإن هذه الأعمال تخضع للقوانين الوطنية مثلما تخضع لقواعد القانون الدولي، وخصوصاً للشرعة الدولية لحقوق الإنسان بغض النظر عن دوافع مرتكبيها.

وبإمكان الدول اتخاذ تدابير عديدة لمنع أو قمع الأعمال الإرهابية عن طريق الجهد الاستخباراتي وتعاون الشرطة والقضاء وتسليم المجرمين والعقوبات الجنائية، والتدقيقات المالية وتجميد الأصول والضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، في ما يتعلق بالدول المتهمة بمعاونة الإرهابيين المشتبه فيهم.

ومثلما أثار مصطلح الإرهاب الدولي جدلاً واسعاً، فإن الحرب العالمية عليه، زادت من حدة الاختلاف بشأنه، والمقصود بذلك وصف عدد من التدابير والإجراءات الهادفة إلى مواجهة العمليات الإرهابية ومنعها.

والاستشكال يقوم على التفريق بين المصطلح البلاغي والإعلامي والمعنى القانوني والدلالي بشأن النزاع العالمي المسلح، خصوصاً أن الإرهاب ظاهرة ولا يمكن شن حرب ضد ظاهرة، وهي حرب ضد طرف غير محدد الهُوية في نزاع مسلح.

ولذلك فالحرب العالمية على الإرهاب تثير تشوّشاً والتباساً، وقد يمكن توظيفها سياسياً، والأدق  في تقديري  الحديث عن مكافحة الإرهاب بأشكاله المتعددة وأسبابه المختلفة: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والإثنية وغيرها، بما فيها الاحتلال والإلحاق والضم.

وإذا كانت أدبيات الأمم المتحدة بشأن الإرهاب لم تعالج النقص في التعريف، الذي بقي ضبابياً، فإن مهمة مكافحة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين أصبحت أكثر تعقيداً بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، وخصوصاً بعد النشاط المحموم الذي قامت به تنظيمات «القاعدة» و«داعش» وأخواتهما، والذي زاد المسألة التباسا.

ففي حين تركز بعض القوى السائدة على الإرهاب الفردي وأعمال الانتهاك التي تقوم بها مجاميع إرهابية، فإنها تغض الطرف عن إرهاب حكومات أو دول، مثلما حصل في الحرب على غزة التي دامت أحد عشر يوماً.

* د. عبدالحسين شعبان أكاديمي ومفكر عراقي، نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان (أونور)، بيروت.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

الإرهاب، الشيخ جراح، حقوق الإنسان، ميثاق الأمم المتحدة، الحرب العالمية على الإرهاب، الحرب على غزة،