هل تنجح الصين في تضييق هوة الخلافات السعودية الإيرانية؟

السبت 29 مايو 2021 04:59 م

شرع وزير الخارجية الصيني "وانج يي" في جولة شملت 6 دول بمنطقة الشرق الأوسط نهاية مارس/آذار 2021.

وعشية بدء الجولة، أعلن "وانج" عن خطة لبلاده في المنطقة مكونة من 5 نقاط هي: الاحترام المتبادل، والإنصاف والعدالة، ومكافحة الانتشار النووي، والأمن الجماعي، والتعاون الإنمائي.

ولا يوجد خلاف على المبادئ المنصوص عليها في خطة النقاط الخمس، كما أنها ليست المرة الأولى التي تصدر فيها الصين خطة للشرق الأوسط.

ففي عام 2013، أطلق الرئيس الصيني "شي جين بينج" خطة من 4 نقاط حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وبعد 4 سنوات أعاد إطلاقها، وهذه المرة أشار إلى إسرائيل وفلسطين كشريكين مهمين في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.

خطة فريدة

وما يجعل الخطة الأخيرة المكونة من 5 نقاط فريدة من نوعها هو نطاقها الأوسع لتشمل صراعات أخرى بالمنطقة في سوريا وليبيا واليمن، فضلا عن التنافسات التقليدية في منطقة الخليج.

وفي خروج عن المقترحات السابقة، قدم "وانج"، أيضا، بعض الاقتراحات الملموسة لكيفية إدارة التوترات في الخليج. ومن بينها استضافة بلاده "مؤتمر حوار متعدد الأطراف" للمساعدة في إقامة آلية ثقة، والتي يمكن أن تشمل -كخطوة أولى- "ضمان سلامة المنشآت النفطية وممرات الشحن" بالمنطقة.

في النهاية، ربما لم تجذب النقاط الخمس الانتباه كثيرا. ولم يصدر بيان من الصين بشأن موعد انعقاد مؤتمرها المقترح، أو الدور الذي ستلعبه بكين في تصميم أو ضمان آلية الثقة.

كما طغت على الخطة التغطية الإعلامية لاتفاق تعاون مدته 25 عاما تم توقيعه بين الصين وإيران، والذي قال بعض المراقبين إنه تم تضخيمه.

ومع ذلك، حتى لو بدت خطة النقاط الخمس وكأنها تتلاشى، فإن روحها استمرت مع التطورات التي شهدتها المنطقة خلال الشهر الماضي.

فقد تقابل مسؤولون سعوديون وإيرانيون خلال اجتماع مباشر ببغداد للمرة الأولى منذ قطع العلاقات الدبلوماسية قبل 5 سنوات.

في البداية، نفى السعوديون انعقاد هذا الاجتماع.

لكن في نهاية أبريل/نيسان، أيد ولي العهد "محمد بن سلمان" مثل هذه الخطوة ضمنيا. وفي مقابلة تلفزيونية، تخلى الأمير السعودي عن لغة المواجهة السابقة مع إيران لصالح لهجة أكثر تصالحية، معربا عن أمله في علاقات "جيدة" مع الجمهورية الإسلامية.

تحول بالموقف السعودي

وفي تفسيرهم لهذا التحول، ركز المحللون على التغييرات التي تحدث في الولايات المتحدة، ولا سيما صعود "جو بايدن" إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة.

فـ"ترامب" لم يكن أكثر تعاطفا مع "بن سلمان" من "بايدن" فحسب، بل انتهج أيضا استراتيجية "الضغط الأقصى" ضد إيران عندما سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي معها، وأعاد فرض العقوبات عليها.

في المقابل، يُنظر إلى "بايدن" على أنه أكثر برودة تجاه "بن سلمان".

كما تقاوم إدارته الحملة العسكرية السعودية في اليمن، وتشارك أيضا في محادثات غير مباشرة مع إيران من أجل العودة إلى الالتزام بالاتفاق النووي.

لكن التركيز على التفسيرات المتمركزة حول الولايات المتحدة لا يقدم الصورة كاملة؛ نظرا للتعدد المتزايد في الأقطاب بالشرق الأوسط.

فربما أحدثت كلمة صينية هادئة فرقا أيضا.

على سبيل المثال، أفادت التصريحات الرسمية بأنه من المحتمل أن يجري "وانج" بعض المناقشات الصريحة حول "السلام في الشرق الأوسط" خلال رحلته إلى المنطقة.

دوافع صينية

وتمتلك الصين دوافع كافية لإجراء مثل هذه المحادثات.

أولا: تعد السعودية وإيران من أهم الدول بالنسبة للنشاط التجاري الصيني في منطقة الشرق الأوسط. فإلى جانب تجارة النفط، تعد المملكة وإيران على التوالي أكبر وثالث أكبر مركزين في المنطقة للاستثمارات الصينية.

لذا، فإن عدم الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك التنافس بين إيران والسعودية، من شأنه أن يؤثر سلبا على المصالح التجارية للصين.

ثانيا: تمتلك الصين المؤهلات للتعامل مع الرياض وطهران على أساس موضوعي.

فالتزام الصين المعلن بعدم التدخل يمنحها وضع الوسيط النزيه.

كما تم ترقية البلدين إلى نفس المستوى من الأهمية بالنسبة للصين.

ففي عام 2016، وقعت الصين شراكات استراتيجية شاملة مع كل من إيران والسعودية، وهذا هو أعلى شكل من أشكال الاعتراف والتعاون الدبلوماسي الذي يمكن أن تمنحه دون تحالف رسمي.

وتسعى مثل هذه الشراكات إلى توسيع العلاقات خارج المجال الاقتصادي لتشمل التفاعل السياسي والتبادل على مستويات مختلفة.

بالتأكيد لن يتم تجاهل كلمة الصين. بالنسبة للسعوديين، يعمل نهج "بايدن" على تضييق الفجوة بين المواقف الأمريكية والصينية في الخليج.

وبالنسبة لإيران، أصبح للصين ثقلا كبيرا في جغرافيها السياسية، وأظهرت بكين أنها مستعدة للاستفادة من ذلك، على سبيل المثال، من خلال إقناع إيران في السابق بقبول الاتفاق النووي.

لكن في حين أن للصين بعض المزايا على الولايات المتحدة في التأثير على السلوك السعودي والإيراني، يبقى أن نرى إلى متى سيستمر الوفاق بين القوتين في الشرق الأوسط.

المصدر | يورو آسيا ريفيو | جاي بيرتون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الصين إيران

إيران: مفاوضاتنا مع السعودية مستمرة حتى التوصل لنتائج وهناك بوادر إيجابية

الشراكة الصينية الإيرانية تترقب نتائج محادثات فيينا النووية

هكذا دفعت التطورات العالمية دول الخليج والصين لأحضان بعضهما البعض

اتفاق سعودي صيني على تعزيز العلاقات الاستراتيجية ومكافحة كورونا