تستقبل مستشفى معهد المهاتما غاندي للعلوم الطبية في الهند المرضى المصابين بفيروس "كورونا" منذ مايو/أيار 2020، ولكن في منتصف الشهر الماضي، تغير شيء ما، وبدأ المرضى يصلون وهم يعانون من مشاكل غير معتادة للأطباء، حيث لم يكونوا يعانون من ضيق التنفس والحمى فحسب، بل كانوا يعانون من الألم والضغط خلف عظام الوجنتين وحول أعينهم.
كانت هذه الحالات من أولى الدلائل على موجة المرض التي تجتاح الهند الآن، والتي يمكن أن نسميها "وباء داخل الوباء"، فهي عدوى بمجموعة نادرة من الفطريات تسمى "فطر الغشاء المخاطي"، والتي تعرف بالفطر الأسود، وتصيب الجيوب الأنفية وعظام الوجه وتغزو الدماغ أو تسبب فقدان عين المريض.
يكون العلاج طويلًا وصعبًا، وعندما لا يُعالج فإنه يمكن أن يقتل ما يصل إلى نصف أولئك الذين يصابون به.
حدث ما يقرب من 12 ألف حالة إصابة في الهند في الأشهر الأخيرة، ويقول "إس بي كالانتري"، أستاذ الطب في معهد المهاتما غاندي للعلوم الطبية والمشرف الطبي في المستشفى: "لم يكن هناك فطر في الموجة الأولى من كوفيد، وإنما اجتاح الفطر الأسود البلاد في الموجة الثانية".
تستخدم جرعات عالية من أدوية الكورتيكوستيرويدات في الحالات الشديدة من "كورونا"، مع الأدوية المضادة للالتهابات التي تثبط رد فعل الجهاز المناعي المفرط للعدوى.
وتنقذ الستيرويدات الأرواح، لكنها في الوقت نفسه تجعل المرضى أكثر هشاشة أمام أي بكتيريا أو فطريات موجودة بالفعل في أجسامهم أو موجودة في بيئاتهم.
ويقول الدكتور "أرتورو كاساديفال"، الطبيب وعالم الأحياء الدقيقة الجزيئية في كلية "جونز هوبكنز بلومبيرج" للصحة العامة: "الجراثيم الفطرية موجودة في كل مكان، لكننا قادرون على تطهير رئتينا منها، لكن مرض كوفيد يضر بالرئة، إذن هناك ضربة مزدوجة؛ فهناك انخفاض القدرة على تطهير الجراثيم بشكل طبيعي وانخفاض الاستجابة المناعية نتيجة الستيرويدات".
هناك مشكلة أخرى تضاف لعوامل الهشاشة، فقبل سنوات من ظهور "كورونا"، أفاد باحثون في أستراليا وأوروبا، وكذلك الهند ، أن فطر الغشاء المخاطي بدا شرسًا بشكل خاص في المرضى الذين يعانون من مرض السكري غير المنضبط.
وضع هذا مرضى "كورونا" الهنود في كارثة، حيث يعاني كثير منهم من السكري غير المنضبط، وفوق ذلك يقول "كالانتري": "عندما يُشخّص هؤلاء المرضى بكورونا، فغالبًا ما يتم وصف جرعات عالية من الستيرويدات لهم، وحتى وهم ما يزالون في الأسبوع الأول من الإصابة، العلاج غير العقلاني وغير العلمي لكورونا شائع للغاية ".
وبدأ الأطباء في إعطاء مضادات الفطريات بشكل وقائي بناء على تجمع عوامل الخطر في المرضى، ولكن هناك نقص في المعروض من العقاقير المضادة للفطريات في الهند، وقد تكون باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس.
هناك عدد قليل نسبيًا من الأدوية المضادة للفطريات، وبينما كان بعضها متاحًا منذ عقود، فإن الإصدارات الأحدث الأقل سمية للمرضى غالية الثمن ونادرة.
ليس من الممكن في هذه المرحلة، التنبؤ بنهاية وباء الفطر الأسود، لكن زيادة وعي الأطباء بعوامل هشاشة المرضى قد يسمح لهم بالتعرف على الحالات في وقت مبكر.
