حكومة الاحتلال الإسرائيلي و«أرانب» الصهيونية المعاصرة

الثلاثاء 1 يونيو 2021 07:43 ص

حكومة الاحتلال الإسرائيلي و«أرانب» الصهيونية المعاصرة

«الأرانب» الصهيونية واحدة متماثلة عنصريا واستيطانيا وعدوانيا أياً كان اختلاف ألوانها وأحجامها.

لن يكون استخراج «الأرانب» عسيراً على نتنياهو في أي منعطف أو أزمة في أزمنة تشهد انحطاط مشروع الدولة الصهيونية!

الحكومة الهشة قد تواجه خطر انشقاق عضو في الكنيست فتخسر بالتالي أغلبيتها القائمة أصلاً على صوت واحد يتيم.

يبدو التنافر بين مكونات مجموعة «حكومة التغيير» سلاحا بحدين لأنه قد يوفر اتحاداً غير مسبوق بوجه تحالف نتنياهو اليميني الديني الاستيطاني العنصري.

أي تغير في بنية حكم إسرائيل لن يشهد تحولات جوهرية تبدل الخيارات الراهنة لدولة الاحتلال في ما يخص حقوق فلسطين والاستيطان وحصار غزة ونهج العدوان.

*     *     *

قد يصح الافتراض بأن الجهود الحالية الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية تحل محل حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها اليوم بنيامين نتنياهو، هي المحاولة الأكثر اقتراباً من هدف إزاحة الأخير عن المنصب، بعد أن تشبث به طوال 12 عاماً وسجّل الرقم القياسي الأطول عهداً لأي رئيس حكومة على امتداد تاريخ دولة الاحتلال.

ورغم الذهاب أربع مرات إلى صناديق انتخاب الكنيست منذ نيسان/ أبريل 2019، فإن نتنياهو عجز عن تأمين أغلبية الـ61 نائباً المطلوبة لحيازة الثقة وتمرير أي حكومة جديدة، لكن خصومه عجزوا أيضاً عن بلوغ هذا الهدف رغم تقلّب تحالفاتهم بين يمين ويسار ووسط، ورغم صعود جنرالات متقاعدين إلى سدة القيادة السياسية.

وقد تكون جهود نفتالي بينيت عن حزب «يمينا» اليميني المتطرف، ويائير ليبيد عن حزب «يوجد مستقبل» الليبرالي، لتشكيل حكومة تضم خليطاً متنافراً من التيارات السياسية والعقائد اليمينية واليسارية والاستيطانية والدينية، بما في ذلك لائحة «راعام» الممثلة لبعض الإسلام السياسي في مناطق 48، هي التهديد الأكثر جدية حتى الساعة لسنوات نتنياهو الطويلة في حكم دولة الاحتلال.

وقد يبدو التنافر بين مكونات مجموعة «حكومة التغيير» بمثابة سلاح ذي حدين لأنه يمكن أن يوفر اتحاداً غير مسبوق في وجه تحالف نتنياهو اليميني والديني والاستيطاني والعنصري، ولأنه أيضاً يقوم على هشاشة أغلبية الصوت الواحد في صفوف حزب بينيت الذي سوف يخضع لضغوطات هائلة من قواعده التي لا تقلّ يمينية وتديناً ونزوعاً استيطانياً عن أنصار تحالف نتنياهو.

كذلك ستبدو الحال بالنسبة إلى صيغة التناوب المقترحة، بين بينيت الذي سيتولى رئاسة الحكومة حتى سبتمبر/ أيلول 2023، ولبيد الذي سيخلفه حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، إذ أن الحكومة الهشة قد تواجه خطر انشقاق هذا العضو في الكنيست أو ذاك فتخسر بالتالي أغلبيتها القائمة أصلاً على صوت واحد يتيم.

كل هذا من دون احتساب المفاجآت الكثيرة المتوقعة من نتنياهو وأنصاره، و«الأرانب» التي يمكن أن يخرجها من قبعته وهو الشهير الآن بأنه ساحر لا تحكمه شهوة السلطة والبقاء في المنصب فقط، بل يستقتل لاكتساب مزيد من الوقت المستقطع وحيازة فترات حصانة إضافية أمام قضاء يترصده بثلاث تهم كبرى هي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.

ولن يكون استخراج «الأرانب» عسيراً على نتنياهو في أي منعطف أو خلال أي أزمة، في هذه الأزمنة تحديداً التي تشهد انحطاط مشروع الدولة الصهيونية إلى الدرك الأسوأ على أصعدة الاستيطان وضم الأراضي وتهجير السكان وانتهاك حقوق الإنسان والدوس على الحريات العامة حتى في قلب مؤسسات دولة الاحتلال.

وسواء نجح ائتلاف لبيد وبينيت في تشكيل الحكومة وحيازة الثقة الأضعف، أو فشل في المهمة وعاد الأمر إلى كنيست لن يتردد في حلّ نفسه والدعوة إلى انتخابات خامسة، فإن أي تغير في بنية الحكم الإسرائيلية لن ينطوي على تحولات جوهرية كفيلة بتبديل الكثير ضمن الخيارات العامة الراهنة لدولة الاحتلال، وفي ما يخص الحقوق الفلسطينية وخطط الاستيطان وحصار غزة وانتهاج العدوان.

«الأرانب» الصهيونية في هذا المضمار واحدة متماثلة، أياً كان اختلاف ألوانها وأحجامها.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الصهيونية، فلسطين، الاحتلال، حكومة التغيير، نتنياهو، بينيت، لبيد، إسرائيل،