كارنيجي: مؤشرات مهمة على تراجع تأييد إسرائيل داخل الولايات المتحدة

الأربعاء 2 يونيو 2021 04:42 م

أدت العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة إلى قتل ما لا يقل عن 230 مدنياً فلسطينياً من بينهم 61 طفلاً، فيما بلغ عدد القتلى الإسرائيليين 12 شخصا. ويعتبر هذا التباين سمة مميزة للصراع منذ عقود.

وعلى مدى عقود، كانت النخبة السياسية ووسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة مؤيدة بشدة لإسرائيل. وقد تجلى هذا التأييد في ردود الفعل على العمليات العسكرية الإسرائيلية سواء من المؤسسات الفكرية أو الأحزاب السياسية أو وسائل الإعلام، وكان من النادر سماع انتقادات لإسرائيل بين الأمريكيين.

ولكن عندما اشتدت المواجهة الأخيرة في غزة، أصبح من الواضح أن هناك تغييرا في الرواية لدى التيار السائد في الولايات المتحدة، فقد أبدى سياسيون أمريكيون تعاطفهم مع الفلسطينيين بصوت أعلى بكثير من ذي قبل خاصة بين اليسار التقدمي للحزب الديمقراطي.

وأصدر السيناتور "تود يونج" و"كريس مورفي" بيانا وقّع عليه العشرات من الحزبين لوقف إطلاق النار. وخلال القتال، سعى الديمقراطيون في الكونجرس إلى إجبار إدارة "بايدن" على تأخير صفقة أسلحة بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل، وهي خطوة غير عادية للغاية. وفعل السيناتور "بيرني ساندرز" الشيء نفسه في 20 مايو/أيار، حيث قدم مقترحا برفض الصفقة. ولم ينجح أي منهما، لكنهما أتاحا مساحة لنقاش لم يكن موجودا من قبل.

كما أعرب الإعلاميون والصحفيون، مثل "علي فيلشي"، و"جون أوليفر"، و"مهدي حسن"، وغيرهم كثيرون، عن دعمهم الكامل لحقوق الفلسطينيين. واستخدم العديد منهم كلمات مثل "الفصل العنصري" و"جرائم الحرب" و"التطهير العرقي"، وهي مصطلحات كان من النادر سماعها بصوت عالٍ في الولايات المتحدة. وللمرة الأولى، أصبح وضع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والذين يواجهون تمييزًا شديدًا، جزءًا من النقاش السائد. 

وعلى نطاق أوسع، في مؤسسات الفكر والرأي ومنظمات حقوق الإنسان، كان التحول في طور التكوين منذ فترة. وفي 19 مايو/أيار، أصدرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي تقريرًا تاريخيًا أكد على ضرورة أن تبني الولايات المتحدة سياساتها فيما يتعلق بالضفة الغربية والقدس وغزة على "نهج قائم على الحقوق". وبعد نحو أسبوع، أدانت "هيومن رايتس ووتش"، المسؤولين الإسرائيليين لارتكابهم جرائم الفصل العنصري والاضطهاد.

وتلخص عبارة "حياة الفلسطينيين مهمة" هذا التغيير، ليس فقط من حيث معناها الفعلي ولكن أيضًا من حيث علاقتها بالحركة التي تم استعارة الاسم منها، فقد أعاد شعار "حياة السود مهمة" تأكيد مركزية الحريات المدنية بين التقدميين الأمريكيين.

 لقد تحول الحزب الديمقراطي بالفعل إلى اليسار، خاصة بين الشباب. وبالرغم من تاريخه كوسطي، يعكس برنامج الرئيس "جو بايدن" الانتخابي قدرًا كبيرًا من توجهات يسار الحزب، بما في ذلك "ساندرز" و"إليزابيث وارين". وقد خرج عضوا مجلس الشيوخ لدعم الفلسطينيين علنا، كما فعلت شخصيات عامة ومشاهير آخرون، بمن فيهم الممثلون "جون كوزاك"، و"ناتالي بورتمان"، و"مارك روفالو". كما انطوت عدة مشاركات على الكثير من النقد للتقدمية على أنها "تقدمية باستثناء فلسطين".

وفي 19 مايو/أيار، قال السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، "مارتن إنديك"، في مقابلة مع "مهدي حسن" إن الاتجاه الداعم لإسرائيل يتراجع منذ سنوات، وأضاف أن المشاعر المؤيدة للفلسطينيين تزداد قوة، معتبرا أن مثل هذه الاختلافات "تكسر الحزب الديمقراطي ".

في ظل هذه الخلفية، سيكون من الصعب على "التقدميين باستثناء فلسطين" التمسك بأوراق اعتمادهم التقدمية في المعسكر التقدمي والديمقراطي. وهذا أحد الفوائد غير المقصودة لحركة "حياة السود مهمة".

ولا يستطيع المرء تصوير نفسه داخليا كمدافع عن الحقوق ومعارض للتمييز وعنف الدولة، بينما يغض الطرف عن هذه القيم في الخارج.

ومع ذلك، من المهم أيضًا إدراك أن السياسة الأمريكية ظلت طوال التصعيد الأخير مؤيدة لإسرائيل بقوة. وقد تدخلت إدارة "بايدن" عدة مرات في الأمم المتحدة لإحباط محاولات مجلس الأمن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وأكّدت الإدارة مرارًا على ما أسمته "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، دون التأكيد على أن ذلك لابد أن يُمارس وفقًا للقانون الدولي.

وكما هو متوقع، أدى ذلك إلى تشجيع إسرائيل على الاستخدام غير المتناسب للقوة. علاوة على ذلك، لم تشر الإدارة الأمريكية إلى حق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس ضد الضربات الإسرائيلية، حتى ولو بكلمات إدانة محدودة لقتل المدنيين الفلسطينيين.

وقد احتلت مدرسة "كلا الجانبين" مركز الصدارة في معظم النقاشات السائدة، بالرغم أن هذه ليست حالة تكافؤ، فإسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية، بينما لا يحتل الفلسطينيون الأراضي الإسرائيلية. ووصل عدد القتلى من الفلسطينيين 20 ضعف عدد القتلى الإسرائيليين. 

وفي الوقت الحالي، لم تتغير سياسة الولايات المتحدة، لكن النقاش يتغير بالتأكيد. وقبل أيام، أصدر أكثر من 500 موظف من إدارة "بايدن" رسالة مفتوحة إلى الرئيس، طالبوا فيها بنهج أكثر توازناً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ولم يعد السؤال حاليا حول إمكانية تغير السياسات الأمريكية تجاه الصراع، فقد أصبح ذلك أمرا مفروغا منه ولكن السؤال هو متى سيحدث هذا التغيير. علاوة على ذلك، فإن صعود اليمين المتطرف في السياسة الإسرائيلية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الانقسامات بين إسرائيل واليسار الأمريكي  بما في ذلك داخل الحزب الديمقراطي.

المصدر | ه. أ. هيليار/ كارنيجي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب على غزة العلاقات الأمريكية الفلسطينية اليسار الأمريكي العلاقات الأمريكية الاسرائيلية الدعم الدولي للفلسطينيين القضية الفلسطينية

السبت.. مليونية في واشنطن لمعاقبة وردع إسرائيل

بمشاركة الآلاف.. مسيرة تجوب شوارع واشنطن دعما لفلسطين

واشنطن: قلقون من المواجهات بالقدس ومحاولات تهجير فلسطينيين بالشيخ جراح

الشيوخ الأمريكي يوافق على مرشح بايدن ليكون سفيرا في إسرائيل