استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل تصلح إيران في غزة ما أفسدته في بغداد ودمشق؟

السبت 5 يونيو 2021 08:36 ص

هل تصلح إيران في غزة ما أفسدته في بغداد ودمشق؟

إنكار عداء نظام إيران لإسرائيل شعور رغبوي ناقم عليه لا يريد منحه «شرف المقاومة» أكثر من كونه توصيفا موضوعيا.

ظلت بندقية حماس موجهة لعدوها فقط ولم تخدم أجندة أو مشروع غيرها ولم تشارك إيران في مشاريعها الطائفية بالعراق وسوريا.

معادلة النزاع ليست واحدة بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين فهي طائفية حيث ثمة طوائف وإسلامية/صهيونية حيث ثمة صهاينة ومسلمون بدون طوائف!

قيل للفلسطينيين سابقا: لماذا تحبون صدام قاتل أبنائنا؟ واليوم يقال لحماس: لماذا تشكرون إيران لكن هل شكروها لأنها قتلت أبناءهم؟ أم لأنها دعمتهم بوجه إسرائيل؟

أظهرت حرب غزة تشتت المزاج العربي السني المشرقي وتفاوت أولياته فبعد تهميشهم في بغداد ودمشق يتعرضون للتهميش في قضية القدس لصالح حلفاء إيران.

*     *     *

كان لافتا في حرب غزة على صعيد وسائل التواصل الاجتماعي، أجواء «التنابز» بين خصوم محور إيران في سوريا والعراق، ومؤيديها في التدخل لصالح حماس.

وليس خافيا أن بعض أهل السنة في العراق وسوريا شعروا بما يشبه الغبن، لتضاؤل الاهتمام الدولي مؤخرا بالجرائم التي ترتكب في سوريا والعراق، على يد حكومات حليفة لإيران، مقابل التعاطف الهائل إسلاميا ودوليا مع أشقائهم في غزة.

رغم أن ما يتعرض له سُنة العراق وسوريا من حكوماتهم، قد يفوق وحشية إسرائيل، وهو الأمر الذي قد لا يعرفه أحيانا الفلسطيني، الذي يواجه إسرائيل في صراع وجودي منذ نحو قرن.

ويبدو أن هناك نسبة كبيرة من الجمهور العربي ممن ينظرون للقضايا بعين محلية ضيقة، فقد ينظر بعض الفلسطينيين للمشرق من زاوية نزاعهم مع إسرائيل فقط. بالمقابل فإن السني العراقي والسوري يهمهما نزاعهما الأهلي فقط، وكل يرى بعينه..

فتجد غضبا من قضية شكر حماس لإيران، ولو عدنا إلى عهد صدام حسين، لوجدنا مثلا أن كثيراً من الكويتيين ومن شيعة وكرد العراق، كانوا يقولون للفلسطينيين: لماذا تحبون صدام قاتل أبنائنا؟ واليوم يقولون لحماس لماذا تشكرون إيران، لكن هل شكروها لأنها قتلت أبناءهم؟ أم لأنها دعمتهم بوجه إسرائيل؟

لابد من استيعاب أن معادلة النزاع ليست واحدة في العراق وسوريا وفلسطين، فهي طائفية حيث توجد طوائف العراق وسوريا ولبنان، وإسلامية/صهيونية حيث يوجد صهاينة ومسلمون بدون طوائف، وأن إنكار عداء نظام إيران لإسرائيل هو شعور رغبوي ناقم عليهم لا يريد منحهم «شرف المقاومة» أكثر من كونه توصيفا موضوعيا!

فدعم إيران لحلفائها الشيعة ضد السنة، لا ينفي أنها تدعم أيضا حلفاءها الشيعة (حزب الله) والسنة (حماس والجهاد الإسلامي) ضد إسرائيل، ولا يمكن إنكار أن جبهتي الحرب العربيتين الوحيدتين مع إسرائيل اليوم: حزب الله الشيعي وحماس السنية هما حلفاء إيران.

لا يمكن إنكار أنها من أدبيات الحركات الشيعية وزعمائها كالخميني وباقر الصدر، وهذا لا يتنافى مع أن محور إيران طائفي، فكلا المسارين مختلفان، ببساطة.

وكما أن هناك إسلاميا سنيا ضد الإسرائيلي والإسلامي الشيعي معا، فهناك إسلامي شيعي ضد الإسرائيلي والإسلامي السني معا. إسرائيل تعتبر إيران عدوها الأول حاليا في المنطقة، وفي عام 2015، وقف نتنياهو في الأمم المتحدة حاملا كتاب خميني «فلسطين في فكر الخميني» واعتبره أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خريطة تدمير إسرائيل.

المشكلة ان النزاع الأهلي في العراق وسوريا لا يمكن ان يتحول لقضية أمة فيها 900 مليون مسلم، أو 300 مليون عربي، لا يعيشونه أصلا، ويعتبرونه مجرد فتنة داخلية يجب القضاء عليها للتفرغ للصراع العالمي.

الحرب الأهلية تعبير يغضب الكثيرين في سوريا والعراق، فكل طرف يريد احتكار تمثيل الوطن، والآخر «عميل» بدون ان يعي أن إنكار نزاع أهلي وتقديمه كصراع أمة بين العرب والعجم والسنة والشيعة، هذا التوصيف لم ولن يلقى رواجا في معظم البلدان الإسلامية وحتى السنية، التي لا تعيش نزاعا طائفيا، وتعتبر أن الصراع هو مع الغرب وإسرائيل.

بلا شك أن طهران قد تنظر للقضية الفلسطينية كـ«كفارة ذنوب» لدورها في العراق وسوريا. وحتى تاريخيا، فإن أبرز قادة الدول الإسلامية السنية، داست خيولهم اجساد خصومهم الداخليين من الطوائف الأخرى، بل أحيانا من خصومهم من الطائفة نفسها، ثم أصبحوا أبطالا، عندما واجهوا عدوا خارجيا، وهذا ما يبدو أن إيران تريد فعله.

بل إن الأمويين قتلوا صحابة، واستحلوا مدينة رسول الله في واقعة الحرة الشهيرة، وقصفوا الكعبة ثم بنوا قبة الصخرة الجميلة. صلاح الدين قتل فاطميين وعلويين، أما صدام حسين فقد غزا الكويت، وقمع المعارضة الشيعية والأكراد، ولم يقلل هذا كله من رمزية هؤلاء القادة عند السنة، لأنهم يعتبروهم حققوا انتصارات ومجدا لقومهم.

وتعليقا على قضية «الشكر» فمن المهم الانتباه إلى أن الشعوب تتناسى عادة نزاعاتها الداخلية لمواجهة صراع أكبر، العراقي السني نسي أنه كان يسمي أمريكا «قاتلة أبنائه» ومحتلة بلاده، وتحول من المقاومة ضدها إلى صحوات معها.

بل أصبح اليوم يتمنى بقاءها في العراق مقابل النفوذ الشيعي المدعوم من إيران، وتجاوز معظم ضباط النظام السابق عداء بارزاني، الذي سموه سابقا «عميل الموساد» وسكنوا الآن بحماية أربيل.

وفي سوريا تحالفت معظم فصائل السنة في الثورة السورية، وتلقت دعما من أمريكا داعمة إسرائيل ومحتلة العراق، ومع فرنسا محتلة سوريا السابقة، ولن يكون ذلك مخلا طالما ظلت البوصلة المحركة توجهك وفق أجندتك، وليس أجندة الداعم، وتقاتل عدوك وليس عدو الداعم.

وهذا ما تمكنت حماس على ما يبدو من أن تحافظ عليه، ظلت بندقيتها موجهة لعدوها فقط، ولم تخدم أجندة أو مشروع غيرها، ولم تشارك حماس مع إيران في أي من مشاريعها الطائفية بالعراق وسوريا، وموقفها معروف بالانسحاب من سوريا احتجاجا على قمع النظام السوري.

الحاصل، أن حرب غزة أظهرت شيئا من تشتت المزاج العربي السني المشرقي وتفاوت الأوليات، فبعد تهميشهم في بغداد ودمشق يبدو أنهم يتعرضون أيضا للتهميش في قضية القدس، لصالح حلفاء طهران، وطبعا كان لانخراط دول عربية وازنة في مسار التطبيع أثرا كبيرا في تلك الخسارة، بينما بدت جماهير التنظيمات الشيعية من الضاحية الجنوبية ببيروت لمظاهرات الصدريين في بغداد متناغمة على إيقاع محدد، كما يريد المايسترو تماما.

* وائل عصام كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

أجندة الداعم، إيران، السنة، الشيعة، حماس، فلسطين، غزة، إيران، العراق ، سوريا، لبنان، حزب الله،