استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ميزانية بايدن.. تغيرات اقتصادية جذرية

الأحد 6 يونيو 2021 03:49 م

ميزانية بايدن.. تغيرات اقتصادية جذرية

من الصعب للغاية أن تحقق السياسة فارقاً كبيراً لمعدل النمو طويل الأمد للاقتصاد. وهذا شيء لم يستوعبه اليمين قط.

من المعقول أن تتجنب إدارة بايدن تقديم مزاعم كبيرة عن النمو الاقتصادي.. لكن هل هذا يعني أن خطط بايدن ليست ذات شأن؟

الميزانية تقترح إنفاق 24.5% من الإنتاج المحلي الإجمالي على مدار العقد التالي صعوداً من نسبة 22.7% أي زيادة سببها الإنفاق على البنية التحتية والأسر.

توقع اقتصاديو ترامب أن تحقق سياساتهم 3% نمواً مستداماًبالإنتاج المحلي الإجمالي سنويا ولو تحقق لكان استثنائياً في اقتصاد لا تنمو فيه فئة السكان في عمر العمل.

جري الاعتراض على مساعدة المواطن العادي بحجة أنه لا يمكن الاقتراض أكثر وإلا سنواجه أزمة ديون ولا يمكننا زيادة الضرائب لأنها تدمر حوافز زيادة الثروة.

*     *     *

تنقل التقارير الكثيرة التي نُشرت عن مقترح إدارة بايدن للميزانية شعوراً بأن الميزانية هائلة. وظهر الرئيس جو بايدن بقوة في بعض العناوين، فهو يريد إنفاق 6 تريليونات دولار العام التالي.

والأمر يحتاج إلى تدقيق لنعلم أن خط الأساس- وهو المبلغ الذي قدرت الإدارة أننا سننفقه العام المالي المقبل دون سياسات- يبلغ 5.7 تريليون دولار.

والواقع أن الأكثر إثارة للانتباه في ميزانية بايدن، وربما في كل إدارته، هو التواضع النسبي فيما يتعلق بمقدار المال والمزاعم بشأن ما قد ينجزه هذا المال.

فلم يقترح بايدن ولم يعد بثورة بل بسياسات فحسب قد تحسن حياة الأميركيين كثيراً. وأنا أعتبر هذا منعشاً للغاية بعد ضجيج الرئيس السابق الذي بلا إنجازات. وخطة بايدن ليست تافهة بحال من الأحوال. فالميزانية تقترح إنفاق 24.5% من الإنتاج المحلي الإجمالي على مدار العقد التالي صعوداً من نسبة 22.7%.

وهذه الزيادة سببها في الأساس الإنفاق على البنية التحتية والأسر. وهي أكبر مما تبدو عليه؛ لأن جانباً كبيراً من المبلغ الأساسي مخصص للجيش والرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي. لكن هذا ليس نظاماً اشتراكياً أيضاً. بل تظل الولايات المتحدة لديها حكومة أصغر من معظم الدول الغنية الأخرى.

لكن الإنفاق الإضافي سيحقق فارقاً هائلاً في بعض القطاعات الاقتصادية، وتحديداً الطاقة، ويحسن كثيراً حياة بعض الأميركيين، خاصة الأسر منخفضة الدخول ولديها أطفال.

لكن الإدارة لا تدعي أن هذه السياسات ستسرع بشدة النمو الاقتصادي. فقد توقع اقتصاديو الرئيس السابق أن سياساتهم ستحقق نمواً مستداماً في الإنتاج المحلي الإجمالي يبلغ 3% في العام، ولو تحقق هذا، لكان استثنائياً في اقتصاد لا تكاد تنمو فيه فئة السكان في عمر العمل. وتوقع اقتصاديو بايدن نمواً أقل من 2% بعد تعافي الاقتصاد من «الجائحة».

لماذا هذا التواضع؟ ربما يتعلق جانب منه بالاستراتيجية السياسية. فبايدن يروقه تقديم وعود أقل وتحقيق إنجاز أكبر من المتوقع، مثل الطريقة التي اتبعها في توزيع اللقاحات.

واقتصاديو الإدارة متفائلون إلى حدٍّ كبير، على سبيل المثال، بشأن احتمال أن تعزز رعاية الأطفال وسياسات الأسرة الأخرى قوة مشاركة العمل، وأن الاستثمار في الأطفال سيدر عائدات اقتصادية كبيرة في المدى الطويل. لكنهم يعرفون التاريخ أيضاً.

فالحكومات تستطيع القيام بالكثير للتصدي لنوبات الركود قصيرة الأجل، أو مفاقمتها، لكن الحقيقة أنه من الصعب للغاية أن تحقق السياسة فارقاً كبيراً لمعدل النمو طويل الأمد للاقتصاد. وهذا شيء لم يستوعبه اليمين قط. فمن الصعب، أن تجعل الناس يفهمون شيئاً تتوقف رواتبهم على عدم فهمه.

لقد دأب «المحافظون» على الدفع بحجة أن تقليص الضرائب، تحديداً، يحفز بقوة على النمو ويروقهم الإشارة إلى الانتصار الاقتصادي المفترض لرونالد ريغان. لكن ريجان لم يشرف إلا على عامين فقط من النمو الاقتصادي السريع للغاية مع تعافي الاقتصاد من ركود حاد. ف

على مدار الثمانينيات، لم ينمُ الاقتصاد أسرع إلا بنسبة 0.015% مما كان في عقد السبعينيات المضطرب. وبإلقاء نظرة أوسع عبر التاريخ، على مستوى البلاد ومستوى الولايات، يتضح أنه لم تتحقق توقعات بحدوث معجزات اقتصادية بفضل تقليص الضرائب، ولو لمرة واحدة. كما لم تتحقق أيضاً توقعات بأن تؤدي زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء التي يقترحها بايدن إلى كارثة.

ولذا فمن المعقول أن تتجنب إدارة بايدن تقديم مزاعم كبيرة عن النمو الاقتصادي. لكن هل هذا يعني أن خطط بايدن ليست ذات شأن؟ لا إطلاقا.

صحيح أن السياسات الحكومية نادراً ما يكون لها تأثير على معدل نمو الاقتصاد إجمالاً لكن يمكن أن يكون لها تأثير كبير على نوعية حياة الناس. فالحكومات تستطيع، على سبيل المثال، أن تكفل إمكانية حصول مواطنيها على رعاية صحية ميسورة ويمكنها أن تقلص بشدة عدد الأطفال الذين يشوه حياتهم الفقر. وخطة بايدن ستقطع خطوات كبيرة في هذه الأمور وغيرها من الجبهات.

وفي هذا الصدد، تمثل خطة بايدن رغم التواضع النسبي لحجمها المالي تحولاً جذرياً عن السياسة الاقتصادية السابقة.

وعلى مدار العقود الأربعة الماضية، هيمن على الجدل الاقتصادي الأميركي أيدولوجية تعارض في الأساس إنفاق المال على مساعدة المواطنين العاديين.

وكان يجري الاعتراض بحجة أنه لا يمكننا الاقتراض أكثر وإلا سنصنع أزمة ديون. وجرى الاحتجاج أيضاً بأنه لا يمكننا زيادة الضرائب على القادرين على الدفع لأن هذا يدمر حوافزهم على زيادة الثروة.

لكن ميزانية بايدن تكشف عن إدارة متحررة من هذه المخاوف. فالميزانية لا تقترح عجزاً كبيراً في الإنفاق لكنها تشير إلى أن عبء الديون الاتحادية ثانوي، إذا حُسب بشكل ملائم. وأوضح مسؤولون من الإدارة أنه لا تنطلي عليهم دعاية الضرائب المنخفضة.

فيمكن القول إن أهم شيء في هذه الميزانية لا يتعلق بقدر الدولارات التي تقدمها، بل بالعقيدة التي تنبذها. وإذا اعتبرت رئاسة بايدن ناجحة فهذا التحرر الأيديولوجي سيعد من نتائجها المهمة.

* بول كروغمان أكاديمي أميركي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

ميزانية، تغيرات اقتصادية، ضرائب، بايدن، الرعاية الاجتماعية، الاقتراض، البنوك، السياسة،

على رأسهم وزيرة الخزانة.. أكسيوس: تغيير في الفريق الاقتصادي لبايدن