استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أي نظام سيحمي العدالة الاجتماعية

الخميس 24 يونيو 2021 07:37 ص

أي نظام سيحمي العدالة الاجتماعية

العدالة الاجتماعية تحتاج لسلطات حكم وإدارة، ومصادر مالية لا تتوفر إلا في نظام اقتصادي معقول وغير استغلالي.

يجب أن يكون النظام السياسي المطلوب ديمقراطيا تمثيليا غير فاسد يتمتع بشفافية وانحياز للمهمشين والفقراء وممارسة قيم الحق والعدالة.

هل النظام الرأسمالي النيوليبرالي يمكن الثقة بقدرته على صيانة منجزات العدالة الاجتماعية وتعايش جنونه وهلوساته مع قيم وأخلاق تلك العدالة؟

أي نظام سياسي اقتصادي أقرب لتوفير العدالة الاجتماعية بصورة أقرب للمساواة والكرامة الإنسانية؟ وأي نظام هو الأبعد ويمارس التلاعب والمناداة بها مظهريا؟

*     *     *

لقد طرحت الحراكات الجماهيرية العربية خلال العشر السنوات الماضية شعار العدالة الاجتماعية، وأي مراجعة للفكر السياسي عبر العالم كله، ستظهر أنه مبثوث في أغلبها، وهو أحد أهداف المشروع النهضوي العربي.

وإذن سيبدو لنا، نحن العرب، أن الأمر واضح ومحدد ومتفق عليه، لكن الأمر ليس كذلك، فمراجعة أدبياته ستظهر الكثير من الاختلافات حول مضمونه ومكوناته، حول أي نظام اقتصادي وسياسي ينجح، وأي نظام يفشل في تطبيقه، حول الكثير من تفاصيل تطبيقاته، بل حتى حول مسيرته التاريخية.

وفي الأونة الأخيرة كثر الجدل حول الجهة التي ستكون مسؤولة عن تنفيذه في الواقع المجتمعي: سلطات الحكم، أم سلطات الاقتصاد والمال الخاصة، أم سلطات البر والإحسان الأهلية.

بصورة عامة متفق على أنه نظرية سياسية فلسفية تركز على أهمية القسط والعدالة في علاقات أفراد المجتمع، وعلى المساواة في توزيع ثروات المجتمع، وعلى تكافؤ الفرص الحياتية أمام الجميع، وعلى عدم التمييز في توفر المميزات الاجتماعية للجميع مثل، التعليم والصحة والسكن والحق في العمل والأجور المعقولة.

وتطرح الآن في بعض بلاد الغرب الغني، ضرورة عدم وجود أية بطالة، وعلى حق كل فرد في حصوله على راتب شهري طيلة حياته وتحت كل ظروفها المعيشية.

وعلى المستوى السياسي الحقوقي يعتبر تمتع الأفراد بكل حقوقهم الإنسانية، المنصوص عليها في قانون حقوق الإنسان العالمي، ومن دون أي تفرقة، أو أي انحياز بسبب الجنس والعرق والانتماءات الدينية والاجتماعية.. يعتبر جزءا مفصليا من شعار العدالة الاجتماعية. ويضاف إلى ذلك حق المشاركة في نظام التصويت العام، واتخاذ القرارات المجتمعية، من دون أية عوائق أو حجج.

نحن أمام مساحة تكبر وتتغير بصورة سريعة، كإدخال قضايا البيئة والعنف الأمني البوليسي، ومعاملة وحقوق اللاجئين في صلب هذا الموضوع.

إذا كان الأمر كذلك فإن السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هو: أي نظام سياسي واقتصادي هو الأقرب لتوفير كل تلك الخدمات الاجتماعية، بصورة أقرب إلى العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية، وأي نظام هو الأبعد وممارس التلاعب بتلك الخدمات والمناداة بها مظهريا وبأشكال لا تعد من المراوغة والكذب؟

ذلك أن كل تلك المكونات للعدالة الاجتماعية تحتاج إلى سلطات حكم وإدارة، وإلى مصادر مالية لا تتوفر إلا في نظام اقتصادي معقول وغير استغلالي. أما النظام السياسي المطلوب فهناك شبه إجماع على ضرورة أن يكون ديمقراطيا تمثيليا شرعيا غير فاسد ويتمتع بشفافية وانحياز للمهمشين والفقراء، وممارسة لقيم الحق والعدالة إلى أبعد الحدود.

إنه نظام لم يصل إليه أي مجتمع، وسيحتاج إلى نضال مرير بشري لبلوغه، ولكنه هدف يجب عدم التنازل عنه قط، حتى لو تم تدريجيا، من دونه ستظل العدالة الاجتماعية ناقصة ومتعثرة، ومقتصرة على أقلية من هذا النوع أو ذاك.

الاختلاف الكبير هو حول النظام الاقتصادي المطلوب، الذي لن يقف في وجه تلك العدالة الاجتماعية، بسبب الأسس الأيديولوجية التي ينطلق منها، كما فعل النظام الرأسمالي النيوليبرالي، الذي فرض على العالم عبر الأربعين سنة الماضية، والذي ينادي بحرية السوق الكاملة غير المنضبطة، وبعدم تدخل سلطات الحكم في الشأن الاقتصادي، إلا بالنزر اليسير الذي يرضاه أصحاب الثروات الهائلة، وبالتركيز على أهمية الفرد وفردانيته الحرة الأنانية، على حساب حاجات ومصالح المجتمع.

هل نظام اقتصادي كهذا يمكن الثقة في قدرته على صيانة منجزات العدالة الاجتماعية وتعايش جنونه وهلوساته مع قيم وأخلاق تلك العدالة؟

في اعتقادي أن شعار الاشتراكية الذي طرحته الأيديولجية القومية العروبية في الماضي، ويراد تبديله بشعار عائم مليء بالاختلافات، مثل شعار العدالة الاجتماعية، يجب معاودة بحثه، وهذا ما سنطرحه في كتابات مقبلة، إذ أن الموضوع مطروح على مستوى العالم كله، وفي قلب قلاع الرأسمالية نفسها.

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد، العدالة الاجتماعية، القومية العروبية، النظام السياسي، الرأسمالية، النيوليبرالية، الاشتراكية،