استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

إنهاء «نهاية نظام الرعاية الاجتماعية»

الجمعة 25 يونيو 2021 10:28 ص

إنهاء «نهاية نظام الرعاية الاجتماعية»

منذ متى أصبح العمل أقل قليلاً من أجل قضاء الوقت مع أطفالك شراً؟

يأمل الديمقراطيون ويتوقعون أن تصبح مساعدات مالية مهمة إلى العائلات التي لديها أطفال جزءاً دائماً من المشهد الأميركي.

هجمات تقليدية كانت تخيف الديمقراطيين سابقا لا يبدو أنها تجد صدى لها بين الناس والواضح أن شيئاً ما قد تغيّر بالمشهد السياسي الأميركي.

اللافت ليس فقط أن «خطة الإنقاذ الأميركية» تنفق مالا كثيرا بل ثمة تغييرات كبيرة في فلسفة السياسة العامة وابتعاداً عن الأيديولوجيا المحافظة!

هل «انتهى عهد الحكومة الكبيرة»؟ مشروع قانون الإغاثة الذي وقّعه الرئيس بايدن مذهل في حجمه لكن معارضة المحافظين له كانت ضعيفةً على نحو لافت.

*     *     *

لقد «انتهى عهد الحكومة الكبيرة»، فمشروع قانون الإغاثة الذي وقّعه الرئيس جو بايدن مذهل في حجمه، غير أن معارضة المحافظين له كانت ضعيفةً على نحو لافت.

ولئن لم يصوِّت أي «ديمقراطي» ضد المشروع، فإن الهجوم الشفوي عليه من قبل سياسيي الجناح اليميني وإعلامه كان فاتراً ولم يكن بالشراسة التي قد يتوقعها المرء، ربما لأن خطة بايدن تحظى بشعبية كبيرة جداً.

وحتى في الوقت الذي انتقل فيه «الديمقراطيون» لصرف 1.9 تريليون دولار من المساعدات الحكومية، بدا خصومهم منشغلين بمواضيع أخرى.

وما يجعل هذا الفتور في الحماس لافتاً بشكل خاص هو أن «خطة الإنقاذ الأميركية» لا تنفق كثيراً من المال وحسب، وإنما تجسّد أيضاً بعض التغييرات الكبيرة في فلسفة السياسة العامة، وابتعاداً عن الأيديولوجيا المحافظة التي هيمنت على المشهد السياسي الأميركي طوال العقود الأربعة الماضية.

وهناك بشكل خاص شعور محدود، مثلما سأشرح لاحقاً، لكنه شعور حقيقي مع ذلك، بأن التشريع، إضافة إلى إعادة إحياء فكرة الحكومة باعتبارها الحل وليس المشكلة، ينهي «نهاية نظام الرعاية الاجتماعية كما نعرفه».

في الماضي، كان هناك برنامج يدعى «مساعدة عائلات لديها أطفال معالون»، وهو البرنامج الذي كان يفكر فيه الناس عادةً عندما يتحدثون عن «الرعاية الاجتماعية».

وكان الهدف منه في الأصل هو دعم الأرامل البيضاوات أثناء تربية أطفالهن، وكان ممنوعاً على الأمهات السوداوات وغير المتزوجات. غير أنه مع الوقت، تآكلت هذه القيود، ثم ما لبث أن توسّع البرنامج بسرعة منذ بداية عقد الستينيات إلى أوائل عقد السبعينيات.

إلا أن البرنامج أصبح كذلك مفتقراً للشعبية إلى حد كبير. وبالطبع، عكس ذلك عرق الكثير من المستفيدين، جزئياً. غير أن الكثير من المعلِّقين انتقدوا أيضاً برنامج «مساعدة عائلات لديها أطفال معالون» واتهموه بتشجيع ثقافة التواكل، والتي كانت مسؤولة بدورها عن المعضلات الاجتماعية المتزايدة لأحياء وسط المدن الفقيرة.

وإن كانت الدراسات والأبحاث العلمية اللاحقة، وخاصة عمل ويليام يوليوس ويلسون، قد أشارت إلى أن السبب الحقيقي لتلك المعضلات هو اختفاء الوظائف الحضرية.

ويبدو أن المشاكل الاجتماعية التي أعقبت التراجع الاقتصادي في معظم المناطق الحيوية في أميركا تؤكد أطروحة «ويلسون». وعلى أي حال، ففي عام 1996 سنّ بيل كلينتون إصلاحات قلّصت المساعدات المخصصة للفقراء بشكل جذري، وفرضت شروطاً قاسية، حتى على الأمهات العازبات. وبذلك، انتهى حقاً نظام الرعاية الاجتماعية كما عرفناه.

بيد أن «قانون خطة الإنقاذ الأميركية»، الذي استجاب لمقترحات من السيناتور مايكل بينيت («الديمقراطي» عن ولاية كولورادو) يعيد مساعدات مهمة للأطفال.

فضلاً عن ذلك، وخلافاً لمعظم بنود القانون ومقتضياته، فإن الهدف من هذا التغيير (وعلى غرار تحسين إعانات قانون «أوباماكير») هو أن تدوم تلك المساعدات وتبقى حتى بعد انقضاء الأزمة الحالية، إذ يأمل الديمقراطيون ويتوقعون أن تصبح مساعدات مالية مهمة إلى العائلات التي لديها أطفال جزءاً دائماً من المشهد الأميركي.

وعليه، فهل فالسؤال هو: هل عاد «نظام الرعاية الاجتماعية»؟ الجواب: ليس تماماً. فهذه ليس عودة إلى نظام الرعاية الاجتماعية كما كنا نعرفه، إذ لا أحد سيكون قادراً على الاستمرار في العيش على الدعم الذي ستوفّره الحكومة للأطفال. لكن دعماً كهذا سيساهم بشكل كبير في تقليص فقر الأطفال. كما أنه يمثّل، كما أسلفتُ، قطيعة فلسفية مع العقود القليلة الماضية، وبشكل خاص مع الخوف الكبير من أن الفقراء قد يستغلون المساعدات الحكومية عبر اختيار عدم العمل.

صحيح أن البعض على اليمين ما زالوا يضيعون طاقتهم على هذه القضية المحسومة. وعلى سبيل المثال، فقد ندَّد السيناتور ماركو روبيو («الجمهوري» عن ولاية فلوريدا) بخطط الائتمان الضريبي للأطفال باعتبارها «مساعدة من نظام المساعدات الحكومية». كما حذّر خبراء من «معهد المشروع الأميركي» من أن بعض الأمهات غير المتزوجات يمكن أن يقلّصن قليلا ساعات العمل، وإن كانت تقديراتهم تبدو صغيرة جداً، وتدفع للتساؤل: منذ متى أصبح العمل أقل قليلاً من أجل قضاء الوقت مع أطفالك شراً؟ وعلى أي حال فإن هذه الهجمات التقليدية، التي كانت تخيف الديمقراطيين في الماضي، لم يعد يبدو أنها تجد صدى لها بين الناس. ومن الواضح أن شيئاً ما قد تغيّر في المشهد السياسي الأميركي.

وبصراحة، لا أعرفُ ما الذي أدّى إلى هذا التغيير. الكثيرون كانوا يتوقعون تغيراً كبيراً في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي انتُخب في أعقاب أزمة مالية كان ينبغي أن تُضعف الثقة في مصداقية أورثودكسية السوق الحرة. لكن على الرغم من أنه حقق الكثير، وخاصة قانون «أوباماكير»، فإنه لم يكن هناك تحول كبير في النموذج.

لكن الآن يبدو أن ذلك التغير قد أتى، وملايين الأطفال الأميركيين سيستفيدون منه.

* د. بول كروغمان أكاديمي أميركي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

الرعاية الاجتماعية، الولايات المتحدة، اليمين، الديمقراطيون، المساعدات الحكومية، قانون الإغاثة، خطة الإنقاذ،