المواجهة الإسرائيلية الروسية في الأجواء السورية

الثلاثاء 3 نوفمبر 2015 12:11 م

نشرت صحيفة المونيتور تحليلا للكاتب الإسرائيلي «بن كاسبت» يتحدث خلاله عن سيناريو التفاعل بين روسيا و(إسرائيل) بعد قرار روسيا التدخل عسكريا في سوريا:

(إسرائيل) وروسيا يتصرفان مثل أسدين على «السافانا الأفريقية». أحدهما، الأصغر سنا يسيطر على المنطقة، يسمح له بالتجول بحرية والقيام بأي شيء تقريبا دون اضطراب. فجأة يظهر «الأسد» الآخر على الساحة، أكثر نضجا، أقوى وأكثر فاعلية. يضع كلا الأسدين عينه على الآخر. لا يريد أن يتورط في شجار قد يلحق به الضرر. الأراضي كبيرة بما فيه الكفاية بالنسبة لهما على حد سواء، كما أن مصالحهما لا تتعارض بالضرورة. لذا فقد قررا أن يذهبا في سلام بارد إلى نوع من التعايش الذي ينضوي على قدر معين من التنسيق في الأراضي المشتركة. ما نراه الآن هو كيف يمكن لكل من الأسدين أن يدور كل منهما على الآخر، يختبر يقظته وحذره، يحدد الحدود ويختبر ردود الأفعال في محاولة لإعادة تحديد قواعد اللعبة.

هذه هي الطريقة التي وصف بها مسؤول دبلوماسي غربي مقيم في الشرق الأوسط اشترط عدم الكشف عن هويته ما يجري بين (إسرائيل) وروسيا بشأن الأحداث في سوريا. وفقا لتقارير أجنبية، ففي يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول قامت القوات الإسرائيلية بمهاجمة الجيش السوري وأهداف لحزب الله على الأراضي السورية، خلال الأسبوعين الماضيين، قام الروس بانتظام بضرب أهداف المتمردين في جميع أنحاء سوريا. بعض هذه الضربات تجرى في هضبة الجولان السورية، وهي ليست بعيدة عن الحدود مع (إسرائيل). واحدة من الهجمات وصلت تقريبا إلى المنطقة الحدودية، حيث وقعت في منطقة درعا التي تبتعد 6 أميال فقط عن الحدود الإسرائيلية السورية وتقوم روسيا باستخدام هذه الضربات الجوية لاختبار أعصاب (إسرائيل).

السياسة الإسرائيلية واضحة: يقوم سلاح الجو الإسرائيلي باستهداف كل طائرة أو كائن جوي يصل إلى خط التماس مع الحدود دون أن يطلب الكثير من الأسئلة. ماذا سيحدث إذا قامت طائرة مقاتلة روسية بعبور هذا الخط عن طريق الخطأ؟ لا أحد في قوات الدفاع الإسرائيلية على استعداد لإجابة هذا السؤال.

لتخفيف التوتر، يرغب الإسرائيليون في استدعاء المعارك الجوية فوق قناة السويس خلال حرب الاستنزاف بين مصر و(إسرائيل)، خلال واحدة من هذه المعارك في يوليو/تموز 1970، أسقطت القوات الجوية الإسرائيلية خمسة من طراز ميج 21-إس يقودها طيارون سوفييت. لا أحد في (إسرائيل) يريد العودة إلى تلك الأيام القديمة. ومع ذلك، فإن الوضع ليس بسيطا. وفقا لتقارير أجنبية، فقد صممت ضربات (إسرائيل) ضد الجيش السوري وأهداف حزب الله لخدمة المصالح الإسرائيلية من جهة، ولتوجيه رسالة إلى للروس، أنه حتى في وجودهم فسوف تستمر (إسرائيل) في الدفاع عن مصالحها. قبل نحو شهر، أعرب الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» عن قلقه بشأن الغارات الإسرائيلية في سوريا، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي «موشيه يعلون»: «أنصح ألا يحاول أحد ما اختبارنا»، وأشار «يعلون» إلى أن الأنشطة الإسرائيلية لا يتم تنسيقها مع روسيا وقال: «لدينا مصالح، وعندما تصبح هذه المصالح مهددة نحن اتخاذ الإجراءات اللازمة، وسوف نستمر في القيام بذلك».

ومنذ ذلك الحين، تم عقد اجتماع تداولته وسائل الإعلام على نطاق واسع يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بين نائب رئيس الأركان الروسي «نيكولاي بوجدانوفسكي»، واللواء «يائير جولان»، نائب رئيس الأركان الإسرائيلي. خلال الاجتماع، أعلن أن هناك تنسيق سوف ينشأ بين الدولتين. ما هو وما هي طبيعته وكيف يبدو؟، بقدر ما نعلم فإنه ليس هناك خط ساخن مفتوح لمدة 24 ساعة يوميا على مدار الأسبوع أو أي شيء من هذا القبيل. بدلا من ذلك هو شكل من أشكال التنسيق العام، السطحي وغير المنتظم. عندما ضرب الروس بالقرب من الحدود الإسرائيلية، تلقت إسرائيل (وفقا لمصدر عسكري) معلومات عامة حول الضربة. لا يتم منح أي قائمة من الأهداف، أي مواقع القصف، أو أسباب استهداف هذه المناطق على وجه التحديد. وعندما تقوم (إسرائيل) بالضرب بالقرب من الحدود فإنها تؤكد أنه «لا يوجد تنسيق للهجمات» وفقا لمصدر عسكري رفض الكشف عن هويته. «نحن لسنا في حاجة للحصول على تصريح للدفاع عن مصالحنا المباشرة. نحن نعيش هنا، وهذه هي حدودنا وخطوطنا الحمراء واضحة وليس لدينا أي نية لتغييرها».

تنسيق أدبي

في الاتصالات بين (إسرائيلوروسيا، ركز الجانبان على إيجاد صيغة لتقليل احتمالات حدوث أي احتكاك. وكان القصد هو الوصول إلى أقصى إدراك ممكن لمصالح كل منهما مع الحد الأدنى من التنسيق. بعبارة أخرى، نحن نتحدث عن تنسيق أدبي ليس تفصيلي وليس فوري وليس تشغيلي أيضا. لا يوجد تقسيم للمعالم على الخريطة، لا يتم رفع الهاتف للإخبار بكل هجوم. «السماء كبيرة وهناك مساحة كافية للجميع»، وفقا لمسؤول عسكري إسرائيلي تحدث للمونيتور شرط عدم الكشف عن هويته. ومع ذلك، فإن كلا الجانبين يدركان أن تضارب المصالح موجود بين القوات الجوية كل من (إسرائيل) وروسيا. هناك أيضا حقول ألغام مزروعة بين الجانبين.

السؤال الكبير الذي طرح في القدس هو إلى أي مدى سيكون «بوتين» على استعداد للاستثمار في سوريا. هل سيتم ابتلاعه في الفراغ السوري الواسع أم أنه سيقوم بتحجيم نفسه فيما يحدث الآن؟ وقال مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى جدا بشرط عدم الكشف عن هويته لصحيفة المونيتور قبل بضعة أسابيع، «هناك احتمال أن سوريا سوف تتحول إلى فيتنام روسيا»، وتوقف للتفكير لمدة دقيقة ثم أضاف «في الواقع، نحن لا نحتاج أصلا إلى مثال فيتنام. كان لدى روسيا أفغانستان الخاصة بها هم يعرفون جيدا حقيقة الإسلام المتطرف».

مصالح «بوتين» تتناقض مع معظم ما تريده أجهزة وزارة الدفاع الإسرائيلية، في هذه اللحظة، لا تزال (إسرائيل) ترى الشيعة محورا شيطانيا يمتد من طهران إلى دمشق إلى بيروت وترى أنه يمثل التهديد الرئيسي لـ(إسرائيل) وللمنطقة بأسرها. لذلك، فإن جهود «بوتين» لإمالة التوازن في المعركة السورية مع الإيرانيين تأتي على حساب احتياجات (إسرائيل) الأمنية. من ناحية أخرى، لا أحد في (إسرائيل) يبدو ثائرا بعد إلى الآن. عانت قوات الحرس الثوري الإيراني عدة هزائم قاسية على يد «الدولة الإسلامية» في الأسبوعين الأخيرين، تنظر (إسرائيل) إلى احتمالية تورط الروس في وضع مشابه سيتسبب في موازنة ساحة المعركة وتجميد المأزق الدموي. وهذا من شأنه أن ينظر إليه من قبل (إسرائيل) باعتباره تطورا إيجابيا.

بطريقة ما أو بأخرى، فإن الأسدين اللذين يدوران حول بعضهما البعض في حقول «السافنا» الأفريقية لا يزالان في محاولة لضبط قواعد اللعبة في الجو. لا تستبعد (إسرائيل) إمكانية أن الروس سوف يعلنون منطقة حظر جوي في معظم السماء السورية. وينفذونها من خلال نصب بطاريات مضادة للطائرات بصواريخ إس-300 في البحر قبالة الساحل السوري، هذا النوع من التطور يمكن أن يحدث حتى من دون إعلان رسمي. سلاح الجو الإسرائيلي يدرك ببساطة أن بعض المناطق تمت تغطيتها بالفعل عبر إس-300. هل سيدخل الجانبان في تحدي لبعضهما البعض؟ في مثل هذه الحالة، سيتم إعادة تعريف قواعد اللعبة، روسيا يمكن أن تعتبر نفسها قوة عظمى وتتعامل مع (إسرائيل) باعتبارها القوة الأكثر ضعفا وتحاول أن تريها من هو الآمر الناهي ما يهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة الدموية.

في هذه المرحلة هناك احتمالات منخفضة لمثل هذا السيناريو. اعتبارا من مساء يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني فإن أولوية «بوتين» الأولى تنصرف إلى فك لغز طائرة مدنية روسية تحطمت في سيناء. يأمل الجميع ألا تظهر التحقيقات أن سقوط الطائرة كانت ناتجا عن هجوم لـ«تنظيم الدولة». الجميع باستثناء «تنظيم الدولة» نفسه.

  كلمات مفتاحية

روسيا (إسرائيل) سوريا التدخل العسكري الروسي بوتين نتنياهو الأسد

«هآرتس»: طائرة إسرائيلية شاركت في تحديد موقع الطائرة الروسية المنكوبة في سيناء

دراسة: تناقض الأهداف بين روسيا وإيران في سوريا يمنح (إسرائيل) نفوذا سياسيا

تبادل معلومات «رادارية» بين روسيا و(إسرائيل) والأردن حول الأجواء السورية

”خط ساخن“ لتنسيق روسي إسرائيلي .. وتل أبيب ترى مصلحة في انتصار «الأسد»

«نتنياهو»: محادثات موسكو لمنع المواجهة بين قوات روسيا و(إسرائيل) بالمنطقة