استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

متى ستصحو الضمائر وتستيقظ العقول؟

الخميس 15 يوليو 2021 09:33 ص

متى ستصحو الضمائر وتستيقظ العقول؟

لماذا يعيش مجلس التعاون الخليجي حاليا أوضاع المرض والتفكك والضياع؟

هل تدرك بعض قيادات دول المجلس أنها تتصرف كأن المجتمعات وساكنيها أملاكا خاصة تفعل بمصائرها ما تشاء بلا رقابة ولا محاسبة ولا إشراكها في القرار؟

صعود مذهل لأنانية سياسية مؤقتة مصلحية مفرطة وتجنيد مكونات محلية وأفراد للدخول بمماحكات كلامية تشمئز منها النفوس وتثير الأحقاد والانقسامات!

لماذا لا تُدعى مؤسسات المجلس الوزارية أو التخصصية أو القمة لمناقشة الإشكالات وإطفاء حرائقها وإبعادها عن أن تصبح أسلحة ومؤامرات بيد الدخلاء والاستعمار؟

*     *     *

لنكن صادقين مع أنفسنا، مهما كان ذلك مؤلما ومفجعا، ولنعترف بأن مجلس التعاون الخليجي يعيش حاليا أوضاع المرض والتفكك والضياع. الأسباب واضحة:

- صعود مذهل للأنانية السياسية المؤقتة المصلحية المفرطة،

- تجنيد بعض المكونات المحلية، وبعض الأفراد، للدخول في مماحكات كلامية تشمئز منها النفوس، ومثيرة للأحقاد والانقسامات، من أجل ترجيح كفة هذه الجهة، أو تلك،

- عدم دعوة مؤسسات مجلس التعاون الوزارية أو التخصصية أو حتى القمة، إن كان الخلاف كبيرا وخطيرا من أجل مناقشة الإشكالات ومحاولة إطفاء حرائقها، وإبعادها عن أن تصبح أسلحة ومؤامرات في يد من لا يريدون الخير لدول المجلس من الأغراب وقوى الاستعمار.

- وأخيرا الإصرار عبر عمر المجلس على عدم وجود جهة قانونية قضائية مشتركة ضمن مؤسسات المجلس، من أجل إصدار الأحكام العادلة الأخوية في ما بين أنظمة الحكم في الدول المتخاصمة.

والنتيجة هي ما نرى أمامنا من تهميش لسلطات المجلس المشتركة، وتلاسن مبتذل عبر وسائل الإعلام الرسمية وشبكات التواصل الاجتماعية، حيث ينشط الانتهازيون وفاقدو الأحاسيس الوطنية والقومية، وبائعو الضمائر لكل من يدفع أكثر، وتباعد بين العائلات والأصدقاء وأصحاب المصالح المشتركة من مواطني دول المجلس.

والفاجعة الكبرى المترتبة عن كل ذلك هي، الموت البطيء لحلم كبير بناه الآباء والأجداد منذ أكثر من أربعين سنة، حلم الوحدة الخليجية العربية، لتكون مثالا أوليا يحتذى من أجل بناء الوحدة الأكبر: وحدة أمة العرب ووطن العرب الكبير، ثم جاء من بعدهم خلف أضاعوا البوصلة وقلبوا ذلك الحلم إلى كابوس.

فإذا اضيف إلى المصائب الجديدة تلك، إخفاقات الماضي الكثيرة، مثل فشل تحقيق وحدة اقتصادية متكاملة تصب في مصلحة الجميع، أو الانتقال إلى عملة خليجية واحدة، أو بناء قوة عسكرية موحدة، كما اقترحت منذ عدة سنوات عمان، أو المباشرة في بحث إمكانية قيام نوع أولي من وحدة خليجية سياسية، كما اقترحت منذ مدة السعودية، أو إقحام البعض للموضوع العربي الفلسطيني، من دون مناقشته في مؤسسات مجلس التعاون أو مجلس الجامعة العربية، وبالتالي إضافة موضوع مختلف من حوله وبالغ الحساسية عند شعوب الأمة وشعوب الخليج…

إذا أضيف كل ذلك أدركنا حجم الاستهتار بوجود ومصير هذا المجلس، وفداحة عدم المبالاة بثوابت شعوب أقطار مجلس التعاون القومية العروبية والوطنية والإسلامية.

من حقنا هنا أن نسأل بصدق ومحبة وحسرة: هل إن بعض قيادات دول المجلس تدرك أنها تتصرف وكأن المجتمعات وساكنيها هي من أملاكها الخاصة، التي تستطيع أن تفعل بمصائرها وأحلامها وحقوقها ما تشاء، بلا رقابة ولا محاسبة ولا إشراكها في اتخاذ القرار؟

لقد عبرت مجتمعات المجلس مرارا وتكرارا، بألف طريقة وطريقة، برجاء أحيانا وبغضب أحيانا أُخر، عن عدم رضاها عن المسارات الخاطئة التي قيد المجلس للسير فيها من قبل البعض، لكن أكثر القيادات أصبحت لا تنصت ولا تتعاطف، بل إنها تبطش بكل من يخالفها الرأي أو ينتقدها.

وبالطبع، وكالعادة، فإن بعض العرب لا يتعلم من التاريخ. لم نتعلم من رؤية هشاشة وسقم الاتحاد المغاربي بسبب الخلاف حول الصحراء المغربية، لقد ضحّت دول ذلك الاتحاد بالأمان الاقتصادي والأمني والسياسي المشترك، الذي كانت الوحدة المغاربية ستأتي به، بسبب ذلك الخلاف المؤقت الهامشي العبثي..

وها نحن نرتكب الحماقات المماثلة ليصبح مجلس التعاون الخليجي مماثلا لمصير الاتحاد المغاربي المفجع المبكي.

لنلاحظ بانتباه شديد: لقد جمدت الجامعة العربية، وأصبحت منظمة التعاون الإسلامي اسما دون فعل، ووصل الاتحاد المغاربي إلى مرحلة الوهن، وها أن مجلس التعاون الخليجي ينتقل من محنة إلى أخرى، ألا يشير ذلك إلى مخطط شيطاني كبير؟

والسؤال متى ستصحو الضمائر وتستيقظ العقول في بلاد العرب؟

* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الدول المتخاصمة، التفكك، الضياع، مجلس التعاون الخليجي، الأنانية السياسية، العرب، الوحدة الخليجية،