بايدن والكاظمي: من يعيد عقارب الساعة إلى الوراء؟

الأربعاء 28 يوليو 2021 08:52 ص

بايدن والكاظمي: من يعيد عقارب الساعة إلى الوراء؟

عقارب الساعة يمكن أن تعود إلى الوراء لكن هيهات أن تعيد رسم مشهد معقد متشابك وكأن شيئاً لم يكن.

في أفغانستان تواصل طالبان السيطرة على مساحات واسعة من البلاد وفي العراق تكاثرت المنظمات الإرهابية أضعاف ما كانت عليه ساعة الغزو الأمريكي.

قرار بايدن سحب معظم قواته بالعراق وتحويل الباقى لمهام تدريبية واستخباراتية ينطلق من استراتيجية تقوم على إغلاق ملفات ما بعد 11 سبتمبر 2001.

قرار انسحاب أمريكا الوشيك لا يحقق رغبة الكاظمي في استثماره سياسيا داخليا وإقليميا ولن يلقى قبول إيران قبل توصل مفاوضات فيينا لاتفاق حول برنامجها النووي.

الانسحاب العسكري من أفغانستان والعراق لا يُرى خارج سياسة تجاوزت 18 سنة بعنوان «محاربة الإرهاب» هي الأعلى كلفة بشريا وسياسيا وماديا وتنتهي بحصاد هزيل ونتائج مناقضة.

*     *     *

اختتم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي محادثات في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي جو بايدن أسفرت عن بيان مشترك يشير إلى أن القوات الأمريكية المنتشرة اليوم في العراق لن يكون لها دور قتالي ابتداء من نهاية العام الحالي، وستواصل في المقابل مهام تدريب وحدات الجيش النظامي العراقي في سياق مكافحة «الإرهاب».

وأكد البيان على أن القوات الأمريكية موجودة في العراق بناء على دعوة الحكومة العراقية، التي تلتزم بحمايتها أسوة بأفراد التحالف الدولي المتواجدين على الأرض العراقية.

وكانت زيارة الكاظمي إلى واشنطن قد توجت الجولة الرابعة من «الحوار الاستراتيجي العراقي الأمريكي» حيث أطلق كل من وزير الخارجية العراقي ونظيره الأمريكي تصريحات مستبشرة تؤكد الحاجة إلى توطيد التعاون وتبادل المعلومات والخبرات التدريبية بين واشنطن وبغداد.

وذهب الوزير الأمريكي إلى درجة التصريح بأن الشراكة بين البلدين أعمق من أن تقتصر على خوضهما حرباً مشتركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

وليس خافياً أن قرار بايدن سحب معظم القوات الأمريكية الموجودة اليوم في العراق، البالغة 2500 جندي، وتحويل ما يتبقى منهم إلى مهام تدريبية واستخباراتية ولوجستية، إنما ينطلق من مقاربة استراتيجية أعرض استقر عليها الرئيس الأمريكي وتقوم على الإغلاق التدريجي لملفات ما بعد 11 سبتمبر 2001، وعلى رأسها الانسحاب من أفغانستان والعراق وترحيل سجناء معتقل غوانتانامو تمهيداً لإغلاقه.

ورغم أن بايدن كان من أشد المدافعين عن الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، إلا أنه راجع موقفه هذا في سنة 2005 واعتبر أن تصويته لصالح الحرب كان خطأ، كما وعد أنه لن يكون الرئيس الأمريكي الخامس الذي سيواصل السياسة ذاتها.

غير أن الانسحاب العسكري من أفغانستان، على غرار الانسحاب المقبل من العراق، لا يصح أن يُرى خارج سياسة دامت أكثر من 18 سنة تحت عنوان غامض هو «محاربة الإرهاب» وكانت الأعلى كلفة بشرياً وسياسياً ومادياً، وتنتهي اليوم إلى حصاد هزيل أو إلى نتائج مناقضة تماماً.

ففي أفغانستان تواصل قوات طالبان السيطرة على مساحات واسعة من البلد، وفي العراق تكاثرت المنظمات الإرهابية أضعاف ما كانت عليه ساعة الغزو الأمريكي.

وليس مستغرباً عدم لجوء رجال الإدارة الأمريكية الجديدة إلى استعادة شعار «تمّت المهمة» الذي رفعه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن منذ أيار/ مايو 2003.

وأما من الجانب العراقي فإن قرار الانسحاب الأمريكي الوشيك لا يبدو قريباً من تحقيق بعض مطامح الكاظمي في استثماره سياسياً على أكثر من جبهة واحدة، داخلياً وإقليمياً، إذ أنه لن يلقى قبولاً إيرانياً قبل توصل مفاوضات فيينا إلى اتفاق مريح حول برنامج طهران النووي.

وقد جاءت الإشارة الأبكر، بصدد تعكير صفو محادثات الكاظمي في واشنطن، من جهة تسمي نفسها «الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية» وتضمّ عدداً من أبرز الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، والتي أصدرت بياناً يرفض وجود أي جندي أمريكي على أرض العراق حتى لأغراض التدريب.

عقارب الساعة يمكن أن تعود إلى الوراء، ولكن هيهات أن تعيد رسم مشهد معقد متشابك وكأن شيئاً لم يكن.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق، الكاظمي، أمريكا، بايدن، الانسحاب الأمريكي، أفغانستان، الإرهاب، طالبان، إيران، 11 سبتمبر 2001،

العراق يؤكد انسحاب أول قوة من التحالف الدولي إلى الكويت