استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كيف جعلت إسرائيل من «برنامج الشيطان» بيغاسوس جسرا دبلوماسيا مع العالم العربي؟!

الأحد 1 أغسطس 2021 07:59 م

كيف جعلت إسرائيل من «برنامج الشيطان» بيغاسوس جسرا دبلوماسيا مع العالم العربي؟!

تدرك إسرائيل مدى حاجة الدول لتعزيز أمنها السيبراني لهذا حولت هذه البرامج إلى أداة دبلوماسية فعالة لنسج علاقات جديدة مع بمختلف الدول.

شراء دول عربية لبرنامج بيغاسوس يكشف أمنها القومي لإسرائيل وعدم اكتراثها وراء إشراكها إسرائيل في تدبير الأمن القومي وتستعين بخبراء إسرائيليين!

تتفادى الدول المتقدمة شراء برامج إسرائيل للتجسس الرقمي لعلمها المسبق بتحكم إسرائيل بهذه البرامج وبالتالي تعرف بالضبط المستهدفين من طرف العملاء.

تسببت فضيحة بيغاسوس في ارتفاع أصوات تطالب بإصدار قوانين دولية تحد من هذه البرامج وكانت البداية من الأمم المتحدة ثم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

تتوفر إسرائيل على 700 شركة تعمل بمجال التجسس الرقمي يقف وراءها ضباط سابقون من وحدة التجسس الإلكتروني بالجيش الإسرائيلي سيما وحدة 8200.

برنامج بيغاسوس ليس إلا قمة جبل الجليد القابع تحت مياه البحر. «شركة NSO لا يمكنها بيع عود ثقاب بدون ترخيص من حكومة إسرائيل فكيف ببرنامج بيغاسوس؟»

*     *     *

هيمنت فضيحة التجسس بواسطة برنامج بيغاسوس على العلاقات الدولية لأنها جاءت لتبرز المخاطر التي تستهدف الحياة الخاصة وكيفية توظيفها ضد الأشخاص وخاصة الإعلاميين والحقوقيين والسياسيين.

وبرزت إسرائيل كفاعل رئيسي بتصنيعها هذا البرنامج وعشرات أخرى وتحويلها إلى جسر دبلوماسي وأساسا مع العالم العربي الذي استقبلت بعض دوله هذا البرنامج الذي أصبح يعرف بـ «برنامج الشيطان».

وجاءت هذه الفضيحة عبر مراحل، حيث بدأ الحديث عن استعمال هذا البرنامج سنة 2016 في المكسيك، ثم سنة 2019 عندما أبلغت مؤسسة واتساب 1400 من ضحايا بيغاسوس بتجسس جهات على هواتفهم.

وكانت المرحلة الأخيرة والخطيرة هي خلال منتصف تموز/ يوليو الماضي، عندما فضحت أمنستي أنترناشنال وجمعية فوربيدن ستوريز بتعاون مع 17 مؤسسة إعلامية كبيرة مثل لوموند وواشنطن بوست والغارديان كيفية تجسس دول عديدة من بينها الإمارات والسعودية والبحرين والمغرب على دول أخرى وإعلاميين.

وتوجد إسرائيل في موقف حرج للغاية، فهي تعتبر متورطة في هذه الفضيحة رغم إنتاج شركة خاصة لبرنامج بيغاسوس، ويقول غابي سيبوني وهو إسرائيلي منتج سابق لمثل هذه البرامج في هذا الصدد «شركة NSO لا يمكنها بيع عود ثقاب بدون ترخيص من حكومة إسرائيل فكيف ببرنامج مثل بيغاسوس؟».

وهذا ما يفسر كيف تعمل إسرائيل على محاولة احتواء الأزمة مع فرنسا التي تعد ضحية برنامج بيغاسوس، حيث انتقل وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى باريس الأربعاء الماضي لتقديم توضيحات للحكومة الفرنسية.

وعلاوة على الضجة المرافقة للبرنامج بحكم تسببه في توتر في العلاقات الدولية بين بعض الدول وداخل الدولة نفسها، تأتي فضيحة بيغاسوس لتطرح تحديات حقيقية على العالم بشأن مخاطر الحرب السيبرانية على الحياة الخاصة للناس وتأثيرها في العلاقات الدولية. وأبرز ما ترتب عن هذه الفضيحة هو:

في المقام الأول، برنامج بيغاسوس ما هو إلا ذلك الجزء الظاهر من جبل الجليد الضخم القابع تحت مياه البحر. إذ تتوفر إسرائيل على ما يقارب 700 شركة تعمل في مجال التجسس الرقمي، يقف وراءها عدد من الضباط السابقين في وحدة التجسس الإلكتروني في الجيش الإسرائيلي ولاسيما وحدة 8200 الشهيرة.

وأبرزها هي شركة NSO التي تصنع بيغاسوس ثم شركة كانديرو وشركة سيركلز. وأصبحت تدر أرباحا كبيرة وتصنف ضمن صادرات الأسلحة لأن برنامجا مثل بيغاسوس يعتبر سلاحا.

في المقام الثاني، وارتباطا بما سبق، تدرك إسرائيل مدى حاجة الدول إلى تعزيز أمنها السيبراني، ولهذا حولت هذه البرامج إلى أداة دبلوماسية فعالة لنسج علاقات جديدة مع مختلف الدول بعد النكسات التي تعرضت لها بسبب الجرائم التي ارتكبتها في حق الفلسطينيين ووجدت الترحيب من طرف بعض الدول العربية.

في المقام الثالث، تتفادى كل الدول المتقدمة ومنها الغرب والصين وروسيا شراء برامج إسرائيل للتجسس الرقمي لعلمها المسبق بتحكم إسرائيل في هذه البرامج، وبالتالي تعرف بالضبط الأهداف المستهدفة من طرف العملاء.

وهذا أمر خطير، إذ أن شراء الدول العربية للبرنامج يجعل إسرائيل تعرف أجندتها للأمن القومي بمنهى الدقة. ويبدو عدم اهتمام بعض الدول العربية التي وقعت اتفاقيات مع إسرائيل بهذا الجانب بحكم إشراكها الإسرائيليين في تدبير الأمن القومي مثل حالة بعض دول الخليج التي تستعين بخبراء إسرائيليين في ملاحقة المعارضة وفي حرب اليمن.

في المقام الرابع، تسببت فضيحة بيغاسوس في ارتفاع أصوات تطالب بضرورة إصدار قوانين دولية تحد من هذه البرامج، وكانت البداية مع الأمم المتحدة ثم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وستكون العملية صعبة للغاية نظرا للسرية التامة التي تتعامل بها الدول المتقدمة، فهي تعتبر هذه البرامج ضرورية لأمنها القومي من جهة، وبسبب التستر عليها من جهة أخرى.

وعمليا، تظهر أخبار بين الحين والآخر حول أسلحة مثل الصواريخ والطائرات لكن نادرا ما تظهر أخبار حول برامج التجسس باستثناء عندما يقوم عميل سابق بالكشف عنها مثلما حدث مع إدوارد سنودن، موظف وكالة الأمن القومي الأمريكية الذي فضح برامج مثل بريزم للتجسس على العالم.

يقول المحامي رونالد ديبر بصعوبة إيجاد اتفاق بحكم «الغموض والصمت» الذي يميز هذه الصناعة لاسيما في دول مثل الصين وروسيا وليس فقط إسرائيل والغرب.

في غضون ذلك، استقال 43 من خبراء الأمن السيبراني المنتمين إلى وحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي سنة 2014 لأنهم لم يعودوا يوافقون على مراقبة لصيقة لملايين الفلسطينيين، وها هي إسرائيل تنقل المراقبة من فلسطين إلى العالم، ووجدت في أنظمة دكتاتورية ومنها في العالم العربي الترحيب والتشجيع والمال لشراء برامج «الشيطان».

* د. حسين مجدوبي كاتب صحفي مغربي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل، برنامج الشيطان، بيغاسوس، جسر دبلوماسي، الأمن السيبراني، التجسس الرقمي، ضباط سابقون، التجسس الإلكتروني، الجيش الإسرائيلي، وحدة 8200،