أتوق إلى
أتوق إلى سؤال علماء الدين عن مسألة شرعية فلا يقول لي قال فلان وفلان بل يقول إنه باستقراء القرآن الكريم يكون رأي الشارع الحكيم كذا!
أتوف إلى من يقرأ القرآن بلا تلحين ولا إسراع ولا تطريب يقرأه بسياقه ويقف عند وقفاته يقرأه بقلبه قبل لسانه ويخرجه من روحه قبل صوته!
متى يأتي يوم يتفكر فيه كل مسؤول كيف يقوم بأمانة المسؤولية بما يرضي الله دون أن ينتظر أمرا ممن هو فوقه فينفذه دون تفكير أو مناقشة؟!
التجديد أو التقدم من خلال نقل النظم الغربية فيه ظلم كبير لأساتذة الجامعات وظلم للطلاب وظلم لحضارة أمتنا العريقة وظلم لشريعة الله الذي أمر بالتفقه والاجتهاد.
متى يتعلم مدرس اللغة العربية فقه اللغة من القرآن لا من كتب النحاة فالنظر في لغة القرآن بتبصر ووعي بتشكيله ووقفاته بسياقه وآياته يكفي لإجادة اللغة بلا تقعر.
* * *
أتوق إلى أن أسأل أحد علماء الدين عن مسألة في الشريعة فلا يقول لي قال أبو حنيفة أو الشافعي أو ابن حنبل أو مالك أو جاء في البخاري أو ابن حزم، بل يقول لي إنه باستقراء القرآن الكريم يكون رأي الشارع الحكيم هو كذا!
أتوق إلي يوم يتفكر فيه كل مسؤول كيف يقوم بأمانة المسئولية بما يرضي الله دون أن ينتظر أمرا ممن هو فوقه فينفذه دون تفكير!
أتوق إلى مشرع للقوانين لايعمل هواه أو يوضي رئيسه بتسييس القوانين لمصلحة أنانية، بل يعيد النظر بما يعملون به من قوانين بالية مخترقة من خلال حكم الله وليس القوانين التي وضعها العرب الايبوالي الإلحادي!
أتوق إلى أستاذ الجامعة الذي لا يكون موظفا حكوميا يتلقى الأوامر من موظف فينفذها دون مناقشة علمية، وأن تبدأ الأفكار واللوائح من مجالس الأقسام وليس من وزير أو رئيس وزراء أو المجلس الأعلى للجامعات نقلا عن أفكار غربية ولوائح غربية وضعت من أجل غربيين لهم فكرهم وظروفهم وطبيعة حياتهم وإمكاناتهم.
فالتجديد أو التقدم من خلال نقل النظم الغربية فيه ظلم كبير لأساتذة الجامعات وظلم للطلاب وظلم لحضارة أمتنا العريقة وظلم لشريعة الله الذي أمر بالتفقه والاجتهاد والاتعاظ وعدم النقل حتى من الآباء والأجداد، بل دراسة ما يتأتى منهم بميزان الحق والعدل والاستقامة!
أتوق لمدرس اللغة العربية الذي يتعلم فقه اللغة من القرآن وليس من كتاب سيبويه وألفية ابن مال وشروحها، فالنظر إلى لغة القرآن بتبصر ووعي بتشكيله ووقفاته بسياق آياته يكفي لإجادة اللغة العربية.
فلا حاجة للتقعر أو الأخذ بنظريات الأجانب في دراسة اللغة العربية، أو الاستشهاد بلغة عرب الجاهلية فقد صحح القرآن اعوجاجها وانحرافها ووحد لونها وأبان استقامتها وجعلها لسانا عربيا مبينا كلامه مفصل بلا تأويل وآياته بينات بلا غطرسة وفكره مستقيم بلا اعوجاج!
أتوف إلى شيخ يقرأ القرآن بلا تلحين ولا إسراع يقرأه بسياقه ويقف في وقفاته يقرأه بقلبه قبل لسانه ويخرجه من روحه قبل صوته!
أتوق إلى عامل يصلي الفجر ثم يقوم إلى عمله متوكلا على الله موقنا أن الفتح والرزق من الله متقنا لعمله متقيا لله في صنعته راضيا بما قسم الله له من رزق فيزيده ببركته لا يقدر ثمنا لعمله بغير حقه وليس من خلال رؤيته لطالب العمل!
أتوق لتاجر يصلي الفجر ويسرع إلى محل تجارته متوكلا على الله يطلب رزقا حلالا لا غش ولا خداع ولا احتكار!
أتوق إلى مسؤول يضع أوامر الله معيارا لأوامره وهدى الله هاديا لسياسته ونور الله نبراسا لطريقه غير مبرر أو مسيس لأعمال لايرضاها الله أو خارجة على شرع الله أو الخير والصواب والحقو بل يؤمن بقدرة الله على توفيقه وحمايته وبجمود الله التي لا يراها!
* د. محمد السعيد عبد المؤمن استاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس
