استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رسائل روسية إلى «طالبان»

الخميس 19 أغسطس 2021 12:36 م

رسائل روسية إلى «طالبان»

يتعاظم القلق بشأن التأثيرات المباشرة وغير المباشرة من تطور الأوضاع الأفغانية على دول حلفاء روسيا الآسيويين.

كان مجرّد تقدّم طالبان وتوغّلها في العمق الأفغاني حتى قبل الوصول إلى العاصمة كابول يقلق روسيا لاعتبارات كثيرة.

نجاح «طالبان» قد ينعش التيارات الإسلامية (المتطرفة) لدى جيران روسيا وهناك حدود مشتركة لأفغانستان مع طاجيكستان حليفة روسيا.

استمر التدخّل السوفياتي بأفغانستان عقدا كاملا وقاد لفشل ذريع واضطرّت موسكو بعهد غورباتشوف للانسحاب مهزومة كالاحتلال الأمريكي الذي استمر 20 عاما.

*     *     *

بعد أن سيطرت «طالبان» على مدينة قندهار ثاني أكبرالمدن الأفغانية ، توجّهت إلى كابول التي استولت عليها بسهولة كبيرة حيث غادرها الرئيس أشرف غني الذي انتخب لرئاسة البلاد مرّتين خلفاً لحامد كرزاي ، وقال أنّ مغادرته حقن للدماء.

وكانت «طالبان»  خلال الأشهر الأربعة الماضية وتزامناً مع إعلان انسحاب القوات الأمريكية تزحف بسرعة كبيرة على مواقع الحكومة الأفغانية، وعشيّة دخولها إلى كابول كانت قد استولت على زرنغ عاصمة ولاية نيمروز ومحافظة قندوز التي يربطها جسرٌ للصداقة بطاجيكستان المجاورة (على بعد 65 كلم).

وكان مجرّد تقدّم طالبان وتوغّلها في العمق الأفغاني حتى قبل الوصول إلى العاصمة كابول  يقلق روسيا لاعتبارات كثيرة، فالتدخّل السوفياتي في أفغانستان والذي استمر نحو عقد كامل (1979-1989) قاد إلى فشل ذريع واضطرّت موسكو في عهد غورباتشوف، أن تنسحب مهزومة مثلما هو الاحتلال الأمريكي الذي استمر لعقدين من الزمن (2001 - 2021).

يضاف إلى ذلك أن نجاح «طالبان» قد ينعكس على إنعاش التيارات الإسلامية (المتطرفة) لدى جيران روسيا خصوصاً، وتربطها حدود مشتركة مع طاجيكستان المتاخمة لها وهي من الجمهوريات السوفييتية السابقة والتي لا تزال تربطها علاقة وطيدة مع موسكو.

لهذه الأسباب زار وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، طاجيكستان، وأعقب زيارته مناورات مشتركة على مقربة من الحدود الأفغانية، كما استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إمام علي رحمن رئيس طاجيكستان.

وقبله صدير جباروف رئيس قيرغيزستان الذي عبّر عن اهتمام قيرغيزستان بالتعاون مع روسيا لضمان الأمن الإقليمي، في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظومة كومنولث البلدان السوفييتية السابقة، ومنظمة شنغهاي للتعاون. وأبدت موسكو استعدادها لدعم قيرغيزستان لتجاوز العقبات الإنسانية للنزاع الحدودي بينها وبين طاجيكستان.

وشملت الاتصالات الروسية، أوزبكستان؛ حيث زار رئيس أركان قواتها المسلحة، شهرت هالمحدوف موسكو وأجرى مباحثات مع فاليري جيراسيموف، وجرى الحديث عن خطط مشتركة مع أوزبكستان وطاجيكستان بهدف الرد على تزايد حدة التوتر في المنطقة والتحذير من تردي الأوضاع الأمنية في أفغانستان لضمان أمن دول آسيا الوسطى.

وتأتي هذه التحركات عشية وبُعيد الإعلان عن انسحاب قوات «الناتو» والولايات المتحدة من أفغانستان وسيطرة «طالبان» على الأراضي الأفغانية. ومن المحتمل إجراء مناورات مشتركة في الخريف المقبل بمشاركة مجموعة شنغهاي التي تضم الصين إلى جانب روسيا وبلدان آسيا الوسطى؛ حيث يتعاظم القلق بشأن التأثيرات المباشرة وغير المباشرة من تطور الأوضاع الأفغانية على دول حلفاء روسيا الآسيويين.

وأعلنت روسيا صراحة في صحافتها أن هدفها هو «حماية الحلفاء من التهديدات العسكرية من جهة الجنوب» (أفغانستان) وهزيمة التجمعات المسلحة غير الشرعية. وكانت «طالبان» قد تقدمت باتجاه حدود طاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان خلال شهر يونيو/حزيران المنصرم؛ حيث اضطرّت القوات الرسمية الأفغانية إلى الفرار بحثاً عن الآمان فيما وراء حدود هذه الجمهوريات، واضطرّت هذه الجمهوريات إلى إغلاق حدودها مع أفغانستان.

وكانت روسيا قد أكدت أنها سترد على محاولة غزو أراضي طاجيكستان بالتعاون مع قواتها في قاعدتها العسكرية رقم 201 الموجودة في المنطقة منذ الحقبة السوفياتية والمستمرة إلى الآن. (تموز/يوليو الماضي). وكان الرئيس الروسي خلال مقابلته لإمام علي رحمن (مايو/أيار المنصرم)، قد أكد مساعدة حكومات الجمهوريات الوسطى في حماية أمنها من التهديدات الخارجية والداخلية.

والتعبير الأخير تحذير مما سمّي بالثورات الملونة التي استهدفت عدداً من البلدان ومنها قيرغيزستان التي عاشت إرهاصات ما سمي «ثورة السوسن» عام 2005، علماً بأن موسكو تملك قاعدتين عسكريتين في طاجيكستان وقيرغيزستان، ويمكن استخدامهما ضد أي عدوان محتمل من جانب «طالبان»، والأمر لا يتعلق بالحلفاء فقط؛ بل يشمل أمن ومصالح روسيا، وخشيتها من امتدادات المتطرفين.

وترسل روسيا إلى المناورات في طاجيكستان أربع قاذفات بعيدة المدى فوق الصوتية إلى حدود أفغانستان، وهدفها كما تقول التدريب على شن غارات على معسكرات خفية ومستودعات ذخيرة لمقاتلين مفترضين، ولعل مثل هذا الإعلان هو رسالة روسية صريحة وواضحة إلى «طالبان»، وذلك بإعلانها عن إسناد قاذفاتها لطائرات ميغ-29 يقودها ضباط تابعون لسلاح الجو الأوزبكي.

الجدير بالذكر أنه تم تشكيل قوات الانتشار السريع الجماعية التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بتعداد 18 ألف جندي، وكل ذلك يجري في إطار قلق الكرملين إزاء التطورات الأخيرة في أفغانستان؛ حيث تراقب روسيا عن كثب كل ما يجري، كما تواصل اتصالاتها النشطة مع زعماء دول آسيا الوسطى.

بالإضافة إلى بكين التي تشغلها هي الأخرى سيطرة «طالبان» على أفغانستان وتصاعد نفوذ القوى (المتعصّبة) و(المتطرفة)، فهي تخشى مثل روسيا امتداد ذلك إليها، خصوصاً أن ثمّة انتقادات توجّه إليها بخصوص تعاملها مع المسلمين الصينيين.

* د. عبد الحسين شعبان أكاديمي ومفكر عراقي نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان (أونور) في بيروت.

المصدر | الخليج

  كلمات مفتاحية

روسيا، أفغانستان، طالبان، طاجيكستان، قيرغيزستان، الأمن الإقليمي، معاهدة الأمن الجماعي، منظمة شنغهاي للتعاون، الصين،

روسيا: لن نتعجل في رفع حركة طالبان من قائمة الإرهاب