العاهل الأردني في موسكو: ثمار دبلوماسية ناجحة

الثلاثاء 24 أغسطس 2021 10:37 ص

العاهل الأردني في موسكو: ثمار دبلوماسية ناجحة

بعض جوهر التأزم في حوران نابعا من رغبة إيران في بسط نفوذها على المنطقة عبر الميليشيات الموالية لها أساسا.

من المفيد استذكار أن العاهل الأردني كان منذ العام 2004 أول المحذرين من «هلال شيعي» يمكن أن يمتد من طهران إلى بيروت.

يكتسب التصعيد بدرعا حساسيته من ملامسته الجغرافية لحدود الأردن الشمالية و التشابك السكاني والتاريخي مع مناطق حوران عموماً.

يتوجب على الأردن أن يتباحث مع روسيا حول صيغة توافق بصدد مجريات الأمور بجنوب سوريا ومحافظة درعا التي تشهد تأزماً عسكرياً مفتوحاً.

العاهل الأردني حمل إلى إدارة بايدن مشروعاً متكاملاً حول الحل في سوريا وبالتالي فمناقشة ملف درعا مع بوتين يمكن أن تمتد لمناقشة أوسع لمبادرة الحل الأردنية.

*     *     *

خلال زيارة رسمية إلى موسكو يجري العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني محادثات متعددة الملفات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تكتسب أهميتها من سلسلة سياقات ذات طابع شرق أوسطي وإقليمي ودولي يمس مصالح البلدين معاً، كما تأتي في توقيتات ذات دلالات مستجدة تستدعي معالجات فورية وتتطلب تنسيقاً عالياً بين كل من الأردن وروسيا.

فبمعزل، أولاً، عن الحدث الأفغاني المتسارع الذي يمكن لعواقبه أن تتجاوز الحدود والقارات، يتوجب على الأردن أن يتباحث مع روسيا حول صيغة توافق بصدد مجريات الأمور في جنوب سوريا وأرجاء محافظة درعا التي تشهد تأزماً عسكرياً مفتوحاً منذ أسابيع.

ويكتسب حساسيته من ملامسته الجغرافية لحدود المملكة الهاشمية الشمالية، وكذلك من التشابك الديمغرافي والتاريخي مع مناطق حوران عموماً. ومن المعروف أن موسكو هي اليوم وسيط التفاوض بين المعارضة السورية المسلحة في درعا وقوات النظام السوري والميليشيات المقربة من إيران.

وإذا كان بعض جوهر التأزم في حوران نابعا من رغبة إيران في بسط نفوذها على المنطقة عبر الميليشيات الموالية لها أساساً، فإنّ من المفيد استذكار حقيقة أن العاهل الأردني كان منذ العام 2004 أول المحذرين من «هلال شيعي» يمكن أن يمتد من طهران إلى بيروت.

يضاف إلى هذا أن الملك يصل إلى موسكو بعد قرابة شهر من زيارة إلى واشنطن اجتمع خلالها مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، فلم تنبثق أهميتها من كونه أول زعيم عربي يستقبله سيد البيت الأبيض الجديد فحسب، بل كذلك لأن العاهل الأردني حمل إلى إدارة بايدن الجديدة مشروعاً متكاملاً حول الحل في سوريا، وبالتالي فإن مناقشة ملف درعا مع بوتين يمكن أن تمتد إلى مناقشة أوسع لمبادرة الحل الأردنية.

وليس خافياً أن المباحثات الأردنية الروسية سوف تنطلق أيضاً من واقع سياسي وعسكري وأمني يشير إلى أن عمّان هي الوسيط الوحيد والأفضل ميدانياً بين القوات الروسية والقوات الأمريكية على الأرض السورية.

وقد لعبت في الماضي ويمكن أن تلعب اليوم أيضاً دور حلقة الوصل التي لا تسهل التفاهم والتنسيق فقط، بل تسهم في تفادي أي صدام محتمل.

وفي هذا الصدد ليس خافياً على موسكو أن الدبلوماسية الأردنية نجحت في استيعاب العديد من المصاعب التي نجمت عن مشكلات المنطقة المتعددة، وأفلحت في اتخاذ سياسات وسيطة أو محايدة أو بناءة للتوفيق بين الأطراف، بدل الاضطرار إلى انحياز هنا أو اصطفاف هناك.

واضح كذلك أن تنشيط الاقتصاد والمبادلات التجارية والمشاريع الاستثمارية يظل مصلحة مشتركة بين عمّان وموسكو، خاصة وأن الأردن يتطلع إلى تمرير خطّ إمداد لبنان بالكهرباء عبر الأراضي السورية، وأن موسكو تملك أكثر من وسيلة لإقناع النظام السوري بالموافقة عليه، فضلاً عن حمايته على المدى البعيد.

وفي هذا مثال آخر على دبلوماسية إيجابية ناجحة يمكن أن تخدم مصالح الشعب الأردني، حتى إذا لاح أن بعض حيثياتها لا يتماشى بالضرورة مع تطلعات شعوب أخرى في المنطقة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الأردن، روسيا، سوريا، عبدالله الثاني، درعا، إيران، إدارة بايدن،