تحديات أمام الإمارات في السباق العالمي على الهيدروجين الأخضر

الخميس 26 أغسطس 2021 05:06 ص

في 19 مايو/أيار، افتتح رئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للطاقة في دبي "أحمد بن سعيد آل مكتوم" مشروع الهيدروجين الأخضر في "مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية"، فيما يعد المبادرة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث سيتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال استخدام الطاقة المتجددة.

ومن خلال هذه الخطوة، يتجلى بوضوح اهتمام الإمارات باكتساب دور خاص في سوق الهيدروجين العالمي والذي يتشكل بسرعة وتتزايد أهميته الاستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية بشكل كبير في عصر ما بعد النفط.

وأظهر 17 بلدا حتى الآن اهتمامهم بالهيدروجين من خلال خارطة طريق أو استراتيجيات أو رؤى أو مفاهيم، ولكن بعض الخبراء يرون أن منطقة الخليج والشرق الأوسط يمكن أن تصبح رائدة في إنتاج الهيدروجين في العالم، مع إمكانية أن تشكل صناعة الهيدروجين الأخضر نحو 200 مليار دولار بحلول عام 2050 لتوفر قرابة مليون وظيفة.

رؤية الإمارات

في حين أن الإمارات ليس لديها استراتيجية رسمية بخصوص الهيدروجين، إلا إن لديها رؤية لكيفية دخولها إلى نادي منتجي الهيدروجين، وتقوم هذه الرؤية على 3 ركائز رئيسية.

أولا، تولي "استراتيجية الإمارات للطاقة 2050" (التي نشرت للمرة الأولى في عام 2017) اهتماما خاصا بالطاقة المتجددة وتضع هدفًا طموحًا بجعل مصادر الطاقة المتجددة تمثل 44% من استهلاك الطاقة في الإمارات بحلول عام 2050. ويخلص التقرير إلى أن المشاريع والمبادرات المرتبطة بالهيدروجين يجب أن تلعب دورا حاسما في تحويل اقتصاد الإمارات المعتمد على الطاقة غير المتجددة.

وثانيا، تهدف شراكة الطاقة التي تم تشكيلها بين الإمارات وألمانيا، والتي تم تدشينها في عام 2017، إلى "تعزيز الحوار والبحث بشأن الانتقال إلى الطاقة المتجددة وتوفير إطار للتعاون بخصوص أشكال الطاقة المستدامة". وفي الآونة الأخيرة، اكتسب العمل على هذه المبادرة مسارًا هيدروجينيًا صريحًا، وهو ما انعكس بوضوح في دراسة صدرت في يناير/كانون الثاني 2021 بعنوان "دور الهيدروجين في انتقال الطاقة في الإمارات وألمانيا".

والجدير بالذكر أن هذه الشراكة حققت بالفعل نتائج عملية، حيث أبرمت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) اتفاقية مع شركة "سيمنز" للطاقة، ومن المقرر أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى بناء محطة هيدروجين في "مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية".

وثالثا، أدى التقارب الداخلي للشركات الإماراتية لظهور "تحالف أبوظبي للهيدروجين"، وهو عبارة عن كتلة تجمع شركات الإمارات الكبيرة المملوكة للدولة، مثل شركة أبوظبي الوطنية للنفط (أدنوك)، وشركة "مبادلة" للاستثمار، وشركة "ADQ" القابضة، حيث وقع كل منهم اتفاقًا يتعهد بالتركيز على مشاريع الهيدروجين الأخضر والأزرق.

ووفقا لـ"محمد حسن السويدي"، الرئيس التنفيذي لشركة "ADQ" فإن هذا التحالف "سيعمّق اقتصاد طاقة الهيدروجين في الإمارات فيما يسمح بالوفاء بالطلب العالمي المتنامي بسرعة على الهيدروجين في جميع أنحاء العالم".

المزايا التنافسية للإمارات

عندما يحلل الخبراء المزايا التنافسية لدولة الإمارات فيما يتعلق بالهيدروجين الأخضر، فإنهم يذكرون عادة 3 عناصر رئيسية.

أولا، سيكون لدى الإمارات إمكانات تصدير واسعة للهيدروجين، فوفقا لـ"استراتيجية الطاقة 2050"، ستستحوز الطاقة الشمسية على حصة الأسد من الطاقة الخضراء المستهلكة في الإمارات، مما يعني أن الهيدروجين سوف ينظر إليه في المقام الأول كسلعة تصدير.

وفي هذا الصدد، أعرب بالفعل بعض أكبر مستهلكي الطاقة في العالم، مثل كوريا الجنوبية، عن اهتمامهم بالهيدروجين الإماراتي، كما تحركت أبوظبي نحو شراكة خاصة مع اليابان، ويعمل البلدان الآن بشكل وثيق لخلق سلسلة إمداد دولية.

أما الميزة التنافسية الثانية فهي أفضلية الموقع الجغرافي لدولة الإمارات، والتي ستمكنها من خدمة طرق التجارة الشرقية والغربية.

وثالثا، تمتلك الإمارات البنية التحتية الفكرية والمادية المتطورة اللازمة لتطوير الإمكانيات المتعلقة بالهيدروجين.

تضارب المصالح

ليست الإمارات الدولة الوحيدة التي تطمح للحصول على مكان بارز في سوق الهيدروجين العالمي الناشئ، ومن بين العديد من المنافسين الأجانب المحتملين للإمارات، هناك دولتان تستحقان اهتماما خاصا؛ وهما السعودية وروسيا.

ففي حين أن كليهما تعتمدان اعتمادا كبيرا على تصدير الطاقة، فإن الاستراتيجيات المناهضة للوقود الحفري في كل من الاتحاد الأوروبي ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ ستتسبب في جعل موسكو والرياض تدخلان تغييرات على استراتيجية التصدير المتعلقة بالهيدروكربونات.

كما أن البلدين لديهما خطط طموحة للغاية، حيث تطمح كل منهما إلى تصدُّر أكبر منتجي الهيدروجين في العالم.

ومع ذلك، فإن مواقف السعودية وروسيا تختلف بشأن الإمارات في هذا الصدد إلى حد ما. ووفقا لبعض المصادر، فإن المبادرات الإماراتية المتعلقة بالهيدروجين أزعجت الرياض، التي ترى الهيدروجين كساحة تنافس إضافية بينهما.

ومن كلمات وأفعال مسؤولي "أرامكو"، يبدو أن السعوديين يرون أنفسهم باعتبارهم لاعب الخليج الرائد في عالم إنتاج الهيدروجين واستغلاله التجاري، وهكذا يعد تضارب المصالح الإماراتية والسعودية مسألة وقت فحسب.

ومع إن روسيا أشارت بحزم إلى طموحاتها بأن تصبح واحدة من أكبر منتجي ومصدري الهيدروجين في العالم، إلا أن موسكو تختلف عن الرياض في كونها اختارت التعاون مع أبوظبي.

ففي فبراير/شباط 2021، أنشأت روسيا تواصلًا مع الإمارات خلال منتدى "IDEX-2021" بمشاركة وزير الصناعة والتجارة الروسي "دينيس مانتوروف". وبعد ذلك، وافق الطرفان على إنشاء فريق عمل مشترك فيما يتعلق بالتعاون في مجال الهيدروجين، وتعهد كلا الطرفين بـ"تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون" في هذا المجال.

وتعد دوافع روسيا للتعاون مع الإمارات واضحة؛ ففي حين تطمح الإمارات للاعتماد بشكل أساسي على إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر (توظيف التحليل الكهربي لتقسيم المياه إلى الهيدروجين والأكسجين)، فإن روسيا تطمح لإنتاج كل من الهيدروجين الأخضر والأزرق (يتطلب إنتاجهما استخدام الغاز الطبيعي)، مما يتيح لها الاستمرار في استخدام موارد الغاز الطبيعية والطاقة النووية الشاسعة لإنتاج الهيدروجين، وبالتالي فإن كلا النهجين غير متنافسين.

لهذا تعقد روسيا آمالًا خاصة على شركتيها "غازبروم" (عملاقة الغاز الطبيعي) و"روساتوم" (شركة الطاقة الذرية الحكومية) باعتبارهما المحركتان لصناعة الهيدروجين المحلية.

وبالرغم أن الإمارات لديها إمكانات كبيرة فيما يتعلق بإنتاج وتصدير الهيدروجين الذي يطلق عليه "وقود المستقبل"، لكن تنتظرها عقبتان رئيسيتان.

تتمثل العقبة الأولى في السعودية، التي يحتمل أن تكون أقوى منافس إقليمي للإمارات في الأسواق الآسيوية والأوروبية، وهي المناطق التي حددها "سلطان أحمد الجابر"، الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك" ورئيس مجلس إدارة "مصدر"، باعتبارها أولويات الإمارات.

كما أن الرياض لن تكون المنافس المحتمل الوحيد الذي تواجهه الإمارات؛ حيث أعلنت عُمان ومصر بالفعل عن خططهما فيما يتعلق بإنتاج الهيدروجين وتطوير إمكانات التصدير. وعلى الرغم من عدم اصطدام مصالحهم حاليًا، فقد يتغير هذا الوضع في المستقبل.

أما العقبة الثانية فتتعلق بروسيا، فبالرغم أنها تطور الآن علاقات وثيقة مع الإمارات في مجال الهيدروجين، إلا إنه قد تحدث بعض التغييرات في المستقبل.

وعلى وجه التحديد، يشير المفهوم الذي اعتمدته روسيا مؤخرا لتنمية الطاقة الهيدروجينية إلى اهتمام روسيا بتطوير القدرات الهيدروجينية منخفضة الكربون (بالنظر إلى ضريبة الحدود الكربونية الخاصة بالاتحاد الأوروبي) مما قد يؤدي إلى تعارض المصالح الروسية والإماراتية في المستقبل.

المصدر | سيرجي سوخانكين - منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا الإمارات الهيدروجين الأخضر الهيدروجين الأزرق ما بعد النفط الطاقة المتجددة السعودية

الهيدروجين يثير شهية الخليج الباحث عن بديل للنفط

السيادي السعودي يوقع اتفاقية مع شركتين كوريتين لإنتاج الهيدروجين الأخضر

اتفاق مبدئي بين إسرائيل والإمارات لإنتاج الهيدروجين

الإمارات تتفق مع شركات هولندية على تصدير الهيدروجين الأخضر لأوروبا