استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«أمة من المهاجرين»

الاثنين 30 أغسطس 2021 11:01 ص

«أمة من المهاجرين»

صُناع السياسة الخارجية الأمريكية يأتون من نخبة سياسية مغلقة ذات سمات خاصة والانضمام لها له شروط من لا يقبلها مصيره الإقصاء.

أمة من المهاجرين يُفترض أنهم يعرفون جيدًا المجتمعات التى جاءوا منها تنتج سياسة خارجية تعبر عن جهل فاضح بالمجتمعات وصلف تجاهها أحيانا أخرى.

تمت مأسسة السياسات الخارجية أي أن ثقافة المؤسسات السياسية المختلفة وأنماط تفكيرها صارت تعيد إنتاج السياسة نفسها بغض النظر عن تغير الوجوه القيادية.

أغلب صناع السياسة بيض تخرجوا من جامعات النخبة ويعيشون مستويات اجتماعية متماثلة ويدورون فى ذات الدوائر الاجتماعية ويتم تنشئتهم ثقافيا على أنماط فكرية بعينها.

*     *     *

منذ عشر سنوات تقريبًا، حضرت مؤتمرًا علميًا عن الولايات المتحدة الأمريكية شارك فيه أكاديميون من أنحاء العالم ينتمون لفروع العلم المختلفة ومتخصصون فى الشأن الأمريكى، كلٌّ فى مجاله. وفى إحدى الجلسات، التى كانت موضوعاتها فى الأدب الأمريكى، تطرق النقاش للعلاقة بين الأدب والسياسة الخارجية الأمريكية!

فقال أكاديمى سويسرى متخصص فى الأدب الأمريكى إنه من «عجائب الحالة الأمريكية» أن الولايات المتحدة، التى تفخر بأنها أمة من المهاجرين، «يُفترض أنهم يعرفون جيدًا المجتمعات التى جاءوا منها، هى نفسها التى تنتج سياسة خارجية تعبر أحيانًا عن جهل فاضح بطبيعة تلك المجتمعات بل وعن صلف تجاهها فى أحيان أخرى». كان التعجب يحمل فى طياته سؤالًا عن ذلك التناقض.

وهو السؤال الذى تكمن إجابته فى عملية صنع السياسة لا ما ينتج عنها من سياسات. فصُناع السياسة الخارجية الأمريكية يأتون من نخبة سياسية مغلقة ذات سمات خاصة والانضمام لها له شروط، ومصير من لا يقبلها الإقصاء.

فهم فى أغلبيتهم الساحقة من البيض الذين تخرجوا فى جامعات النخبة، مثل برنستون وييل وهارفارد، ويعيشون فى مستويات اجتماعية متماثلة ويدورون هم وعائلاتهم فى الدوائر الاجتماعية ذاتها. ويتم تنشئتهم وتدريبهم، من الناحية الثقافية قبل السياسية، على أنماط فكرية بعينها.

أما أبناء الأقليات، الأعضاء فى تلك النخبة، فهم قلة محدودة ولكنهم ينتمون، كل فى جماعته، للنخبة والطبقة السياسية ذاتها، باستثناءات نادرة.

انظر مثلا لكوندوليزا رايس، ذات الأصول الإفريقية، مستشارة الأمن القومى ثم وزيرة خارجية فى عهد بوش الابن، فلن تجد فارقًا بينها وبين باقى وزراء الخارجية الأمريكيين، سواء فى التنشئة أو الذهنية والخطاب السياسى، اللهم إلا الفارق بين الجمهوريين والديمقراطيين. أما من لا يأتى أصلًا من تلك النخبة فإن بوابة المرور مفتوحة أمامه بشرط الانصهار الفكرى فى المنظومة الفكرية لتلك النخبة.

فانظر مثلًا، للسيناتور ماركو روبيو، ذى الأصول الكوبية، الذى رشح نفسه للرئاسة فى انتخابات 2016. فرغم أنه أتى من أصول بسيطة إلا أنه انصهر تمامًا فى تلك المنظومة.

ولماذا نذهب بعيدًا؟ فباراك أوباما، أول رئيس أسود، لم يعبر بحال عن الجماعة السوداء، وكثيرًا ما مثلت سياسته الخارجية امتدادًا لسياسات بوش الابن.

لكن تلك النخبة لا تصنع السياسة الخارجية وحدها، إذ هى خاضعة دومًا لضغوط جماعات اللوبى المعنية بالسياسة الخارجية، خصوصًا التى لها كتلة انتخابية صلبة وتمول الانتخابات بأموال طائلة. فقبل عقود، مارس لوبى كوبا دورًا هائلًا فى صنع السياسة تجاه كوبا.

والشىء نفسه يصدق على لوبى إسرائيل ولوبى أرمينيا وغيرهما، فضلًا عن عشرات التنظيمات ذات الطابع الدينى التى تدعم سياسات خارجية من منطلق دينى وأخرى حقوقية معنية بالسياسة الخارجية من تلك الزاوية.

ولا يقل أهمية عن ذلك كله أن تلك السياسات الخارجية قد تمت مأسستها، بمعنى أن ثقافة المؤسسات السياسية المختلفة وأنماط تفكيرها صارت تعيد إنتاج السياسة نفسها بغض النظر عن تغير الوجوه القيادية.

تذكرت مداخلة زميلى السويسرى وأنا أتابع المعركة الشرسة التى هزمت التقدمية السوداء نينا تيرنر التى ترشحت لمقعد لمجلس النواب بولاية أوهايو. فالنخبة السياسية فى حزبها لا الحزب المنافس، من البيض وغير البيض بالمناسبة، وقفت ضدها علنًا، جنبًا لجنب مع لوبى إسرائيل.

ذلك لأن فوزها كان يعنى انضمامها لما صار يُعرف داخل الكونغرس «بالكتيبة»، وهى مجموعة من النائبات من غير البيض اللائى تمثل مواقفهن نقدًا صارخًا للسياسات الداخلية والخارجية التى تتبناها تلك النخبة.

* د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

  كلمات مفتاحية

أمة من المهاجرين، الولايات المتحدة، السياسة الخارجية الأمريكية، نخبة سياسية،